ظومة "لايت بيم" الليزرية التي تطورها إسرائيل؟
تواجه تل أبيب تهديداً متزايداً من مسيرات "شاهد" الإيرانية حيث استُخدمت مراراً في هجمات "حزب الله" وجماعات أخرى مدعومة من طهران
في حين يعد "الشعاع الحديدي" ليزراً عالي الطاقة بقدرة 100 كيلوواط ومصمم لاعتراض الصواريخ وقذائف الهاون والمدفعية والطائرات من دون طيار، تقدم "لايت بيم" نسخة متنقلة بقدرة 10 كيلوواط مخصصة لقوات الخطوط الأمامية.
بينما تستعد إسرائيل لنشر منظومة "الشعاع الحديدي" بحلول نهاية الشهر الجاري، لتصبح بذلك أول دولة تمتلك نظام دفاع جوي ليزري جاهز للتصدي للصواريخ والطائرات من دون طيار، تعمل الدولة العبرية في الوقت نفسه على تطوير نسخة أخف وزناً من "الشعاع الحديدي" سمتها "لايت بيم".
وفي حين يعد "الشعاع الحديدي" ليزراً عالي الطاقة بقدرة 100 كيلوواط ومصمم لاعتراض الصواريخ وقذائف الهاون والمدفعية والطائرات من دون طيار، تقدم "لايت بيم" نسخة متنقلة بقدرة 10 كيلوواط مخصصة لقوات الخطوط الأمامية.
ووفقاً لشركة "رافائيل"، المطوِّرة لكلا النظامين، صُممت النسخة "لايت" لمواجهة الانتشار السريع للطائرات من دون طيار الصغيرة وأسرابها، والتي تعد الآن من أخطر التهديدات التي تواجه إسرائيل في ساحة المعركة.
الحاجة إلى نظام مخصص لتدمير الطائرات من دون طيار
أصبحت الطائرات من دون طيار الصغيرة أرخص وأسرع وأكثر مرونة في عصرنا الحالي، مما يجعل التصدي لها بالأنظمة الاعتراضية التقليدية أمراً صعباً. وقد صمم نظام "لايت بيم" خصيصاً لمواجهة هذا التحدي، إذ تشير شركة "رافائيل" إلى أن النظام قادر على تحييد الطائرات من دون طيار منخفضة الارتفاع، والطائرات من دون طيار الصغيرة وأسرابها على مدى يصل إلى 3 كيلومترات، وذلك بتسخين نقطة بحجم العملة المعدنية على كل هدف حتى يتعطل في غضون ثوانٍ. إضافة إلى ذلك، يمكن للنظام تدمير ما يصل إلى 10 تهديدات في وقت واحد، وهي قدرة أساسية في الحروب الحديثة التي تعتمد بصورة كبيرة على الطائرات من دون طيار.
وعلى رغم قوة نظام "الشعاع الحديدي"، إلا أن ليزره الذي تبلغ قوته 100 كيلوواط وشعاعه الذي يبلغ قطره 450 مليمتر، يتطلبان نشراً ثابتاً إلى حد كبير، على غرار بطاريات الدفاع الجوي الثابتة. أما نظام "لايت بيم"، فقد صمم خصيصاً للتنقل ويمكن تركيبه على المركبات ذات الدفع الرباعي، والمنصات ذات الدفع السداسي والثماني، والمركبات القتالية المدرعة المجنزرة.
وتواجه إسرائيل تهديداً متزايداً من طائرات "شاهد" من دون طيار إيرانية الصنع، والتي استُخدمت مراراً في هجمات "حزب الله" وجماعات أخرى مدعومة من إيران، إذ يصعب رصد طائرة "شاهد-136"، وهي ذخيرة متسكعة ذات هيكل من ألياف الكربون ومحرك كهربائي، بواسطة الرادار. كذلك تحمل النسخ الأكبر حجماً منها حمولات أثقل، إذ يمكن لطائرة "شاهد-149" إطلاق ما يصل إلى 13 قنبلة، بينما يمكن لطائرة "شاهد-191" إطلاق صاروخين موجهين بدقة بحمولة إجمالية تبلغ نحو 50 كيلوغراماً.
يذكر أن طائرات "شاهد" استهدفت مناطق عدة في إسرائيل، بما في ذلك إيلات ووادي الأردن، وقال مسؤولون إسرائيليون إن إحدى الطائرات من دون طيار، التي أُطلقت من لبنان في الحرب عام 2024، وصلت إلى منزل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في قيسارية.
كلفة زهيدة وقدرة كبيرة
يشترك كل من نظام "الشعاع الحديدي" ونسخته الأخف "لايت بيم" في الميزة الأساسية نفسها ألا وهي الكلفة شبه المعدومة لكل طلقة. وتؤكد الشركة المصنعة أن "لايت بيم" يعمل بمخزن ذخيرة غير محدود وكلفة اعتراض شبه معدومة، وهو ما يمثل تبايناً كبيراً مع أنظمة الاعتراض التقليدية. وهذا ما يجعله خياراً جذاباً لمواجهة الطائرات من دون طيار الرخيصة، التي غالباً لا تتجاوز كلفتها بضع مئات من الدولارات، والتي كانت تتطلب سابقاً صواريخ باهظة الثمن لإسقاطها.
وبالنسبة للقدرات فالنظام الذي تطوره إسرائيل قادر على العمل ليلاً ونهاراً، ويتكامل مع مجموعة واسعة من رادارات الكشف وأنظمة القيادة والسيطرة والاتصالات والحاسوب والاستخبارات. وتتيح مجموعة أجهزة الاستشعار الخاصة به اختيار الأهداف بدقة مع الحد الأدنى من أخطار الأضرار الجانبية، وهو أمر بالغ الأهمية عند اعتراض التهديدات بالقرب من القوات الصديقة أو المناطق المدنية. ويمكن للمشغل البقاء بأمان داخل مركبة أو ملجأ بعيد مع الاحتفاظ بالسيطرة الكاملة على عملية الاشتباك مع الهدف.
ومع تزايد خطر أسراب الطائرات من دون طيار، تعد قدرة النظام على إعادة توجيه أهدافه بسرعة والاشتباك مع عدد كبير من الطائرات من دون طيار في آن واحد أمراً أساسياً. وتؤكد شركة "رافائيل" أن "لايت بيم" مصمم لحماية المطارات ومحطات توليد الطاقة والقوافل العسكرية ونقاط التفتيش الحضرية والقوات المقاتلة، وهي المواقع التي غالباً ما تعمل فيها الطائرات من دون طيار على ارتفاعات منخفضة.
أهم أداة دفاعية ضد الطائرات من دون طيار بحوزة الجيش الإسرائيلي
وبما أن إسرائيل تستعد كما سبق وذكرنا لنشر نظام "الشعاع الحديدي" كطبقة خامسة استراتيجية للدفاع الجوي الوطني، يسد نظيره "لايت بيم" ثغرة مختلفة ولكنها لا تقل أهمية، وهي الحماية المباشرة والمتحركة للقوات البرية. وبفضل الجمع بين الحركة السريعة، والاشتباك الفوري، وكلفة الاعتراض شبه المعدومة، يعد "لايت بيم" في وضع يؤهله ليصبح سلاح الدفاع الجوي الإسرائيلي الأول ضد الطائرات من دون طيار، والمصمم خصيصاً لمواجهة التهديدات التي تهيمن على ساحات المعارك الحديثة اليوم.
ولأن طاقة الليزر تنتقل بسرعة تفوق سرعة أي صاروخ اعتراضي في الترسانة الإسرائيلية، فهذا ما يمكّنها من تدمير التهديد الجوي المعادي فور إطلاقه، وغالباً ما يحدث ذلك داخل الأراضي التي تُطلق منها. وفي الواقع، ونظراً لسرعة إطلاق الليزر العالية، سيحظى الجيش الإسرائيلي بفرص أكبر لإصابة هدف أخطأه في البداية، لأنه سيكتشف الخطأ مبكراً، وهذا يعني بحسب وزارة الدفاع الإسرائيلية، أن الإسرائيليين سيسمعون على الأرجح صفارات الإنذار وسيضطرون للجوء إلى الملاجئ في الحالات النادرة التي يخطئ فيها نظام الليزر هدفه.
أما عن موعد نشر هذا النظام الجديد فتشير المعلومات إلى أن التطوير وصل إلى مرحلة متقدمة جداً وأجريت الاختبارات عليه ومن المرجح أن يُنشر بكميات محدودة في الأشهر الأولى من العام المقبل.