الوثيقة | مشاهدة الموضوع - السوداني والمالكي في مواجهة مفتوحة لحصد أصوات الشيعة
تغيير حجم الخط     

السوداني والمالكي في مواجهة مفتوحة لحصد أصوات الشيعة

مشاركة » الثلاثاء نوفمبر 11, 2025 2:39 pm

1.jpg
 
بغداد ـ «القدس العربي»: لم تشهد الدورة البرلمانية الحالية (2021-2025) تشكيل أي تحالفات سياسية تمثّل مكوّنا أو قومية أو طائفة أو غيرها، باستثناء «الإطار التنسيقي» الذي جمع قادة الأحزاب السياسية الشيعية، من دون زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، في تحالف موحّد أسهم في وصول رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، إلى دفّة الحكم، فضلاً عن استمرار أطرافه في عقد اجتماعات دورية، تناولت أغلب القضايا المطروحة على الساحتين الداخلية والخارجية، طوال أربع سنواتٍ مضت.
وقد يبدو ذلك «انسجاماً شيعياً» يذكرنا بـ «التحالف الوطني» الذي أسسه السياسي العراقي إبراهيم الجعفري في 2009، لكنه سرعان ما بدأ بالتحلّل قبل أن ينتهي رسمياً في (2017-2018) مع اقتراب الانتخابات التشريعية وقتها.

اختبار لـ «الإطار»

واليوم، تمثل انتخابات 11 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، أول اختبار لمدى قدرة «الإطار التنسيقي» الشيعي على الصمود والبقاء موحداً، خصوصاً في ظل قرار أقطابه خوض السباق الانتخابي «منفردين» أو بتحالفات داخلية، وليس النزول بقائمة موحدة تمثل «الإطار»، على أمل الاندماج بعد إعلان النتائج وترشيح رئيس وزراء «شيعي»، وفقاً لعرف سياسي ساد في البلاد منذ إنهاء حقبة صدام حسين.
وفي نظرة تحليلية للخطة الانتخابية لقادة «الإطار»، نجد أن السوداني قرر تزعم تحالف «الإعمار والتنمية»، المؤلّف من سبّع كتل هي (تيار الفراتين- بزعامته، وتجمع بلاد سومر- برئاسة وزير العمل أحمد الأسدي، وتحالف العقد الوطني- لرئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض، وائتلاف الوطنية- لإياد علاوي، وتحالف إبداع كربلاء- بزعامة محافظ كربلاء نصيف الخطابي، وتجمع أجيال- لمحمد الصيهود، وتحالف حلول الوطني- لمحمد صاحب الدراجي).
ويمتلك تحالف السوداني أعلى عدد من المرشحين (470 مرشحاً) فضلاً عن كونه ينتشر في 12 محافظة، في حين قرر زعيم ائتلاف «دولة القانون» نوري المالكي، النزول في 10 محافظات بـ«362 مرشحاً.
ويضم ائتلاف المالكي حزب «الدعوة الإسلامية»، و«الاتحاد الاسلامي لتركمان العراق»، وحركة «البشائر الشبابية»، وتحالف «النهج الوطني»، و«رجال العراق»، و«تيار القسم الوطني»، وحركة «همم»، وحركة «الوهج الشبابية»، وتجمع «النهضة والبناء»، وحركة «الجناح» العراقي، وحزب «الحدباء الوطني»، وحزب «ديالى أوًلاً»، وتحالف «صلاح الدين»، وكتلة «منتصرون».
أما زعيم ائتلاف «قوى الدولة الوطنية» عمار الحكيم، فاختار 412 مرشحاً للتنافس في 11 محافظة، ضمن (تيار الحكمة الوطني، والنصر والاصلاح «اراك»، وحركة الجهاد والبناء، وحزب الاتجاه الوطني، وحزب المشرق العربي، وحركة طموح).
وفي حين يشارك هادي العامري منفرداً بـ«منظمة بدر» التي يتزعمها، في 12 محافظة بمجموع 442 مرشحاً، جاء همام حمودي بتحالف «أبشر يا عراق» يضم (المجلس الاعلى الإسلامي، و«اقتدار وطن»، وتجمع العراق الجديد، وتجمع الأساس الوطني) وانتشر مرشحوه الـ379 في 10 محافظات، في مقابل 406 مرشحين ينتمون لكتلة «الصادقون» التابعة للأمين العام لحركة «عصائب أهل الحق» قيس الخزعلي، سيخوضون الانتخابات في 11 محافظة.

انقسام في «الإطار» بشأن رئاسة الحكومة… وعين على خطوة الصدر المقبلة

وعلى صعيد الفصائل الشيعية التي قررت الانخراط في العمل السياسي، يدعم الأمين العام لـ «كتائب سيد الشهداء»، أبو آلاء الولائي، «كتلة دعم الدولة»، برئاسة مرتضى الساعدي، التي تخوض الانتخابات لأول مرة بـ36 مرشحاً في محافظة واحدة، فيما تدعم «كتائب حزب الله»، رسمياً «حركة حقوق»، بزعامة النائب الحالي حسين مؤنس، ومرشحيها الـ312 في 10 محافظات عراقية.
هؤلاء وغيرهم من السياسيين الشيعة، يدخلون الانتخابات وعينهم صوب منصب رئيس الوزراء المقبل، الذي لا يمكن له أن يذهب لأحدهم من دون المرور بسلسلة مفاوضات مع الشيعة أنفسهم والسنّة والأكراد، لتحقيق «الكتلة البرلمانية الأكبر»، التي تُكّلف رسمياً باختيار رئيس الحكومة.
وفي قراءة لأبرز المواقف السياسية الشيعية، يبدو أن فجوة الخلاف بين السوداني والمالكي بدأت تتسع، فلا يكاد الأخير تفويت أيّ فرصة للتعبير عن غضبة من «استغلال» موارد الدولة والمناصب الحكومية لأغراض انتخابية، في إشارة واضحة للسوداني.
في 9 أيار/ مايو الماضي، ظهر المالكي في لقاء لمحطّة محلية، وهو يشدد على ضرورة تعديل قانون الانتخابات الحالي، لإيقاف ما وصفها بـ«تحويل إمكانيات الدولة الى عملية استدعاء انتخابي».
كما انتقد المالكي بشدة لقاء السوداني مع الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع في قطر، وقتها، مؤكدا أن «الإطار التنسيقي لم يكن يعلم بزيارة السوداني لقطر»، مضيفاً أن «الزيارة لا ضرورة لها، وكان يجب على الحكومة عدم المضي بهذا الاتجاه».
وفي أواخر أيلول/ سبتمبر، اتهم المالكي، السوداني بـ «استغلال موارد الدولة وإمكاناتها لخدمة أغراض انتخابية»، محذراً من أن ذلك يخلّ بمبدأ التنافس العادل.
وقال حينها إن «الإطار التنسيقي وضع منذ البداية شرطاً أساسياً يقضي بألا يكون رئيس الوزراء منافساً انتخابياً أثناء توليه المنصب، منعاً لاستخدام موارد الدولة في الدعاية السياسية»، مشيراً إلى أن «هذا الشرط استند أيضاً إلى موقف المرجعية الدينية التي رفضت سابقاً استغلال إمكانات الدولة أو شراء الأصوات». وأضاف أن «الحكومات المتعاقبة لم تلتزم بهذا الشرط، بما في ذلك حكومة السوداني التي سمحت بعمليات استثمار واسعة لموارد الدولة من قبل رئيس الوزراء والوزراء وحتى بعض المحافظين»، مؤكداً أن «ذلك يخلق حالة من عدم التوازن ويحوّل المنافسة الانتخابية إلى غير عادلة».
في ذلك الوقت أيضاً، رأى رئيس كتلة «ائتلاف دولة القانون» البرلمانية، ياسر المالكي، أن لا يكون رئيس الوزراء طرفاً في ميدان المنافسة الانتخابية، «لكي لا يجيّر موارد الدولة وإمكانياتها لصالح قائمته».
وأشار في «تدوينة» حينها إلى ضرورة أن «يتصف رئيس الوزراء الجديد بروحية الشراكة والعمل الجماعي، لمواجهة المخاطر الخارجية، ويُمنح في المقابل، الصلاحيات اللازمة لاختيار أعضاء حكومته ودعم برنامجه وإصلاحاته، شريطة أن لا يكون طرفاً في ميدان المنافسة الانتخابية، حتى لا يُجيّر موارد الدولة وإمكاناتها لصالح قائمته، فنخسر بذلك الوقت والموارد المطلوبة لإصلاح النظام السياسي ومواجهة التحديات الخارجية وتقديم الخدمات اللائقة بشعبنا الكريم».
في مقابل ذلك، لم يردّ السوداني بشكلٍ مباشر على التصريحات المباشرة للمالكي، وصهره ياسر، غير أنه عادة ما يصرّح في مناسبات انتخابية بأنه «لا يلتفت» إلى الأصوات التي تحاول حرفه عن مسيرته.
وفي وقت سابق من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ذكر في «تدوينة» أن «الحكومة وضعت أولوياتها لتصحيح مسار الإهمال المُزمن وسوء الإدارة والفشل والتأخر بتقديم الخدمات».
وأضاف: «لا مكان بيننا لمن يحاول أن يخرق القانون أو يتجاوز على حقوق المواطنين»، محذرا من «أولئك الذين لا يملكون مشروع بناء الدولة وليس لديهم سوى الشعارات المضللة والفارغة».
واختتم بالقول: «لن نتوقف ولن نتعكز أو نبرر أمام مختلف التحديات، فالعمل هو شعارنا والخدمة والإنجاز هدفنا».
ورغم الاعتراض الواضح للمالكي على التجديد للسوداني لولاية ثانية، غير أن قيس الخزعلي يرى في رئيس الوزراء العراقي «مرشحا كامل الأهلية» لولاية جديدة، رغم إقراره بأن ذلك يعتمد على قرار الإطار.

الحكيم يدعم أيضاً

كذلك يبدي الحكيم موقفاً مشابها للخزعلي، إذ كان القيادي في تيار «الحكمة»، رحيم العبودي، قد أعلن في تصريحات صحافية عن تأييد تياره «لولاية ثانية للسوداني، حتى لو أدى ذلك إلى خلاف مع كتلة دولة القانون»، مبيّناً أن «قرار التأييد يأتي انسجاماً مع رؤية زعيم التيار عمار الحكيم، الهادفة إلى تحقيق تراكم في مسار بناء الدولة».
وفي الواقع، يحتاج السوداني إلى دعم زعيم «التيار الصدري/ التيار الشيعي الوطني»، مقتدى الصدر، وأتباعه لضمان تحقيق الولاية الثانية بأريحية كاملة. لكن هل يمكن تحقيق ذلك في ظل مقاطعة الصدر وسخطه المُعلن على القوى السياسية الماسكة للسلطة في العراق؟
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى تقارير

cron