الوثيقة | مشاهدة الموضوع - هنا برلين، عاش العرب”.. الصوت العراقي الذي ساعد على تغلغل النازية
تغيير حجم الخط     

هنا برلين، عاش العرب”.. الصوت العراقي الذي ساعد على تغلغل النازية

مشاركة » الجمعة أكتوبر 24, 2025 3:36 pm

سلّط معهد “منتدى الشرق الأوسط” الأميركي الضوء على المدى الذي وصلت إليه الدعاية النازية في المنطقة، وخصوصاً في العراق، حيث كانت النساء تغني الأناشيد النازية في الشوارع، وتحديداً من خلال الدور الذي لعبه الإعلامي العراقي يونس بحري في الترويج لألمانيا وسياساتها وزعيمها آنذاك.

وأشار المعهد في تقرير له، إلى أن بحري افتتح أول بث إذاعي له في ألمانيا على الموجة القصيرة، قائلاً “هنا برلين.. يحيا العرب”، في 7 ابريل/نيسان 1939.

ولفت التقرير، إلى أن بحري (1903-1979)، لفه الغموض والأساطير فيما بعد، وكان داعية وصحفياً عراقياً بارزاً.

وأضاف، “قبل مجيئه إلى ألمانيا في العام 1938، كان مقدماً إذاعياً شهيراً في إذاعة الملك العراقي غازي بن عبد العزيز”.

وأشار التقرير إلى أن “بحري كان يُقارن بالإذاعي البريطاني الموالي للنازية وليام جويس الذي كان مناهضاً لدول الحلفاء، وكان معاصرو بحري يصنفونه على أنه النسخة العراقية من اللورد هاو هاو البريطاني”.

وبحسب التقرير، فإن “بحري كان يُوصف بأنه فظ وسريع الكلام ووقح، وكان يتميز بصوته الجهوري، ولغته العربية السليمة، وبتمتعه بموهبة عالية بفطنته اللاذعة وبقدرته على التلاعب بالألفاظ”.

وذكر التقرير، أن “إذاعة صوت برلين” أسرت قلوب المستمعين في كل أنحاء الشرق الأوسط من العام 1939 حتى نهاية الحرب العالمية الثانية في العام 1945، حيث كانت تبث الخطب الدينية، والنشرات السياسية، والنداءات العاجلة لإشعال الثورة المسلحة.

وأضاف، أن “كل رسالة كانت تتضمن أقوى فنون النازية المتمثلة في الترويج لنظريات المؤامرة، ومعاداة السامية، والديماغوجية”.

ويرى التقرير أن “التعاطف العربي مع ألمانيا النازية، الذي كان كبيراً بالأساس، تحوّل إلى حالة جماهيرية بمعاداة اليهود والولايات المتحدة وبريطانيا”.

وأوضح التقرير أن “إذاعة صوت برلين”، كانت أول منصة إعلامية عربية حديثة في المنطقة، مشيراً إلى أن “الوعود التي أطلقتها للجماهير العربية كانت مباشرة وتحريضية، على غرار مثلاً، ترويجها لفكرة أن اليهود سيُطردون من فلسطين، والفرنسيون سيُطردون من سوريا، وستخسر طبقة الباشوات سلطتها في مصر لصالح الفلاحين، وستدعم ألمانيا الوحدة العربية”.

وأشار التقرير أيضاً إلى أن كل هذه القضايا كانت “جذابة للعرب، وخاصة في العراق”، موضحاً أن “الدعاية الألمانية كانت تستهدف بالدرجة الأولى خلق جو من عدم الثقة تجاه الوعود البريطانية، وطرح بديل أفضل من خلال وعود ألمانيا”.

ولفت التقرير، إلى “أمر توجيهي من الزعيم الألماني هتلر يحمل الرقم 30، ويعكس المنهج الأساسي للحملة الدعائية الألمانية هذه، إذ يقول إن انتصار دول المحور سيؤدي إلى تحرير دول الشرق الأوسط من نير الإنجليز، وبالتالي تحقيق حقها في تقرير المصير، لذا، فأن من يحب الحرية، سينضم إلى الجبهة ضد إنجلترا”.

وبحسب التقرير، فأن الفكرة الموحدة كانت تركز على العداء للصهيونية والخطر اليهودي، حيث أن الإذاعات كانت تهاجم المؤامرات والدسائس اليهودية في كل أنحاء الشرق الأوسط وخارجه، بما في ذلك العراق وسوريا ومصر، وتروّج لفكرة أن ألمانيا ستعمل على كسر الجبهة الإمبريالية التي تضم يهود العالم والولايات المتحدة وبريطانيا، وهو ما سيؤدي إلى حصول العرب على تحررهم الوطني.

ووفقاً للتقرير لعب الإذاعي العراقي، دوراً محورياً حيث كان يقرأ نشرات الأخبار، ويترجم خطابات هتلر إلى اللغة العربية، ويدلي بتعليقات، ويطرح تقارير عن المجازر ضد العرب والتي ارتكبها اليهود في فلسطين، ويحذر من المخططات البريطانية لتشكيل جيش يهودي لاحتلال الشرق الأوسط.

ولفت التقرير إلى أن “ألمانيا النازية كانت حتى قبل اندلاع الحرب العالمية الثانية، قد أسرت قطاعات من الجمهور العربي، وخصوصاً في العراق، من خلال المزج ما بين القومية العدوانية وتقديس الشخصية، كالذي أحاط بهتلر”.

وأشار إلى أن “العرب المعجبين بألمانيا سعوا منذ أوائل ثلاثينيات القرن الماضي، إلى ترجمة كتاب (كفاحي) إلى العربية، وأرسلوا وفوداً شبابية إلى النشاطات النازية، وحظروا تداول الأعمال المناهضة للنازية مثل (الكتاب البني لحريق الرايخستاغ) و(إرهاب هتلر”.

وتابع التقرير، أن “القيادات النازية كانت تدرك وجود هذه الأرض الخصبة”، مذكّراً بأن رئيس الشبيبة النازية بالدور فون شيراخ، قام بجولة في سوريا والعراق في العام 1937، واستقطب حشوداً متحمسة من القوميين العرب، حيث من بين من استقبلوا الوفد النازي في مطار دمشق، بعدما رفضت السلطات الفرنسية دخولهم، أفراد من عائلة ميشيل عفلق، قبل وقت طويل من تأسيس عفلق لحزب البعث.

وحتى إيران، وهي ليست دولة عربية، استلهمت من المشاعر الثورية الأوروبية وجرى تبني اسم إيران الذي حل رسمياً محل اسم بلاد فارس في العام 1935، أي في ظل ذروة صعود النازية، بهدف إبراز الأصول الآرية المفترضة لشعبها.

إلا أن التقرير اعتبر أن أية دولة في الشرق الأوسط لم تستوعب الدعاية النازية بدرجة أكثر من العراق حيث تعمقت شعبية ألمانيا بين أفقر الشرائح العراقية لدرجة أن النساء كن يغنين في الشوارع، نشيداً يقول “دع صافرات الإنذار تدوي كل يوم، دع صافرات الإنذار تدق عالياً يا أخوتي… ننتظر سقوط القنابل الألمانية، لننتقم من كل بريطاني… عاش الرجال الذين حملوا اسم النازية.. إنهم نازيون… كباراً وصغاراً… يرفع الجميع صلواتهم إلى الله في العلى.. امنح الألمان النصر… ستسقط بريطانيا مع صديقتها الأميركية ومعها روسيا، أرض الحمر”.

وذكّر التقرير بأن رشيد علي الكيلاني، السياسي العراقي المناهض لبريطانيا والمؤيد لألمانيا، انضم في الأول من أبريل/نيسان العام 1941، إلى مجموعة الضباط العراقيين الموالين للنازية، الذين عُرفوا باسم “المربع الذهبي”، للإطاحة بالوصي، الأمير عبد الإله، الوصي الحارس على الملك الشاب فيصل الثاني.

ولفت التقرير، إلى أن نجاح الانقلاب السريع أثار الحماسة في شوارع بغداد، واجتذب إليه الثوار العرب من كل أنحاء بلاد الشام، إلا أن الانتصار لم يستمر طويلاً، حيث حشّد البريطانيون قوات من الهند، وأعادوا فرض النظام الحاكم القديم في بغداد وسحقوا الحركة الانقلابية، حيث فر الكيلاني إلى إيران أولاً، ثم إلى برلين، حيث انضم إلى منفيين عرب آخرين يعملون لصالح ألمانيا.
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى تقارير

cron