بغداد/ تميم الحسن
ردّ زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر على أنباء محاولة اغتياله بالقول إن “التهديدات لا تخيفه”، مؤكداً أنه مستعد للتصعيد إذا أراد خصومه ذلك.
وزار الصدر مرقد والده المرجع محمد صادق الصدر في النجف، وذلك بعد ساعات من تداول معلومات عن نية استهدافه بالمرقد ذاته بواسطة طائرة مسيّرة.
ووصف ائتلاف دولة القانون، الذي يتزعمه نوري المالكي، ، تلك المعلومات بانها تهدف إلى “التسقيط الانتخابي”.
وكانت خلافات سابقة بين الطرفين قد أدت إلى حرق وإغلاق مقرات حزب الدعوة ودولة القانون في عدة محافظات، كان آخرها قبل الانتخابات المحلية نهاية 2023.
الصدر في موقع الاستهداف
وقال الصدر، في تدوينة على منصة “إكس” أمس، إن اعتزال تياره الانتخابات لأول مرة أدى إلى “تزايد المخاوف لدى المشاركين”، ودفع خصومه إلى توجيه سهامهم ضده.
وتوقع زعيم التيار حدوث تصعيد في الأيام التي تسبق الانتخابات من قبل “عشّاق السلطة ومحبّي الكراسي ومَن يسيل لعابهم للأموال والمناصب”.
وأضاف: “إن أردتم التصعيد، فأنتم تعلمون أنّا لها، ولن تخيفنا تهديداتكم ولن تضرّنا سهامكم.. فما هي إلا شقشقة تصدر ثم تتحوّل بعد إعلان النتائج إلى صراعات بينكم أنتم الذين اشتركتم بها”.
وزاد بالقول: “فلا يغرّكم بالله الغرور.. فلن تنفعكم أموالكم ولا مسيّراتكم.. التي قيل إنها تريد استهداف مرقد الشهيد الثاني قدّس سرّه الشريف كما في التسريبات الأخيرة التي وصلتنا.. لكن لن تفعلوا، فذلك مضرّ بوجودكم وأنتم تعلمون ذلك”.
وصباح أمس الأحد الماضي، نشر المكتب الإعلامي لزعيم التيار صورًا تُظهر الصدر وهو يترجّل من سيارته متجهًا لزيارة مرقد والده، مع عدد من مرافقيه، وسط حضور من الجمهور.
وتسببت الأنباء عن محاولة “اغتيال الصدر” في توتر بعد انتشار عناصر من سرايا السلام التابعة للتيار الصدري في شوارع المدن الجنوبية.
وانتشرت مقاطع فيديو عبر منصات التواصل الاجتماعي توثّق نزول حشود من أنصار التيار الصدري إلى الشوارع في مدن البصرة والناصرية وبغداد.
وكان الصدر قد توقع قبل انتخابات 2021 احتمال اغتياله أو مقتله، مما دفع حينها العشرات من أنصاره للتوافد إلى مقر إقامته في النجف للدفاع عنه وحمايته.
صاحب تسريبات المالكي
ويوم الأحد الماضي، حذر الصحفي علي فاضل في تسجيل مصوّر الصدرمن محاولة اغتيال بطائرة مسيّرة وقال « أردت تحذيرك من باب إنساني وأخلاقي…”.
وضجّت أوساط أنصار التيار الصدري وسادت تحذيرات واسعة من المخططات المزعومة لاستهداف زعيمهم، وسط دعوات لحماية الصدر ومقارّ التيار في النجف.
وعلى إثر ذلك، قال النائب عارف الحمامي عن دولة القانون إن “ليس من المصادفة أن تُنشر هذه المعلومات مع اقتراب الانتخابات”.
وأكّد الحمامي أن “هذه المعلومات الكاذبة تهدف إلى التسقيط الانتخابي وزرع الفتنة بين دولة القانون والتيار الصدري”.
واعتبر النائب في ائتلاف المالكي أن وراء هذه الإشاعات “عملاء ومندسين ومخابرات دول”، مشددًا على أن “زعيم التيار وأنصاره من العقلاء يعلمون أن ما يجري أكذوبة”.
والصحفي علي فاضل، الذي كشف عن معلومة الاغتيال الأخيرة، هو صاحب التسريبات الصوتية الشهيرة التي نُسبت إلى رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، والتي تضمنت حينها هجومًا على الصدر ووصفه بـ”الجاهل”، وكذلك على “الحشد الشعبي”.
وكان الصدر قد استنكر الاتهامات التي وجّهها المالكي في التسريبات المنسوبة إليه في 2022 خلال أزمة ما عُرف بـ”الثلث المعطّل”، وطالبه بالاعتكاف واعتزال العمل السياسي وتسليم نفسه للقضاء.
صخيل يتّهم الصهاينة
بدوره اعتبر ياسر صخيل، وهو نائب عن ائتلاف دولة القانون، أن تلك الأخبار وراءها جهات “مشبوهة” تحاول خلق الفتنة بينهم وبين زعيم التيار الصدري.
وقال في بيان: “مرّةً أخرى يُطلّ علينا المدعو علي فاضل بافتراءات وأباطيل، في محاولةٍ لخلق فتنةٍ جديدةٍ يستفيد منها مشغّلوه — الأعداء من الصهاينة وأتباعهم — لخلط الأوراق وزعزعة استقرار بلدنا وشعبنا، والتأثير في الاستحقاق الانتخابي القادم”.
وأدان صخيل “الأساليب الرخيصة التي تلجأ إليها جهات مشبوهة داخلية وخارجية بغرض استهداف السلم الأهلي والإساءة إلى الرموز الوطنية”، مؤكداً للرأي العام وبالأخص للصدريين أن “هذه الأكاذيب محض افتراء ومحاولة يائسة لتعكير أجواء التقارب الوطني وخطوات التهدئة التي نسعى إليها من أجل استقرار البلاد”.
وسبق أن أغلق أنصار زعيم التيار الصدري نحو 20 مقرًا حزبيًا تابعًا لحزب الدعوة في 10 محافظات بسبب خلافات بين الطرفين قبل نحو عامين.
وأظهرت بعض مقاطع الفيديو في تموز 2023 – قبل نحو 4 أشهر من الانتخابات المحلية الأخيرة – اقتحام جمهور التيار أحد المكاتب وتمزيق صور رئيس الحزب وزعيم دولة القانون نوري المالكي.
واعتبر الصدر حينها أن ما جرى حركة “ثورية” لإيقاف التعدي على العلماء، وذلك ردًا على بيان من حزب الدعوة حذّر فيه من “الفتنة”.
واندفعت الحملة في ذلك الوقت عقب تغريدة من أحد قيادات الخط الأول في التيار اتّهم فيها حزب الدعوة بشنّ حملات مسيئة ضد محمد صادق الصدر (والد مقتدى الصدر)، قبل أن يدعو الصدر بعد ذلك بنحو سنة أنصاره إلى عدم الاعتداء واستخدام العنف في الرد على من يسيء إليه وإلى والده.
التواصل مع زعيم التيار
أخبار محاولة الاغتيال الأخيرة جاءت بعد أيام قليلة من مطالبة الصدر بإزالة ما وصفهم بـ”الصماخات” للاشتراك في الانتخابات، والتي أعلن عن مقاطعتها ومنع أنصاره من التصويت أو الترشّح.
وبالمقابل، قالت مصادر سياسية إن “هادي العامري، زعيم منظمة بدر، يتواصل مع زعيم التيار لإقناعه بالعودة”.
وكان الصدر قد رفض عدة محاولات داخلية وخارجية للرجوع عن قرار الاعتزال السياسي الذي بدأه في صيف 2022.
ويقول الحمامي إن “العلاقات جيدة بين الإطار التنسيقي، وهناك تواصل مع قيادات التيار الصدري”.
وكان المالكي قد أعلن العام الماضي أنه يقترب من التواصل مع الصدر، لكنه لم يظهر أي تواصل بين الرجلين حتى الآن.