غزة – خاص بـ”رأي اليوم”- نادر الصفدي:
في فضيحة من العيار الثقيل، عثر فلسطينيون محاصرون داخل قطاع غزة على كميات كبيرة من المواد المخدرة شديدة الخطورة داخل أكياس الطحين التي تم توزيعها عليهم من خلال مراكز المساعدات التي تُشرف عليها الولايات المتحدة وإسرائيل، مما فجر حالة جدل واسعة لا تزال تداعيتها تتصاعد.
ad
فمشهد العثور على الحبات المخدرة نوع “أوكسيكودون” داخل أكياس الطحين، انشر كالنار في الهشيم على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة وأثارت حالة غضب عارمة، وسط تساؤلات حول أسباب تواجدها ونتائجها الكارثية والمسؤول الذي يقف وراء تلك الفكرة الخطيرة على صحة الأطفال والنساء وكبار السن.
وروى مغردون تفاصيل الواقعة، مشيرين إلى أنه أثناء فتح أحد أكياس الطحين، جرى اكتشاف أقراص مخدرة من نوع Oxycodone 80mg تحمل الرمز G 80، مخفية داخل رقائق قصدير.
ويُعد هذا العقار من أقوى أنواع المسكنات الأفيونية (Opioid Painkillers)، ويُستخدم لتخفيف الآلام الشديدة والمزمنة مثل آلام السرطان أو ما بعد العمليات الجراحية الكبرى؛ ومع ذلك، فإن تركيز 80 مليغرام يُعتبر شديد القوة ولا يُعطى إلا للمرضى الذين تعوّد جسمهم على الأفيونات بجرعات أقل، لتجنب خطر التسمم أو الوفاة، وفق ما وصفه ناشطون.
ad
وأشار مغردون آخرون إلى أن هذا النوع من الحبوب يُصنف مادة مخدرة شديدة الخطورة، ولا يجوز استخدامه إلا تحت إشراف طبي صارم؛ لذا فإن وجوده بهذه الصورة يثير علامات استفهام كبرى حول الجهة التي تُدخل أو توزع مثل هذه المواد داخل غذاء الناس.
ووصف مدوّنون الحادثة بأنها “جريمة حرب جديدة” بحقّ أهالي غزة الذين يعانون أصلا من حصار وتجويع ممنهجين، مؤكدين أن إسرائيل تحوّل المساعدات الإنسانية إلى أدوات إبادة ممنهجة، حيث تقدّم “الرصاص والمخدرات بدلًا من الخبز”.
وقالوا إن العثور على أقراص “أوكسيكودون” داخل أكياس الطحين القادمة مما أسموه “مصايد الموت”، يثبت استخدام الاحتلال أساليب سادية وإجرامية لا تتوقف عند قنص المدنيين وهم يحاولون الحصول على الطعام، بل تتجاوز ذلك إلى محاولة تسميم الطحين نفسه بإضافة أدوية مسكنة قوية تسبب الإدمان، مما يشكل خطرًا جسيمًا على الصحة العامة.
وأشار عدد من المدونين إلى احتمال أن الحبوب قد تم طحنها وخلطها مع الدقيق، بما يؤدي إلى امتصاصها بطرق غير مباشرة، وهو ما قد يسبب تأثيرات خطيرة تصل إلى توقف الجهاز التنفسي وفقدان الوعي والوفاة.
وفي السياق ذاته، أكد النشطاء أن الاحتلال لا يكتفي بجرائم القتل والتهجير المنهجي، بل يمارس نمطا من الإبادة الجماعية المعنوية يستهدف تفكيك الوعي الجمعي والبنية الاجتماعية للشعب الفلسطيني، معتبرين أن محاولة نشر مواد مخدرة وسط بيئة ينهار فيها النظام الصحي ويفتقر فيها السكان إلى الرعاية والرقابة، تمثل أسلوبًا متعمدًا لكسر إرادة الصمود والسيطرة على الإدراك الجمعي.
وكتب أحد النشطاء: “حتى في الخبز يقتلون الأطفال والنساء والشيوخ الأبرياء.. أي شياطين أنتم؟ أي إرهابيون لم يعرف التاريخ مثيلاً لكم؟ إبادة مستمرة والجثث في الطرقات والخيام تشتعل بالأطفال. وعندما أرادوا أمام الكاميرات إظهار إنسانيتهم، سمموا الطحين وفتحوا النار وارتكبوا المجازر الوحشية”.
وبعيدا عن إشراف الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، بدأت إسرائيل وواشنطن منذ 27 مايو/أيار تنفيذ خطة لتوزيع مساعدات محدودة عبر ما يعرف باسم “مؤسسة غزة الإنسانية” بحيث تجبر الفلسطينيين المجوّعين على المفاضلة بين الموت جوعا أو برصاص الجيش الإسرائيلي.
وفي خطوة رسمية تؤكد خطورة ما جرى تداوله، استنكر المكتب الإعلامي الحكومي بغزة وجود أقراص مخدرة داخل أكياس الطحين، مؤكدًا توثيق 4 إفادات لمواطنين عثروا على أقراص مخدرة من نوع “Oxycodone” داخل أكياس طحين قادمة من “مصايد الموت” المعروفة بمراكز “المساعدات الأميركية الإسرائيلية”.
وأوضح أن وجود أقراص مخدرة بأكياس الطحين جريمة بشعة تستهدف صحة المدنيين والنسيج المجتمعي، داعيًا المواطنين إلى الحذر وتفتيش المواد الغذائية القادمة من هذه المراكز المشبوهة، والتبليغ الفوري عن أي مواد غريبة.
وهناك يبقى التساؤل.. ما الهدف من وضع المخدرات بخبز أهل غزة؟ ومن المسؤول عن إدخاله لغزة؟