الوثيقة | مشاهدة الموضوع - بازار تركي على حدود إسرائيل
تغيير حجم الخط     

بازار تركي على حدود إسرائيل

مشاركة » الثلاثاء نوفمبر 18, 2025 7:50 pm

6.jpg
 
شهدت منظومة العلاقات بين إسرائيل وتركيا أياماً جميلة من التعاون الاقتصادي والسياحي وحتى الأمني، بما في ذلك في عهد حكم اردوغان الذي تسلم الحكم في العام 2002. أحداث مرمرة في 2010 كانت خط الفصل في تدهور العلاقات، واستمر هذا بإغلاق سفارة إسرائيل في تركيا (رغم أن تلك التي في إسرائيل، لشدة العجب، تواصل العمل، فمشوق أن نعرف أي مصالح تعمل عليها)، وعقوبات تجارية واقتصادية، ووقف مظاهر التعاون الأمني بين الدولتين، وإلى جانب كل هذا تصعيد شديد في خطاب أنقرة ضد إسرائيل، والذي يتصدره اردوغان بشكل شخصي. اردوغان وحزبه، حزب العدالة والتنمية، ذو الطابع الإسلامي المحافظ، تطرفا مع مرور السنين بعناصر الدين في قوانين وأنظمة تركيا. لم يخفِ اردوغان الهوية الإسلامية، والقومية التركية، والرغبة في علاقات أوثق مع العالم العربي، ومصالحه الإقليمية. عندما تكون هذه نقطة البداية، واضح أن منظومة العلاقات مع إسرائيل تكون في مسار صدام مباشر.

لشدة المفاجأة، في العام 2022 دون أي إعداد مسبق ومع زيارة الرئيس هرتسوغ إلى أنقرة، بدا أن العلاقات تعود إلى خطوط سير سليمة. فقد كانت لتركيا مصلحة في الغاز الطبيعي والاقتصاد المستقر، وكانت لإسرائيل الأسباب السياسية – الأمنية لمنع تموضع محافل إيرانية في إسطنبول. لكن 7 أكتوبر وحرب “السيوف الحديدية” أعادتا العلاقات إلى العام 2010.

تقرب خطير من الولايات المتحدة

منذ بداية الحرب واردوغان يدعي جرائم حرب ترتكبها إسرائيل في غزة. الرحلات الجوية بين الدولتين علقت، وشركة الطيران الوطنية التركية، وهي إحدى كبرى وأهم الشركات في أوروبا، أوقفت رحلاتها الجوية إلى إسرائيل. وقيدت تركيا مرة أخرى تصدير منتجات حيوية لإسرائيل، وأصبح التراشق اللفظي بين الطرفين أمراً اعتيادياً.

شاهدت تركيا التغيير الجاري في الشرق الأوسط وأساساً ما تلقته الدولة التي كانت تعتبر إحدى القوى العظمى الإقليمية، إيران، تتلقى ضربات قاسية سواء في أراضيها أم في فروعها في المنطقة. وشخصت هذا كنقطة مناسبة للاستيلاء على مكان ونفوذ إيران في الشرق الأوسط. مع ثورة الشرع، حاولت تركيا الاستيلاء على معاقل عسكرية في الأراضي السورية، المحاولة التي أدت إلى عمل إسرائيل وسلاح جوها للهجوم على القاعدة في T4 حيث قوات تركية أيضاً. هذه العملية نجحت، لكن هذا لم يمنع تركيا من أن تصبح سيدة الرئيس السوري الجديد. والدليل: قبل نحو أسبوع، رافق زيارة الرئيس السوري إلى البيت الأبيض “المربي” الملاصق، وزير الخارجية التركي، وهذه سابقة لم تر تقريباً في زيارات رؤساء الدول.

وهذا لا يشهد فقط على تقرب بين تركيا وسوريا، بل على تقرب أخطر من ناحية إسرائيل بين الولايات المتحدة وتركيا. فقد أصبح اردوغان الصديق المقرب والطيب لترامب، والأخير يحرص على انضمام اردوغان وتركيا إلى كل حدث ومسيرة في الشرق الأوسط. مثل إعلان اتفاق وقف الحرب في غزة، وإعلان القاهرة، هكذا أيضاً المسألة الفلسطينية في غزة التي تتطابق وأيديولوجيا اردوغان وخطابه.

عملياً، أدخل الرئيس الأمريكي تركيا واردوغان إلى حدود إسرائيل بشكل ليس لإسرائيل الكثير مما تقوله أو تفعله.

لا في غزة ولا في سوريا

إن استمرار التقرب الأمريكي والتركي وتوسيع سيطرة اردوغان في منطقتنا (سوريا وغزة) بما في ذلك صفقات سلاح ذات مغزى وبينها توريد طائرات الشبح F35 لتركيا، ستساعد في تثبيت أنقرة بمكانة لاعب أساس في الشرق الأوسط وتحقيق تطلعات تركيا في الهيمنة على العالم العربي والإسلامي. ربما نشهد (من السابق لأوانه ان نعرف بعد) تبادل أجيال وسيطرة بين إيران وتركيا في المنطقة رغم أن إيران لن تتنازل بهذه السرعة.

على إسرائيل أن تفعل كل شيء لمنع الجيش التركي من تثبيت سيطرته في المنطقة، لا كقوة سلام في غزة ولا كسيد في سوريا. للولايات المتحدة دور مهم في ذلك، وهذه هي القناة التي ينبغي لإسرائيل العمل فيها لتحقيق الهدف.

حتى حينه، من المجدي التقليل من التصريحات الحماسية (“اردوغان سيرى غزة بالناظور”) والعمل بدبلوماسية حكيمة مع أعمال من تحت الرادار من أجل الحفاظ على مصالح إسرائيل.

تركيا، عضو في الناتو مع جيش أكثر تطوراً وحجماً من جيش إيران، ربما تضع أمام إسرائيل تحديات مركبة بقدر لا يقل. ليس هذا هو زمن فتح ساحة جديدة، وينبغي عمل كل شيء كي لا نتدهور إلى هناك. ربما، من يدري، فقد يعيد التقرب بين تركيا والولايات المتحدة السياح الإسرائيليين لتناول البقلاوة في إسطنبول.

إسرائيل اليوم 18/11/2025
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى تقارير