الوثيقة | مشاهدة الموضوع - اثيوبيا على حافة حروب أهلية اثنية على اكثر من جبهة شمالا وجنوبا.. هل هناك دور للمخابرات المصرية في اشعال فتيلها في اطار ازمة سد النهضة؟ ولماذا باتت أيام آبي احمد معدودة بعد تمرد اقليم تيغراي وانفجار الاضطرابات في “اوروميا” مسقط رأسه؟
تغيير حجم الخط     

اثيوبيا على حافة حروب أهلية اثنية على اكثر من جبهة شمالا وجنوبا.. هل هناك دور للمخابرات المصرية في اشعال فتيلها في اطار ازمة سد النهضة؟ ولماذا باتت أيام آبي احمد معدودة بعد تمرد اقليم تيغراي وانفجار الاضطرابات في “اوروميا” مسقط رأسه؟

مشاركة » السبت نوفمبر 07, 2020 4:33 pm

14.jpg
 
ربما لا يعرف احد القرن الافريقي وخرائطه السياسية والعرقية والاثنية، اكثر من المخابرات المصرية بشقيها العسكري والأمني، ولهذا كان إصرارها على التركيز على المفاوضات لأطول وقت ممكن في التعاطي مع ازمة سد النهضة، والابتعاد بقدر الإمكان على الخيار العسكري باعتباره الخيار الأخير، ليس من قبيل الصدفة، او الضعف، وانما نتيجة الدراية الكاملة بتزايد احتمالات تفجير اثيوبيا من الداخل بسبب تفاقم الخلافات الداخلية العرقية ووجود مؤشرات اندلاع وشيك لشرارة الحرب الاهلية.
عملية تفجير اثيوبيا من الداخل انطلقت شرارتها الأولى في إقليم تيغراي الشمالي المحاذي لاريتريا، وهذا الإقليم يمكن ان يطلق عليه “اسبطرة” القرن الافريقي، وليس اثيوبيا فقط، رغم ان تعداد سكانه حوالي 7 ملايين من مجموع مئة مليون تعداد اثيوبيا.
النظام السياسي في اثيوبيا فيدرالي يتكون من عشرة اقاليم تتمتع بإدارات ذاتية مستقلة، بطريقة او أخرى تمثيلا اثنيا، واكبر هذه الاثنيات هي اثنية “اوروميا” التي ينتمي اليها رئيس الوزراء الحالي آبي احمد، ويقدر عدد سكانها بحوالي 50 مليون نسمة، أي نصف الشعب الاثيوبي، تليها عرقية الامهرة، ثم تأتي باقي العرقيات ومن ضمنها التيغراي.
أبناء إقليم تيغراي الذين تقودهم جبهة التحرير التي تحولت الى حزب أخيرا، اعلنوا التمرد على السلطة المركزية التي يقودها آبي احمد واجروا انتخابات في أيلول (سبتمبر) الماضي نتج عنها برلمانا وسلطة محلية، احتجاجا على تأجيل الانتخابات الفيدرالية التي كان من المفترض ان تجري في آب (اغسطس) الماضي، بقرار من آبي احمد وحكومته الى اجل غير مسمى تحت ذريعة انتشار وباء الكورونا.
البرلمان المركزي الغى الانتخابات ونتائجها في إقليم التيغراي، واقال المجلس المحلي والحكومة، وارسل آبي احمد جنرالا لتسلم السلطة في الإقليم الشهر الماضي، ولكنه مُنع من دخول العاصمة ميكللي، فبادر الأخير أي، آبي احمد، بإعلان حالة الطوارئ بعد هجوم دام استهدف معسكرا للجيش الفيدرالي، وادى الى وقوع ضحايا لم يتم الكشف عن عددهم.
إقليم تيغراي الذي حكم أبناؤه اثيوبيا لثلاث عقود متواصلة حتى مجيء آبي احمد عام 2018 (من الأمورو) يملك جيشا محليا مقداره 250 الف جندي، وابناؤه يمثلون نصف تعداد الجيش الفيدرالي، وبدأت عمليات التعبئة والتسليح والاستعداد للحرب الشاملة تمهيدا لاعلان استقلال الإقليم وانفصاله، ومن المفارقة ان إقليم “اوروميا”، بلد رئيس الوزراء الحالي، يعيش تمردا مماثلا في الوقت الراهن ضد الحكومة المركزية.
الازمات تحيط بحكومة آبي احمد من كل الجهات، والحروب الاهلية العرقية بدأت في الانفجار والانتشار أيضا، ومن غير المستبعد ان تتحول الى حروب طائفية بين المسلمين الذين يشكلون نسبة كبيرة من السكان المسيحيين الذي يجسدون الأغلبية، حسب بعض الإحصاءات.
هل هناك دور للمخابرات المصرية في تفجير هذه الحروب الاهلية في اثيوبيا وربما في القرن الافريقي، واريتريا على وجه الخصوص، التي يقيم رئيسها اسياس افورقي علاقات قوية مع إسرائيل، ومع آبي احمد وحكومته في الوقت نفسه، بعد اتفاق سلام عام 2018 الذي حصل بمقتضاه السيد احمد على جائزة نوبل للسلام؟
يصعب علينا تقديم إجابة واضحة عن هذا السؤال، لسببين: الأول ان عمل هذه المخابرات سري وتحت الأرض، والثاني عدم وجود معطيات موثقة ترجح هذا الاحتمال، ولكن هذا لا ينفي ان هذه المخابرات متغلغة في اثيوبيا والصومال واريتريا، وتقيم علاقات تاريخية قوية مع الاثنيات العرقية في المنطقة، وخاصة إقليم اوغادين الصومالي الذي تطالب حركة التحرير التي تحمل اسمه بالانفصال.
لا نعتقد ان خيار التدخل العسكري المصري في التعاطي مع سد النهضة واخطاره وابرزها تجويع خمس ملايين مزارع مصري سيظل مستبعدا، خاصة بعد انهيار الجولة الأخيرة، وربما النهائية من المفاوضات الثلاثية (مصر، السودان، اثيوبيا) تحت رعاية الاتحاد الافريقي، وفشلها في الوصول الى اتفاق حول كيفية ملئ خزان السد بالمياه.
عندما حذر الرئيس دونالد ترامب اثيوبيا من وجود خطة مصرية عسكرية لتدمير السد اذا ما استمرت في سياسات المماطلة وتجنب الحل السلمي الأسبوع الماضي، لم يكن ينطق عن هوى، ولم تكن تصريحاته هذه زلة لسان، وربما تكون مماطلة آبي احمد هذه نتيجة ضعف، وتوصله الى قناعة بأن ورقة سد النهضة هي الوحيدة التي قد تبقيه في السلطة الى أطول فترة ممكنة.
القرن الافريقي يقف على فوهة بركان في الوقت الراهن، واثيوبيا تعيش الآن ارهاصات الحرب الداخلية مجددا، والتفجير من الداخل بالتالي، ولا نعتقد ان حليفها الإسرائيلي يستطيع ان يمنع الحروب الاهلية الزاحفة على معظم ارجائها، وربما حان الوقت للجيش المصري ان يمد رجله ولو مؤقتا.. والله اعلم.
“راي اليوم”
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى اراء

cron