الوثيقة | مشاهدة الموضوع - أربع رسائل “لافتة” في خِطاب السيّد نصر الله الأخير.. لماذا يستعجل الإسرائيليّون ردّ المُقاومة “المُؤجّل”؟ وما هي المُعادلة الجديدة التي تُريد الحِفاظ عليها؟ ولماذا يشتكي زعيم حزب الله من الحملة الإعلاميّة من خُصومه؟ وكيف يُمكن الرّد عليها؟
تغيير حجم الخط     

أربع رسائل “لافتة” في خِطاب السيّد نصر الله الأخير.. لماذا يستعجل الإسرائيليّون ردّ المُقاومة “المُؤجّل”؟ وما هي المُعادلة الجديدة التي تُريد الحِفاظ عليها؟ ولماذا يشتكي زعيم حزب الله من الحملة الإعلاميّة من خُصومه؟ وكيف يُمكن الرّد عليها؟

مشاركة » الأحد أغسطس 30, 2020 7:48 pm

27.jpg
 
تظَل إطلالات السيّد حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله، التلفزيونيّة بين الحِين والآخر المصدر الأساسيّ للتعرّف على الاتّجاهات السياسيّة في مِنطقة الشرق الأوسط في ظِل غِياب الزّعامات العربيّة الوطنيّة “الكارزميّة”، وتعاظم الهجمة الأمريكيّة الإسرائيليّة المُهيمنة على السّاحة الإعلاميّة عبر العديد من الأدوات العربيّة.
خِطاب السيّد نصر الله الذي ألقاهُ اليوم الأحد بمُناسبة إحياء ذكرى استشهاد سيّدنا الحسين رضي الله عنه كان حافِلًا بالمواقف والإضاءات على العديد من التطوّرات على الصّعيدين المحلّي واللّبناني والعربيّ والإقليميّ، ولهذا كان مَوضِع رصد ومُتابعة من الخُصوم قبل الأنصار والأصدقاء، ومِن الخُبراء والمحلّلين الإسرائيليين على وجه الخُصوص.
اللّهجة القويّة التي سادت مُعظم فقَرات الخِطاب كانت هي السّائدة، وتعكس صلابةَ موقف صاحبها في التمسّك بخِيار المُقاومة ومُواجهة الاحتِلالات، ليس في لبنان فقط وإنّما في كُلّ دول المِنطقة، وفِلسطين المحتلّة تحديدًا، رغم الضّغوط السياسيّة، وحمَلات التّشويه الإعلاميّة، حيث أُقيمت غُرفًا سوداء لطَبخِها في أكثر من دولةٍ عربيّة.
هُناك عدّة رسائل يُمكن استِخلاصها من ثنايا هذا الخِطاب الذي ارتقى إلى مُستوى المُناسبة ومعانيها الروحيّة والقيميّة:

الأولى: كانت مُوجّهة إلى المُحتلّين الإسرائيليين ويقول مضمونها إنّه عندما يَقتُل هؤلاء أحد مُجاهدي حزب الله فإن الرّد سيكون بقتل جُندي إسرائيلي في المُقابل، وسيتم الحِفاظ على هذه المُعادلة بكُلّ الطّرق والوسائل.
الثانية: العدو الإسرائيلي يتمنّى سُرعة ردّ المُقاومة، وجُنوده في حالِ ارتباك ويختبئون مِثل الفئران، ولكنّ الرّد قادمٌ حتمًا، ووقوف جُنوده على “رِجل ونُص” قد يطول قليلًا لإطالة أمَد مُعاناته وارتِباكه.
الثالثة: الإسرائيليّون يحتقرون العرب، والمُطبّعين منهم على وجه الخُصوص، ولم يحفظوا ماء الوجه لبعض المسؤولين في الإمارات عندما نفوا استِعدادهم لوقف ضمّ الضفّة والغور، وعارضوا تزويد دولة الإمارات بطائرات “إف 35” الشّبح، ولا يُريدون السّلام بَل الاستِسلام.
الرابعة: رفض الاعتراف بدولة الاحتلال والتّطبيع معها حتى لو اعترف جميع العرب والعالم بها، وسيبقى “حزب الله” إلى جانب كُل مَن يُقاتل الاحتِلال في فِلسطين والقدس ولبنان، وأيّ أرضٍ عربيّة مُحتلّة.

تأجيل الرّد على العُدوان الإسرائيلي على لبنان ومقتل أحد مُجاهدي “حزب الله” في غلافِ مطار دمشق لا يعني الإلغاء والتّراجع، وإنّما تأجيل “مُؤقّت” لمُراعاة ظُروف لبنان الداخليّة، حيث يَحُط الرّحال في بيروت غدًا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وسيتم في اليوم نفسه تسمية رئيس وزراء لبنان الجديد، وانطِلاق المُشاورات البرلمانيّة، ومن الحكمة التريّث، وتجنّب الإقدام على أيّ خطوة يُمكن أن تستغلّها دولة الاحتلال لوضع العُصِي في دواليب هذه التحرّكات لترتيب الجبهة الداخليّة اللبنانيّة، ولكن الرّد قادمٌ لا محالة والسيّد يقول ويَفعَل.
قيادة المُقاومة أظهرت “دهاءً” غير مسبوق عندما لم تقع في مِصيدةٍ إسرائيليّة جرى نصبها بكفاءةٍ عاليةٍ لجرّها إلى الحرب، وتمثّلت في نَصب جُندي “روبوت” قُرب الحُدود بطريقةٍ سينمائيّةٍ هوليوديّة لدفع مُقاتلي الحزب إلى قتله، واعتبار هذا القتل تحقيقًا للانتقام، ولكن النتائج جاءت عكسيّةً تمامًا، حيث جرى تصوير هذه “الدّمية” وفضح المُخطّط الإسرائيلي على المَلأ بالصّوت والصّورة، فمُجاهدة “حزب الله” لا يُمكن مُقايضتهم بمقتل “روبوت”.
المُقاومة الإسلاميّة في لبنان ما زالت تُشكِّل خِنجَرًا في خاصرة الاحتلال وكُل المُطبّعين معه، لأنّها عصيّةٌ على الشّراء، والتّطويع، ولعلّ ما ذكره السيّد نصر الله في خطابٍ آخَر قبل يوم حول تلقّيه عُروضًا أمريكيّةً، عبر وسطاء، تتضمّن أموالًا، وسُلطة، وتطوير النّظام السّياسي لصالح الحزب، أحد أبرز الأمثلة في هذا المِضمار، حسب اعتقاد الكثير من المُراقبين ونحن منهم.
صحيح أنّ المعركة الإعلاميّة ضدّ محور المُقاومة خطيرةٌ جدًّا لشراستها، خاصّةً على وسائل التواصل الاجتماعي، لأنّها مدعومة بجُيوش إلكترونيّة جرّارة، تُرصَد لها المِليارات، ولكنّ الرأي العام العربي على درجةٍ عاليةٍ مِن الوعي، وإعلام المُقاومة هو الأقوى لأنّه يُجَسِّد “القلّة المُؤمنة” التي هزمت، وتَهزِم، الكثرة الكافرة، “أمّا الزّبد فيذهب جفاءً منثورًا، وأمّا ما ينفع النّاس فيَمكُث في الأرض”، والأيّام المُقبلة وتطوّراتها ستُؤكِّد حتمًا ما نقول.
“رأي اليوم”
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى اراء

cron