مع إقتراب موعد الإنتخابات البرلمانية، يزداد الحديث عن المال الإنتخابي وتأثيره على خيارات الناخبين، وكذلك عن السلاح السياسي الذي يستخدم لترهيب المنافسين أو توجيه النتائج لصالح جهات معينة، ويبدو بأن السباق الإنتخابي الذي بدأ فعلا رغم تحذيرات المفوضية التي أطلقت صفارة بدأ السباق وقد يكون هذا السباق مختلفاً بسبب قوة إرادة المتنافسين للحفاظ على ما يسمى المكتسبات.
بالتأكيد المسؤولية هنا جماعية، والدولة مطالبة بفرض القانون وضبط الإنفاق الإنتخابي ومنع السلاح المنفلت بكل أنواعه وأشكاله، وتحييد من يستخدمه.
المال الإنتخابي اليوم لم يعد مجرّد شبهة، أو تهمة نطلقها أو يطلقها البعض بل هو ظاهرة حقيقية تُستخدم لشراء الأصوات وإستمالة الفقراء واليائسين، وهو ما يهدد نزاهة العملية الديمقراطية بالكامل؛ أما السلاح السياسي سواء كان سلاحاً فعلياً بيد جماعات مسلّحة أو سلاح النفوذ والإبتزاز والمساومة، فهو يمارس ضغطاً غير مباشر على المرشحين والناخبين معاً، ليجعل العملية الإنتخابية أقرب ما تكون إلى معركة نفوذ منها إلى تنافس ديمقراطي، وهذا ما يخشاه المواطن العراقي الممتنع والمقتنع بأن نتائج جميع الإنتخابات محسومة!
المفوضية العليا المستقلة للإنتخابات يجب أن تكون حازمة وقرارتها يجب أن تنفذ بمحاسبة المخالفين مهما كانت مواقعهم؛ كي يتولد إنطباع لدى الناخب بأن الإجراءات لا تجامل أحد، كي تكون العقوبات مدخل صلح بين العملية الإنتخابية والمواطن الممتنع عن المشاركة.
القوى السياسية بكل إنتماءاتها وأشكالها عليها أن تتعهد أمام الشعب بترك صناديق الإقتراع تتحدث بلا تهديد أو إغراء، الناخب بدوره مسؤول عن عدم بيع صوته وعدم الخضوع للإبتزاز، لأن التغيير الحقيقي يبدأ من وعي المواطن وإرادته وقناعاته، وينبغي على القوى السياسية العراقية التي فشلت بترتيب أوراقها أن تتصالح مع المواطن، كي تتولد مرحلة جديدة يمكن من خلالها ولادة حكومة قادرة على مسك زمام الأمور وفرض واقع أفضل من الواقع الذي فرضته الأجندات الخارجية، التي أضعفت العراق داخلياً وإقليمياً ودولياً.
بلا شك إن إستمرار المال الإنتخابي والسلاح السياسي في المشهد السياسي يعني أن الديمقراطية ستبقى شكلية، وأن نتائج الإنتخابات لن تعكس الإرادة الحرة للشعب العراقي الذي يطمح لتغيير فعلي وليس شكلي، وقد تكون الفترة ما بعد الإنتخابات الشوط الأخير للقوى التقليدية لتقديم كل ما لديها من خطط ولاعبين للظفر بما يحفظ مكتسباتها ومناصبها ومالها السياسي، وقد تكون للمفاجآت التي قد تحصل قول يختلف .