الوثيقة | مشاهدة الموضوع - الانتخابات العراقية السادسة.. بين غياب المراقبة الدولية وتفاقم المفارقات
تغيير حجم الخط     

الانتخابات العراقية السادسة.. بين غياب المراقبة الدولية وتفاقم المفارقات

مشاركة » السبت نوفمبر 08, 2025 3:12 am

لم تبق سوى أيام على إجراء الانتخابات التشريعية، التي ستنتج الدورة النيابية السادسة في العراق، لكن هذه الممارسة الديمقراطية تشوبها الكثير من المفارقات والإشكاليات، حيث تراجعت واحدة من أهم الأدوات التي تضفي المصداقية والتقويم في نفس الوقت، وهي “المراقبة”.

ومع كل انتخابات يثار جدل حول الفرق بين المصطلحين “الرقابة” و”المراقبة”، والاول هو يعني التدخل الصريح بالعملية الانتخابية وتكون عادة في بلدان دون حكومة أو فاقدة لادواتها التشريعية، والمراقبة، فهي متابعة العملية الانتخابية دون وجود حق بتقديم شكوى، ويتم الأمر عبر رفع المنظمات المراقبة تقاريرها للجهات التي تعمل لديها، ومن ثم تدرسها مفوضية الانتخابات بالعراق.

وفيما يخص هذه الانتخابات، فإن مستوى المراقبة فيها هو الأدنى مقارنة بالانتخابات التي شهدها العراق بعد العام 2003، حيث غابت وفود الاتحاد الأوروبي والمنظمات العربية والدولية الأخرى، واقتصر الأمر على تحالف شبكات المراقبة الممثل للاتحاد الأوروبي، ويضم 3 منظمات هي “عين وتموز وشمس”، بحسب مراقبين.

في حين، شهدت انتخابات 2021، وصول عشرات الوفود الدولية والعربية، منذ بدء عملية المحاكاة التي تجريها المفوضية قبل كل انتخابات واستمرت بعملها حتى يوم الاقتراع، ومن أبرزها بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات، وقد صرحت رئيستها في حينها فيولا فون كرامون، أن “البعثة ستقوم بالمراقبة وليس التدخل”.

كما أصدرت وزارة الخارجية العراقية، بيانا منتصف العام 2021، أعلنت فيه آنذاك، موافقة مجلس الأمن الدولي على إرسال فريق أممي لمراقبة الانتخابات في العراق، بناء على طلب العراق.

وكانت مجموعة الدول السبع (G7)، أعلنت في تلك الانتخابات التشريعية الماضية، عن تأييدها للمراقبة الأممية للانتخابات التشريعية، وهذا إلى جانب فريق وصل العراق في حينها، من قبل جامعة الدول العربية، واشترك بمراقبة الانتخابات.

وبالانتقال إلى تحالف شبكات المراقبة، قالت المنسقة في مركز المعلومة للبحث والتطوير، وهو أحد أعضاء التحالف، زينب شبر، إن “مركزنا تم رفض اعتماده من قبل المفوضية لغرض المراقبة، فهو مركز عربي، وكان السبب هو عدم تسجيله في العراق بدائرة المنظمات، وقد استغربنا هذا القرار وأن أغلب المنظمات العربية والدولية للمراقبة لم تقبل بسبب هذا الشرط”.

وأضافت: “نحن في التحالف – وهو جهة تم اعتمادها من قبل المفوضية – قد حضرنا عمليات المحاكاة التي نفذتها المفوضية، وفي حينها كان التمثيل الدولي غائبا بالكامل، حيث ان التحالف يعتبر ممثلا للاتحاد الأوروبي”، مبينة أن “الاتحاد الأوروبي اتجه إلى سوريا وغزة وغيرها من المناطق، وتراجع نشاطه كثيرا في العراق وأوقف تمويل العديد من المنظمات، بالتالي لا يوجد له حضور قوي في هذه الانتخابات”.

وعن الانتخابات السابقة، أكدت شبر بالقول: “شهدت حضوراً دولياً وعربياً كبيراً، وقد وصلت وفود تم تأمينها منذ مرحلة المحاكاة، على عكس هذه الانتخابات، وأيضا انتخابات مجالس المحافظات المحلية، فهي الاخرى لم تشهد أي حضور او مراقبة دولية”.

وبحسب المنسقة، فإن “عملية تسجيل المنظمات في العراق تتطلب شهورا طويلة”، لافتة إلى أن “المنظمات الدولية والعربية غير ملزمة بالتسجيل، حيث يكفي صدور أوراق رسمية من قبل سفارة بلادها”.

مراقبة “منقوصة”

وبات مفهوم المراقبة في العراق، مرتبطا ببدء العملية الانتخابية وخاصة يوم الاقتراع، في حين أنه من المفترض ان تبدأ المراقبة بمرحلة كتابة وتشريع قانون الانتخابات والتصويت عليه.

ومن بين التجارب العربية التي استعرضها نائب رئيس مفوضية الانتخابات العراقية الأسبق، سعد الراوي، التجربة التونسية، التي كان مشاركا فيها شخصيا، والتي طرحت قانون الانتخابات بشكل علني بموقع مجلس النواب التونسي الإلكتروني، حيث كتب عن مسودة القانون الانتخابي عدة صفحات، وتمت دعوته عندما عقدت ورشة متخصصة لمناقشة القانون الانتخابي وتعديلاته.

وقال الراوي في حديثه للوكالة، إن “المراقبة موجودة في كل البلدان العربية، لكنها لا ترتقي للمراقبة المهنية وفق المعايير الدولية للانتخابات”.

وأكمل: “لكن لو عدنا للأحزاب العراقية، فقد نجد معظمها لا تمتلك من الأساس نسخة من قانون الانتخابات، وليس لديهم مكتب انتخابي متخصص إلا بعض الأحزاب المعدودة”، مبينا أن “القانون في العراق يمر تشريعه وتعديلاته عبر الفاعل السياسي فقط”.

وأشار الراوي، إلى العديد من الإشكالات حول قانون الانتخابات المعتمد، بداية من عنوانه الذي يوضح (هل هو قانون رقم 12 لسنة 2018 المعدل، أم قانون 4 لسنة 2023 المعدل؟)، كاشفا في الوقت ذاته، عن “تقرير أعدته بعثة الاتحاد الأوروبي، التي حضرت لمراقبة انتخابات 2021، مكون من 90 صفحة، وفيها 21 إشكالية قدمت للمفوضية، ولا نعلم هل تم الأخذ بها أم لا”.

“الرد الرسمي”

وبناءً على ما تقدم، أوضحت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، على لسان عضو فريقها الإعلامي، حسن الزاير، أن “شرط تسجيل المنظمة في العراق والحصول على شهادة من دائرة منظمات المجتمع المدني هو شرط قديم ومثبت، وتم العمل به في جميع الانتخابات السابقة”.

وأكد الزاير أنه “يشترط على منظمة المراقبة، الحصول على شهادة جديدة من الدائرة، في عام الانتخابات، لتؤكد أنها مستمرة بالعمل، نظرا لإيقاف دائرة المنظمات غير الحكومية آلاف المنظمات بسبب توقف نشاطها”، موضحا أن “الدائرة زودتهم بقاعدة بيانات لكل المنظمات العاملة لكي يقاطعوا المعلومات معها”.

وفيما يخص التمثيل الدولي، فإن الوفود موجودة بحسب الزاير، وأنها “تعقد اجتماعات مستمرة مع المفوضية، سواء من الجامعة العربية أو الاتحاد الأوروبي أو الأمم المتحدة”، فيما أقر بوجود “ضعف في التغطية الإعلامية لنشاط وفود المراقبة”.

وأختتم حديثه بالقول: “إن البعثات الدولية التي تصل لمراقبة الانتخابات، يكون تخويلها من مجلس الأمن الوطني، وتمنح هويات للتحرك، ولا يشترط عليها تسجيل منظمة، لكونها ترتبط بجهات أممية ودولية”.

وبلغ عدد الممثلين عن المنظمات الدولية لمراقبة الانتخابات، أكثر من 300 فرد، بحسب الزاير، فضلا عن أكثر من 1000 منظمة محلية لديها شهادة من دائرة المنظمات غير الحكومية، أما مراقبو الاحزاب الذين يُطلق عليهم تسمية (وكيل حزب)، والمنظمات المسجلة بمعزل عنهم”.

وعند البحث في موقع مفوضية الانتخابات الرسمي، فإن ما نشر حول تسجيل المراقبين، يعود لانتخابات عام 2021، ولم يتم تحديث البيانات عبر دليل إرشادي جديد لهذه الانتخابات حتى الآن.

ومن المفارقات البارزة في هذه الانتخابات، تسجيل أكبر عدد من المستبعدين من الترشح حتى الآن، إذ بلغ عددهم نحو 800 مرشح، في وقت تحقق فيه رقم قياسي بعدد المرشحين الكلي الذي وصل إلى نحو 8 آلاف مرشح.

وبالمقارنة، فقد بلغ عدد المستبعدين في انتخابات عام 2021 نحو 365 مرشحا فقط من أصل 3227 مرشحًا.

كما تشهد هذه الانتخابات ولأول مرة إلغاء استخدام الحبر الانتخابي الذي يوضع على إصبع الناخب، وهو الإجراء الذي طبِّق في جميع الانتخابات السابقة، بما فيها انتخابات مجالس المحافظات.

وتجري الانتخابات بمشاركة رؤساء السلطات الثلاث في العاصمة بغداد، وجميعهم يحملون الرقم (1) على قوائمهم الانتخابية، في ظاهرة غير مسبوقة أثارت تفاعلًا واسعًا عبر وسائل التواصل الاجتماعي تحت وسم #واحد_بغداد، في خطوة تعكس حدة التنافس على مقاعد العاصمة وسعي القوائم الكبرى للفوز بأكبر عدد منها.
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى المقالات