دمشق ـ «القدس العربي»: بدأت قوات سوريا الديمقراطية (قسد) خطوات عملية لدمج قادتها العسكريين ضمن الجيش السوري، بعد أن سلّمت إلى «التحالف الدولي» قائمة تضم أسماء نحو سبعين قياديا بارزا، من بينهم ضباط شاركوا في معارك الرقة ودير الزور والبادية ضد تنظيم «الدولة الإسلامية»
وتشمل القائمة أيضاً ممثلين مقترحين لتولي مناصب في وزارة الدفاع وقيادة الأركان السورية.
يجري ذلك بينما قالت مصادر عسكرية مسؤولة إن فصيل «جيش سوريا الحرة» المدعوم أمريكيا والموجود ضمن قاعدة التنف العسكرية في منطقة الـ»55» اندمج رسميا ضمن صفوف مديرية «أمن البادية» التابعة لوزارة الداخلية، للقيام بمهام ضبط الأمن في البادية، بعد أن كان مرتبطا بالفرقة 70 التابعة لوزارة الدفاع، إذ يتخذ الفصيل من قاعدة التنف العسكرية مركز قيادة، ويعمل بالتنسيق مع قوات «التحالف الدولي»، ما يمنحه دورا استراتيجيا في مراقبة الحدود والسيطرة على الممرات الحيوية.
مصادر إعلامية تابعة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» قالت إن «قسد» سلمت إلى التحالف قائمة مفصلة بأسماء قادة الفرق العسكرية والكوادر الميدانية التي من المقرر أن تندمج ضمن الجيش السوري وهيكليته الجديدة، وتشمل القائمة أيضاً ممثلي «قسد» المقترحين لتولي مناصب داخل وزارة الدفاع وقيادة الأركان السورية.
ووفقا للمصدر، فإن القائمة تتضمن أسماء نحو سبعين قيادياً بارزاً من «قسد»، معظمهم من الضباط الميدانيين الذين شاركوا بفعالية في الحرب ضد تنظيم الدولة، وكان لهم دور رئيسي في معارك تحرير الرقة ودير الزور والبادية السورية، مشيرا إلى أن الوثيقة المقدمة إلى التحالف وإلى الجهات السورية الرسمية تتضمن أسماء قادة ثلاث فرق عسكرية سيتم دمجها بشكل مباشر ضمن الجيش السوري، بحيث تتمركز الفرقة الأولى في منطقة الجزيرة السورية، بينما تنتشر الفرقة الثانية في منطقة الفرات، أما الفرقة الثالثة فستتخذ من دير الزور مركزا لها.
كما تشير المعلومات إلى أن القائمة تضم أيضاً أسماء قادة لثلاثة ألوية خاصة سيتم ربطها تنظيمياً بقيادة الأركان السورية، على أن تضم قيادة هذه الألوية نسبة تُقدّر بنحو 30 ٪ من الضباط والقادة المنحدرين من صفوف «قسد». ووفقاً للمصادر ذاتها، فإن أحد هذه الألوية سيُكلف بمهام مكافحة الإرهاب وسيعمل بالتنسيق المباشر مع قوات التحالف الدولي المنتشرة في مناطق متفرقة من الأراضي السورية، في إطار عمليات ميدانية مشتركة تهدف إلى ملاحقة خلايا التنظيم المتبقية وضمان الاستقرار الأمني.
وأكد مصدر غربي مطّلع لوكالة «نورث برس» صحة الأنباء المتعلقة بتسليم «قسد» القائمة للجانب الدولي، مضيفاً أن هذه الخطوة تمثل «مرحلة متقدمة من عملية الدمج».
وقال: «نأمل أن يتم الاندماج قريباً بما يحقق الاستقرار في سوريا ويحافظ على الخبرات العسكرية التي اكتسبتها «قسد» خلال سنوات الحرب على الإرهاب».
خلافات جوهرية
وتعقيبا على التسريبات حول الاتفاق بين الحكومة السورية و«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) لدمج الأخيرة ضمن قوات وزارة الدفاع، قال محمد موسى محمد الأمين العام للحزب اليساري الكردي في سوريا لـ «القدس العربي» إن مسألة دمج (قسد) في الجيش السوري تواجه خلافات جوهرية».
وأوضح أن «قسد» تعد قوة منظمة تتبع للإدارة الذاتية الديمقراطية في مناطق شمال شرق سوريا، وأن الخلاف يتمحور حول آلية الدمج، إذ تصر الحكومة الانتقالية على أن يتم دمج عناصر «قسد» بشكل فردي ضمن صفوف مقاتليها، بينما تؤكد «قسد» أنها لا تمانع الانضمام ولكن على شكل كتل وفرق وفيالق، وهو ما يشكل جوهر الخلاف بين الطرفين.
تسريب غير مؤكد
وأضاف موسى أن ما يتداول حاليا حول وجود اتفاق شفهي بين الجانبين لا يعدو كونه تسريبا غير مؤكد، مشيرا إلى أن الاتفاقات الشفهية في مثل هذه القضايا تُعتبر كأنها لم تكن، لعدم وجود أي تأكيد رسمي من قبل الحكومة الانتقالية أو من قيادة «قسد».
وشدد على أنه حتى الآن لم يعلن أي طرف أن العملية قد تمت أو أن اتفاقا نهائيا قد أُبرم، مؤكدا أن كل ما يُنشر في هذا السياق مجرد تسريبات لا يمكن اعتبارها دليلاً على وجود اتفاق حقيقي.
قائمة أسماء تضم سبعين ضابطاً سلّمت إلى «التحالف الدولي»
وفي العاشر من تشرين الأول/أكتوبر الجاري، كان مظلوم عبدي، القائد العام لـ«قوات سوريا الديمقراطية»، قد صرّح بمناسبة الذكرى العاشرة لتأسيس قواته، أن «قسد» ستكون جزءاً أساسياً وفاعلاً من الجيش السوري قيد التأسيس، مشيراً إلى أن وحدات مكافحة الإرهاب التابعة لـ«قسد» ستواصل عملها ضمن إطار وطني شامل يشمل جميع الأراضي السورية، وبالتنسيق الكامل مع الوحدات الأخرى في الجيش.
كما شهد يوم الثالث عشر من الشهر نفسه وصول وفد عسكري رفيع من «قسد» إلى العاصمة دمشق لبحث الخطوات العملية لعملية الاندماج ضمن المؤسسة العسكرية السورية.
وأوضح سيبان حمو، عضو القيادة العامة لقسد وعضو اللجنة العسكرية المكلفة بالتنسيق مع وزارة الدفاع السورية، أن الوفد توصل إلى تفاهمات شفهية مبدئية حول أسس التعاون العسكري المستقبلي، لكنه أكد في الوقت ذاته عدم توقيع أي اتفاق رسمي حتى الآن، مشيراً إلى أن المفاوضات ما زالت في إطار النقاشات الأولية بانتظار التفاهم على تفاصيل تنظيمية وسياسية أكثر دقة.
وفي تموز/ يوليو الماضي، قال المبعوث الأمريكي إلى سوريا توماس براك، إن «قوات سوريا الديمقراطية شريك مهم للحكومة الأمريكية وقاتلت ضد «داعش» ونحترمها كثيراً وهي قادرة على الاندماج بسوريا والانضمام لجيشها».
فصائل البادية
في موازاة ذلك، قالت مصادر عسكرية مسؤولة لـ «نورث برس» المقرب من «قسد» إن فصيل «جيش سوريا الحرة» المدعوم أمريكيا والموجود ضمن قاعدة التنف العسكرية في منطقة الـ»55» اندمج ضمن صفوف مديرية «أمن البادية» التابعة لوزارة الداخلية السورية.
وحسب مصادر متطابقة فإن «جيش سوريا الحرة» سيباشر مهامه في ضبط الأمن ومراقبة الوضع الأمني في البادية السورية، في خطوة اعتبرها مراقبون مهمة ضمن جهود دمشق في إعادة تنظيم الفصائل العسكرية خاصة في مناطق شرق سوريا.
وأوضح المصدر أن الفصيل سيعمل بشكل رئيسي ضمن مديرية التنف، بعد أن كان قد التحق في وقت سابق بـ الفرقة 70 التابعة لوزارة الدفاع السورية، في إطار ترتيبات جديدة لإعادة توزيع القوى العسكرية التابعة للفصائل المدعومة دوليا.
وحول طبيعة التنسيق مع التحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) أكد مصدر مطلع لوكالة «نروث برس» أن التعاون مستمر بشكل كامل، مشيرا إلى أن عملية الاندماج ضمن وزارة الداخلية لن تؤثر على عمليات الفصيل العسكرية أو على التنسيق الميداني مع قوات التحالف الدولي في المنطقة، بما في ذلك المهام المتعلقة بملاحقة خلايا التنظيم المتبقية في البادية السورية.
ولم يقدم المصدر أي توضيحات إضافية حول أسباب انتقال الفصيل من التبعية السابقة لوزارة الدفاع إلى وزارة الداخلية، وهو ما يبقي تفاصيل هذه الخطوة مفتوحة للتأويل والتحليل من قبل المراقبين العسكريين والسياسيين.
ويُعرف أن فصيل «جيش سوريا الحرة» يتخذ من قاعدة التنف العسكرية في منطقة الـ «55» عند المثلث الحدودي بين الأردن والعراق وسوريا في ريف حمص الشرقي مركزاً لقيادته، وتضم القاعدة حالياً عناصر من قوات التحالف الدولي، ما يمنحها أهمية استراتيجية كبيرة من حيث التحكم بالطرق البرية ومراقبة الحدود.
ويقود الفصيل في الوقت الحالي المقدم أحمد عبد الكريم التامر، بعد أن كان القائد السابق سالم العنتري قد شارك مؤخراً في «مؤتمر النصر» كممثل رسمي للفصيل، في إطار مشاركة الفصيل في الفعاليات العسكرية والسياسية ضمن مناطق سيطرته.