لندن ـ «القدس العربي»: تواجه الكثير من الوظائف خطر الذوبان قريباً بسبب ظهور الذكاء الاصطناعي واتجاه العديد من الشركات والأعمال للاعتماد عليه في تقديم الخدمات، فيما تمكنت أضخم وأشهر شركة عاملة في مجال إنتاج هذه التكنولوجيا من تحديد الوظائف التي يُمكن أن يطالها الضرر بسبب هذه التقنية.
وبحسب تقرير نشرته جريدة «دايلي ميل» البريطانية، واطلعت عليه «القدس العربي» فإن الشركة المنتجة لتطبيق «تشات جي بي تي»، وهو روبوت الدردشة الأشهر في العالم، أجرت بحثاً خلصت فيه إلى أن 44 وظيفة أصبحت اليوم مهددة بالاختفاء بسبب هذه التكنولوجيا.
وتقول شركة «OpenAI» التي تقف وراء اختراع «تشات جي بي تي» إن الذكاء الاصطناعي قد يستحوذ على وظيفتك، حيث خلصت في تقرير جديد إلى أن 44 وظيفة يُحتمل استبدالها بالذكاء الاصطناعي.
وباستخدام اختبار يُسمى «GDPval» قارن الباحثون أداء الذكاء الاصطناعي مع أداء متخصصين من أهم تسعة قطاعات مالية في الولايات المتحدة.
وفي هذا الاختبار، قام خبراء بشريون بتقييم المهام التي ينفذها الذكاء الاصطناعي ومحترف حقيقي من هذا المجال، وتحديد الأفضل. وتفوق أفضل ذكاء اصطناعي أداءً على الخبراء البشر بنسبة 47.6 في المئة في المتوسط، وكان معدل فوزه أعلى في بعض الوظائف.
وعند التنافس مع موظفي الطاولات والإيجارات، تفوق الذكاء الاصطناعي على المحترفين في 81 في المئة من الحالات. وتقول شركة أوبن إيه آي: «وجدنا أن أفضل نماذج الابتكارات المتاحة اليوم تقترب بالفعل من جودة العمل الذي يُنتجه خبراء الصناعة».
وتم تقييم كل مهنة من المهن الأربع والأربعين باستخدام الذكاء الاصطناعي بناءً على مجموعة من المهام المحددة التي قد يحتاج الشخص الذي يشغل هذا الدور إلى القيام بها.
وعلى سبيل المثال، طُلب من الممرضات المسجلات تقييم صور آفات الجلد وإنشاء تقرير استشاري.
ولم يكن المُقيّمون البشريون يعرفون أي المهام أنجزها إنسان وأيها أنجزها ذكاء اصطناعي؛ كان عليهم ببساطة اختيار ما يرونه الأفضل.
ثم تم جمع نجاحات الذكاء الاصطناعي وحساب متوسطها في «معدل الفوز»، الذي يقيس مدى جودة أداء روبوت المحادثة مقارنةً بالمحترفين البشريين الحقيقيين.
وتعترف «OpenAI» بأن هذا لا يُغطي النطاق الكامل للمهام المطلوبة لمعظم الوظائف، مشيرةً إلى أن «معظم الوظائف هي أكثر من مجرد مجموعة من المهام التي يمكن تدوينها».
ومع ذلك، تُجادل شركة التكنولوجيا العملاقة أيضاً بأن هذا الاختبار يُعدّ مقياساً موثوقاً لمدى تأثير الذكاء الاصطناعي على المهنيين في العالم الحقيقي.
ويُعد قطاع تجارة التجزئة القطاع الذي يتفوق فيه الذكاء الاصطناعي على البشر في أغلب الأحيان، حيث تتفوق بعض روبوتات الدردشة على المهنيين بنسبة 56 في المئة في المتوسط. يليه قطاع تجارة الجملة بفارق ضئيل، بنسبة نجاح بلغت 53 في المئة، ثم الوظائف الحكومية مثل مسؤولي الامتثال والعاملين الاجتماعيين، بنسبة نجاح بلغت 52 في المئة.
ويُعد قطاع المعلومات القطاع الأكثر أماناً، والذي يشمل المخرجين ومنتجي الأفلام والصحافيين، حيث لم يحقق حتى أفضل نموذج أداء سوى 39 في المئة من النجاحات.
ومع ذلك، كان أداء بعض المهن الفردية داخل هذه القطاعات أسوأ بكثير من المتوسط.
وبعد موظفي الاستقبال والتأجير، كان مديرو المبيعات ثاني أسوأ مهنة أداءً، حيث تفوقت عليهم بعض نماذج الذكاء الاصطناعي بنسبة 79 في المئة. وتفوق الذكاء الاصطناعي على موظفي الشحن والاستلام بنسبة 76 في المئة، بينما تفوقت الروبوتات المنافسة على المحررين بنسبة 75 في المئة.
وحتى بعض المهن التي يعتمد فيها الإنسان على نفسه قد تكون معرضة لخطر استبدالها بالذكاء الاصطناعي، حيث فشل المحققون والمحققون الخاصون في التفوق على الروبوتات بنسبة 70 في المئة.
ويختلف معدل نجاح الذكاء الاصطناعي اختلافاً كبيراً بين النماذج المختلفة، حيث تفوقت بعض روبوتات الدردشة في أنواع معينة من المهام.
وسبق أن صرّح سام ألتمان، من شركة «OpenAI»، بأنه قلقٌ بشأن احتمال فقدان الوظائف بسبب الذكاء الاصطناعي.
وبالمقارنة، حقق برنامج «GPT-4o» من «OpenAI»، الذي أُطلق قبل 15 شهراً فقط، معدل فوز بلغ 12.4 في المئة فقط.
وفي حديثه مع برنامج «ذا تاكر كارلسون شو» الشهر الماضي، قال ألتمان: «أنا واثق من أن الكثير من دعم العملاء الحالي الذي يتم عبر الهاتف أو الكمبيوتر، سيُؤدي إلى فقدان هؤلاء الأشخاص لوظائفهم، وسيكون الذكاء الاصطناعي أفضل في القيام بذلك». حتى إن ألتمان أشار إلى إمكانية أتمتة ما يصل إلى 40 في المئة من الوظائف بواسطة الذكاء الاصطناعي في مرحلة ما من المستقبل.
ومع ذلك، لا تُشير شركة «OpenAI» إلى أن هذه الدراسة تُشير إلى أن البشر سيبدأون قريباً بفقدان وظائفهم بسبب الذكاء الاصطناعي.
وبدلاً من ذلك، حاولت الشركة صياغة هذه النتائج على أنها تُظهر كيف يُمكن للذكاء الاصطناعي «دعم الناس في العمل الذي يقومون به يومياً».