الوثيقة | مشاهدة الموضوع - نتنياهو زار ارض الحرمين.. وكل الدلائل تؤكد اجتماعه الثلاثي مع الأمير بن سلمان وبومبيو والنفي السعودي “لم يكن مقنعا”.. لماذا تُقاد السعودية الى اكبر مصيدة للابتزاز والاذلال مفتوحة العينين؟ وما هي حسابات الربح والخسارة؟
تغيير حجم الخط     

نتنياهو زار ارض الحرمين.. وكل الدلائل تؤكد اجتماعه الثلاثي مع الأمير بن سلمان وبومبيو والنفي السعودي “لم يكن مقنعا”.. لماذا تُقاد السعودية الى اكبر مصيدة للابتزاز والاذلال مفتوحة العينين؟ وما هي حسابات الربح والخسارة؟

مشاركة » الاثنين نوفمبر 23, 2020 5:15 pm

عبد الباري عطوان
عندما تؤكد جميع وسائل الاعلام الإسرائيلية الرسمية وغير الرسمية، اللقاء الثلاثي الذي جمع الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، مع بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء دولة الاحتلال الاسرائيلي، ومايك بومبيو، وزير الخارجية الأمريكي، عراب اتفاقات التطبيع في مدينة “نيوم” على الساحل الشمالي للبحر الأحمر يوم امس الاحد، فان النفي “الخجول” الذي أصدره الامير فصيل بن فرحان وزير الخارجية السعودي في تغريدة على حسابه على “التويتر” يظل غير مقنع على الاطلاق.
صحيح ان مكتب نتنياهو رفض نفي او تأكيد هذا الاجتماع، واكتفى بالقول “لا تعليق”، ولكن يؤاف غالانت، وزير التعليم الإسرائيلي، وعضو الوزارة الامنية المصغرة اكد هذا الاجتماع في حديث لإذاعة الجيش الإسرائيلي، وقال “انه انجاز حلم به اسلافنا، والانجاز الرئيسي هو القبول الحار باسرائيل من قبل العالم السني، وإزالة العداء من جذوره”، وأضاف “بدأ يظهر محور يضم الولايات المتحدة وإسرائيل وكل من يشارك في مواجهة التطرف الشيعي الإيراني”.
***
المقدمات السعودية تؤدي الى النتائج التي نراها حاليا ولاحقا، فالامير بن سلمان الذي يقود مسيرة التطبيع السعودية، كان منذ أيامه الاولى في الحكم مؤيدا لصفقة القرن، والتقارب مع دولة الاحتلال، ووظف مئات المليارات من ثروات بلاده لدعم إدارة ترامب وصهره جاريد كوشنر، وخططهما لتطبيق هذه الصفقة، ومشاريع التطبيع والتهويد للقدس المحتلة، وضم معظم الضفة الغربية، وغور الأردن وهضبة الجولان.
لم نسمع، او نقرأ، تصريحا واحدا لولي العهد السعودي يدين الاحتلال والاستيطان وتهويد القدس، وجرائم الحرب الإسرائيلية في الضفة والقطاع، وشاهدنا المملكة العربية السعودية في عهد قيادته تفتح اجواءها للطائرات الإسرائيلية، وتبارك اتفاقات التطبيع الإماراتية، والبحرينية والسودانية، وتحذف من المناهج الدراسية كل ما يمكن ان يسيء بشكل مباشر او غير مباشر للكيان الاسرائيلي وعقيدته.
ربما تراهن القيادة السعودية على اللوبي الصهيوني لتخفيف غلواء الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن ضدها، وهو الذي هدد بوقف صفقات الأسلحة بسبب الجرائم التي يرتكبها التحالف الذي تقوده في حرب اليمن، وتوعده بفتح ملفات جريمة اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي، وكل ملفات انتهاكات حقوق الانسان، وعدم العودة الى الاتفاق النووي الايراني، ورفع العقوبات الاقتصادية بالتالي، ولكنه رهان ما زال سرابا حتى هذه اللحظة، فهذا اللوبي لم يمنع الإدارة الديمقراطية في عهد باراك اوباما من التفاوض سرا على هذا الاتفاق، واقراره بالتالي من وراء ظهر دولة الاحتلال والحليف السعودي المفترض معا.
جميع استطلاعات الرأي التي أجريت على مسألة التطبيع اكدت ان الغالبية الساحقة من الشعب السعودي تعارضه، تماما مثل جميع الشعوب العربية والإسلامية الأخرى، وخاصة في مصر والأردن ودولتي الامارات والبحرين، ولولا القمع وأساليب الترهيب لشاهدنا هذه الشعوب تخرج بالملايين في الشوارع لمعارضة سياسات حكوماتها في هذا المضمار.
التقارب التطبيعي ومثلما علمتنا تجارب سابقة يتم دائما بالتدرج، وعبر التسريبات المدروسة، والمعدة في مطابخ “البروبغاندا” الإسرائيلية والأمريكية، ولا نستغرب ان يكون هناك اتفاق بكشف الاعلام الإسرائيلي عن اللقاء الثلاثي التطبيعي في “نيوم” وزيارة نتنياهو لأرض الحرمين الطاهرة بصحبة رئيس الموساد، ثم يأتي النفي السعودي “المغمغم”، وفي تغريدة لوزير الخارجية الذي نشك بمعرفته بهذا اللقاء مسبقا، والا لماذا لم تعقد الحكومة السعودية مؤتمرا صحافيا عالميا، لنفي هذه التقارير الإسرائيلية؟
المملكة العربية السعودية ستكون الخاسر الأكبر لخطوات التطبيع هذه مع “اسرائيل” لأنها ستفقد هيبتها وزعامتها للعالم الإسلامي، او ما تبقى منها، والخطوة الأولى في هذا الصدد حصر هذه الزعامة في العالم السني فقط، ووقوفها في خندق العدو الإسرائيلي في مواجهته للشقيق الشيعي المسلم الذي تتم عملية مدروسة لشيطنته، مقابل تبييض صفحة من يحتل المسجد الأقصى، ويقوض اساساته تمهيدا لهدمه وإقامة هيكل سليمان المزعوم على انقاضه.
***
رعاية الاسرة الحاكمة السعودية للحرمين الشريفين في مكة المكرمة والمدينة المنورة، واشرافها على مواسم الحج والعمرة دون اي منازع بالتالي، ستواجه اخطارا جدية، وربما تمرد ملياري مسلم في مختلف انحاء العالم، لأنه سيكون من الصعب على هؤلاء تقبل ان يكون خادم الحرمين الشريفين صديقا وحليفا لمن يحتلون المسجد الاقصى ويذبحون اشقاءهم في فلسطين المحتلة، ويثيرون الفتن الطائفية لتقسيم العالم الإسلامي.
ربما يعتقد بعض المهرولين الى التطبيع هذه الايام ان الامة العربية تعيش أسوأ واضعف ايامها، وان هذه هي فرصتهم لإدارة الظهر للثوابت الاخلاقية والدينية والقضايا الوطنية العربية والإسلامية، والاستظلال بمظلة الحماية الإسرائيلية، ولذلك يسرحون ويمرحون دون خوف او قلق.
نقول لهؤلاء، ومن يسير على نهجهم، انهم وقعوا في اكبر مصيدة للابتزاز في العالم، لانهم لا يعرفون الإسرائيليين مثلما تعرفهم الشعوب التي حاربتهم وانتصرت عليهم في مصر سورية ولبنان والأردن وفلسطين المحتلة، في حروب امتدت لأكثر من 50 عاما لم تنتصر فيها إسرائيل مطلقا، وبالتحديد منذ عام 1967، فالمرحلة الحالية تظل مرحلة عابرة، ولن تطول.. وطبعوا كيفما شئتم.. وستندمون اشد الندم.. والأيام بيننا.
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى المقالات

cron