بغداد/ تميم الحسن
خسر نحو ثلثي "النواب المستقلين" الذين شاركوا في الانتخابات الأخيرة بعد انضمامهم إلى "أحزاب السلطة".
ولم ينجُ أيٌّ من النواب المحسوبين على احتجاجات تشرين، والمعروفين سابقًا باسم "حركة امتداد"، باستثناء نائب واحد فقط.
وأظهرت النتائج الأولية للانتخابات – في وقت كان يُفترض أن تعلن فيه المفوضية النتائج النهائية يوم أمس – فوز القوى الشيعية بنحو 200 مقعد.
وقد صوّت أكثر من 5 ملايين ناخب لتلك القوى، بما فيها قوى "الإطار التنسيقي"، وهو رقم يتجاوز الضِّعف مقارنة بعدد المصوّتين لها في انتخابات 2021.
وبناءً على هذه النتائج، عزّزت الجماعات المسلحة تمثيلها البرلماني بـ50 مقعدًا إضافيًا مقارنة بالدورة السابقة، ليصل إجمالي مقاعدها إلى نحو 80 مقعدًا.
كما تشير النتائج إلى أن نحو ثلثي أعضاء البرلمان الجديد سيكونون من الوجوه الجديدة، بعد خسارة 239 نائبًا من أصل 329. وفي المقابل، نجح 10 وزراء في تجديد ولايتهم، فيما شكّلت خسارة نحو 20 من كبار زعماء العشائر إحدى أبرز مفاجآت الاقتراع الأخير.
وأعلنت المفوضية العليا للانتخابات، أول من أمس، الانتهاء من حسم جميع المحطات واحتساب أصواتها بنسبة تطابق بلغت 100% بين العد الإلكتروني واليدوي.
وذكرت في بيانٍ رسمي أنها بدأت باحتساب المقاعد ومقاعد كوتا النساء والأقليات، مؤكدةً فتح باب الطعون لمدة ثلاثة أيام عقب إعلان النتائج النهائية.
وجرت الانتخابات البرلمانية الأسبوع الماضي بمشاركة نحو 12 مليون ناخب، بنسبة مشاركة بلغت 56.11% من إجمالي الناخبين المسجَّلين.
كلفة الطموح
وتكشف النتائج الأولية للانتخابات عن تجديد الفوز لـ20 نائبًا فقط من أصل 52 نائبًا مستقلًا في انتخابات 2021، بعد أن قرروا هذه المرة الترشح ضمن أحزاب متنفذة. فيما اختار 8 نواب فقط من أصل نحو 60 مستقلًا في البرلمان السابق عدم الترشح لانتخابات 2025.
ومن أبرز المستقلين الفائزين: أحمد السلماني عن قائمة "تقدم" بزعامة محمد الحلبوسي بأكثر من 13 ألف صوت، وبرهان المعموري الذي كان قد التحق بالتيار الصدري في 2021، لكنه النائب الوحيد الذي استثناه مقتدى الصدر من استقالات 2022 الجماعية.
كما فاز جمال كوجر عن "الاتحاد الإسلامي" بأكثر من 60 ألف صوت، وجميل الحديدي عن نينوى، وعادل حاشوش عن "عصائب أهل الحق" بزعامة قيس الخزعلي، ومصطفى سند عن المجلس الأعلى (أبشر يا عراق) بأكثر من 22 ألف صوت.
وفاز كذلك مهيمن الحمداني عن "تقدم" في كركوك بأكثر من 16 ألف صوت، ومثنى أمين عن "الاتحاد الإسلامي" بأكثر من 36 ألف صوت، وهند العباسي عن "تحالف عزم" بزعامة مثنى السامرائي بأكثر من 7 آلاف صوت.
في انتخابات 2021، حصل المستقلون – بمن فيهم وكلاء أو مدعومون من أحزاب السلطة – على نحو 60 مقعدًا، شملت مقاعد كوتا المكونات، وكان معظمهم من الشيعة.
وقد ذاب 16 نائبًا مستقلًا حينها داخل تحالفات القوى السنية والكردية، فيما تظاهر أغلب المستقلين الشيعة بالحياد قبل أن ينضمّ معظمهم لاحقًا إلى "الإطار التنسيقي".
وكان مقتدى الصدر قد وجّه دعوتين إلى المستقلين لدعمه في تشكيل حكومة أغلبية، لكن المحاولتين انتهتا بالفشل.
ومن أبرز الخاسرين من النواب المستقلين الفائزين في 2021: باسم خشان، الذي كان نائبًا صدريًا عام 2018 ثم انضمّ في هذه الانتخابات إلى قائمة رئيس الوزراء محمد السوداني (الإعمار والتنمية)، وحسين عرب الذي اختلف في الأيام الأخيرة مع رئيس كتلة السوداني، وحسين مردان عن "العصائب" الذي حصل على أقل من 500 صوت.
كما خسر سجاد سالم، الذي نجا سابقًا من محاولتي استبعاد، وناظم الشبلاوي عن قائمة السوداني، وياسر الحسيني عن "تحالف خدمات" التابع لزعيم كتائب الإمام علي شبل الزيدي.
ضربة موجعة لـ"امتداد"
وكانت قد أظهرت قوائم المرشحين لانتخابات 2025 انسحاب 5 نواب مستقلين فقط من السباق (باستثناء امتداد)، في مؤشر على استمرار ذوبان المستقلين داخل التحالفات الكبرى.
من بينهم: أمير المعموري من بابل، المعروف بملفات الفساد التي كشفها. وفي صلاح الدين، انسحب خالد الدراجي ورشّح ابنه وليد بدلاً عنه ضمن "تحالف الحسم" بقيادة وزير الدفاع ثابت العباسي، وقد فاز ابن النائب بالمقعد.
وبأسلوب مشابه، رشّح هادي السلامي (النجف) ابنه حسن ضمن قائمة نائب رئيس البرلمان محسن المندلاوي (تحالف الأساس)، لكنه خسر.
كما انسحب محمد عنوز في النجف، ولم يترشح فاروق حنا عن كوتا المسيحيين.
في المقابل، ابتعد 3 نواب من أصل 15 كانوا ينتمون إلى "حركة امتداد" التي تشكلت بعد احتجاجات تشرين 2019، ثم تفككت خلال العامين الأخيرين.
ولم ينجح أي من مرشحي امتداد الـ12 في الفوز، باستثناء أحمد الشرماني، الذي ترشح ضمن قائمة "إشراقة كانون"، ويُعتقد أنها مجموعة قريبة من المرجعية.
ومن أبرز الوجوه الخاسرة من امتداد: نور نافع التي انضمت إلى السوداني، ونيسان زاير التي ترشحت مع نوري المالكي، وضياء هندي.
وفي انتخابات 2021، كان المستقلون بمثابة العربة التي نقلت أحزاب السلطة إلى البرلمان، ثم إلى الوزارات والحكومة، بينما ظلّ المستقل نفسه متفرّجًا على المشهد.
وسمح قانون الدوائر المتعددة، الذي شُرّع في خريف 2020، قبل استبداله قبل سنتين، لأول مرة منذ 2005، بصعود مستقلين إلى البرلمان.
وبلغ عدد المرشحين المنفردين (المستقلين) في انتخابات 2021، 789 من أصل 3240 مرشحًا.