بغداد/المسلة: بدأت تحذيرات من ضغوطات مالية خانقة سوف تتسلّل إلى بيوت العراقيين مع تهاوي إيرادات النفط وتآكل قدرة الدولة على تغذية ميزانية العام القادم بشكل مستدام.
وأسفر تراجع سعر برميل النفط في 2025 إلى ما دون 60-65 دولاراً — وهو أقل من السعر الافتراضي الذي بُنيت عليه موازنات الدولة — عن انهيار مفاجئ في العوائد الحكومية، ما أجبر السلطات على إعادة النظر في تقديرات الإنفاق والإيرادات بصورة جذرية. ([وكالة بغداد اليوم الاخبارية][1])
وارتفع القلق لدى مطّلعي الشأن المالي من احتمال أن تلجأ الحكومة الجديدة فور تشكيلها إلى الضغط على البنك المركزي العراقي لتعديل سعر صرف الدينار مقابل الدولار بهدف ضخ مزيد من السيولة الوطنية بسرعة، خصوصاً مع تدهور عائدات الدولة من النفط بحسب مصادر في السوق.
وواجهت مؤسسة النقد المركزي دعوات خارجية لإعادة تسعير الدينار، إلا أنها ردّت أخيراً بأنها ملتزمة بسياسة سعر صرف ثابت منذ سنوات، مُشيرة إلى أن أي تغيير في سعر الصرف يحتاج مبررات اقتصادية قوية وليس مجرد ضغوط سياسية.
و يقول الخبير الاقتصادي زياد الهاشمي ان المركزي العراقي ينفي وجود نية لتغيير سعر صرف الدينار أمام الدولار، في موقف جيد لكنه غير مضمون وغير كافي لمطمئنة الجمهور !
واضاف: المركزي العراقي لن يتجه بذاته لتغيير سياسته النقدية وتعديل أسعار الصرف دون سبب، لكن مع وجود ضغوطات مالية حكومية كبيرة فمن المرجح ان يضطر المركزي العراقي حينها لتغيير قراراته لمواكبة المتطلبات العاجلة للحكومة العراقية الجديدة !
واعتبر الهاشمي ان النوايا الرسمية في العراق غير ثابته ويمكنها أن تتغير بين يوم وليلة مع تغير الظروف والمصالح، وهذا ما يجعل الكثير لا يعتمد بشكل كامل على التصريحات التطمينية التي تصدر من المؤسسات الرسمية!
وذكّرت أرقام رسمية بأن أكثر من 91 في المئة من إيرادات الميزانية لعام 2025 ما تزال تأتي من النفط، بينما تظل الإيرادات غير النفطية هامشية، الأمر الذي يدل على هشاشة الاقتصاد العراقي تجاه تقلبات سوق برميل النفط العالمية.
وارتأت دوائر رسمية أن أي تهاون في الاستقرار النقدي قد يقوض ثقة المستثمرين المحليين والأجانب، ويضعف محاولات التنويع الاقتصادي التي طالبت بها جهات مثل صندوق النقد الدولي لتقليل اعتماد العراق على النفط. ([IMF][4])
وتمضي الحكومة في مفاوضات صعبة حول موازنة 2026، إذ وضعت في تقريرها سيناريو محافظاً لا يعتمد على أكثر من 60 دولاراً للبرميل، ما يشي بأن الأشهر المقبلة قد تحمل مزيداً من التوتر المالي إن لم تتغير المعادلة الاقتصادية.
وخلصت مصادر سياسية واقتصادية إلى أن التصريحات الرسمية الراهنة، التي تؤكد تمسّك المركزي باستقرار سعر الصرف، قد لا تصمد أمام الضغوط المتصاعدة، وأن ما يُعرف اليوم بـ”نوايا رسمية” قد تتحول غداً إلى قرارات مواجهة واقع مالي صعب، في ظل غياب مناعة فعلية ضد صدمات النفط.