بغداد ـ «القدس العربي»: حمّلت لجنتا الزراعة والمياه والأهوار، والمالية، في مجلس النواب العراقي الحكومة الاتحادية مسؤولية تفاقم أزمة شحّ المياه.
وفيما انتقدتا ما وصفتاه بـ«استهانة» مجلس الوزراء بهذا الملف الذي طُرح للنقاش «بشكل ثانوي» في اجتماع مجلس الوزراء الأخير، دعتا إلى إعلان «حالة طوارئ مائية»، وعقد جلسة برلمانية طارئة بحضور رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، ووزرائه ومختصين، لبحث تداعيات هذا الملف.
أسوأ كارثة مائية
وأصدرتا بيانا مشتركا حمل تواقيع يوسف الكلابي رئيس اللجنة المالية، وفالح الخزعلي رئيس لجنة الزراعة والمياه والأهوار، النيابيتين، خاطبتا فيه الشعب العراقي والمرجعية والقوى السياسية وائتلاف «إدارة الدولة» و«الإطار التنسيقي» ووسائل الاعلام.
وقالت اللجنتان «نحن نعيش أسوأ كارثة مائية يمر بها البلد من خلال معطيات دقيقة رسمتها تقارير موثوقة رسمية من الوزارات والدوائر المعنية والتي أدت إلى تسمم مياه نهري دجلة والفرات، وكذلك شحة مائية كارثية في مناطق الوسط والجنوب، والتي أدت إلى منع الزراعة هذا العام، ومن ثم ستوقف مياه الشرب في المناطق الغربية».
وتحدثتا عن «تقديم مقترح عن طريق وزير الموارد المائية وهو المختص بهذا الموضوع، والذي يعي تماما خطورة هذه الكارثة (قحط المياه) والتي استمرت لأربع سنوات من دون علاجات أو أي حلول تذكر من قبل الحكومة».
ووفق البيان المشترك فإن اللجنتين قدمتا «ورقة بإعلان (حالة الطوارئ المائية) تضمنت عدة إجراءات سريعة ومتوسطة وطويلة الأمد لتفادي هذه الأزمة الكارثية وتبعاتها، ومنها الهجرة من الريف إلى المدينة دون أي استعدادات لاستيعاب لتلك الهجرة»، وكذلك «الكوارث التي سوف تحيط بالفلاح لعدم وجود أي مصدر للدخل، وكذلك نفوق حيواناته، ومطالبة المصارف له بمبالغ القروض التي اقترضها، فضلا عن إيجار الأراضي الزراعية المفروضة عليه من قبل وزارة الزراعة».
ووفق البيان «رغم وجود هذه الكارثة فوجئنا باستهانة مجلس الوزراء بهذا الملف حيث تم طرحه للنقاش بشكل ثانوي، وبالرغم من الطرح الجدي الذي تقدم به الوزراء المختصون ووزيرة الاتصالات مشكورة، لكن رئيس مجلس الوزراء لم يطرح موضوعا لإعلان حالة الطوارئ المائية ولا أي آلية للتعامل مع تركيا، وإنما استمرت الحكومة على نهجها الضعيف للتعامل مع الأزمة بداعي المحافظة على العلاقات الجيدة مع تركيا، بينما كنا ننتظر إعلان حالة الطوارئ، تتبعها اجراءات دبلوماسية واقتصادية وصحية وبينية وتعويضات للفلاحين، وإجراءات الحد من الهجرة من الريف إلى المدينة».
ذلك جميعه «لم يتم الأخذ به، حسب اللجنتين، بل «قوبل بالاستخفاف وعدم الاهتمام».
ودعا البيان إلى «عقد جلسة طارئة لمجلس النواب لاتخاذ القرارات اللازمة والحاسمة فيما يتعلق بموضوع (قحط المياه) وبحضور رئيس مجلس الوزراء والوزراء المعنيين والمختصين عن هذا الموضوع، لتتم المناقشة المباشرة لهذا الملف وجها لوجه مع الحكومة، والتي نعتقد أنها فشلت فشلا ذريعا بل وحنثت اليمين في إدارة الملف المائي، وقيام مجلس النواب بإلزام الحكومة بإعلان حالة الطوارئ المائي».
كما طالب أيضاً «بيان أسباب قيام رئيس مجلس الوزراء بمنع وزير المالية من الحضور إلى اجتماعات اللجنة المالية ولجنة الزراعة والمياه والأهوار، برغم من إرسال اللجان لا كثر من (10) كتب لاستضافتها».
وتحدثت اللجنتان عن «مشكلة الشحة المالية»، مشيرتان إلى تسلمهما معطيات بهذا الشأن «تقوم الدوائر المعنية في وزارة المالية ووزارة التخطيط والبنك المركزي العراقي بإخفائها».
ورغم إن أزمة نُدرة المياه والتغيرات المناخية تعصف بعموم مدن العالم، غير أن العراق يعدً من بين الدول الخمس الأكثر تضرراً، الأمر الذي دفع بالسلطات في المركز والإقليم إلى البحث عن حلول سريعة للتقليل من حدّة الأزمة.
وأمس، أعلنت وزارة الموارد المائية تبني خطة طموحة لمواجهة شح المياه عبر إنشاء سدود «حصاد المياه».
دعتا لعقد جلسة نيابية بحضور السوداني ووزراء ومختصّين
وقالت في بيان إن ذلك يأتي «في إطار التصدي للتحديات المائية الحادة الناجمة عن قلة الواردات من دول المنبع، وانخفاض التساقط المطري والثلجي، أعلنت وزارة الموارد المائية عن سلسلة من الإجراءات، أبرزها تعزيز وتنفيذ مشاريع سدود حصاد المياه».
وأوضح مدير عام الهيئة العامة للسدود والخزانات وسام خلف عبيد، أن «سدود حصاد المياه ليست فكرة جديدة، حيث يوجد في العراق 14 سدا منتشرا في المناطق الصحراوية»، مبيناً أن «الهدف من هذه السدود الحفاظ على مياه الأمطار التي تجري في الأودية والاستفادة منها في المنفعة العامة وتحقيق مردود اجتماعي من خلال توفير مصادر مائية إضافية، علاوة على تغذية المياه الجوفية على المدى البعيد، وتقليل الضغط على الخزين المائي في السدود الرئيسية».
جملة مشاريع
وفي سياق متصل، كشف عبيد عن «جملة من المشاريع التي تم تنفيذها أو هي قيد التنفيذ شملت المباشرة بإعادة تأهيل سد المساد في محافظة الأنبار / قضاء الرطبة بطاقة تخزينية تبلغ 6.8 مليون متر مكعب، بهدف توفير مياه للرعي والري وتغذية المياه الجوفية وتقليل الضغط على نهر الفرات، أضافة الى ترشيح أكثر من 40 موقعاً لسدود مقترحة وحواجز مائية ضمن عدة محافظات وقرار تنفيذها يعتمد على الدراسات اللاحقة ومدى ملائمة إنشائها من عدمها».
ولفت إلى أنه «تم استكمال إجراءات عدد من السدود مثل سد أبو طاقية في الموصل، وسد الأبيض2 في كربلاء، وسد الخرز2 في المثنى والاستعداد للتعاقد مع الجانب التركي لتنفيذها ضمن الاتفاقية الإطارية العراقية ـ التركية، وأيضاَ إنجاز تصاميم خمسة حواجز مائية غاطسة في محافظة نينوى وتنفيذ حاجزين منها هما حاجز عين ماء بحزاني وحاجز عين ماء بعشيقة 2، وكذلك المباشرة قريباً بحواجز مائية في محافظة ديالى، تحديداً في قرية الصفرة وحاجز في قرية الحصان في قضاء سنجار/محافظة نينوى».
وأشار إلى أن «طبيعة التضاريس والبنية الجيولوجية للمنطقة تلعب دوراً حاسماً في اختيار مواقع إنشاء هذه السدود، مما يحد من إمكانية إنشائها في جميع المناطق»، مشيراً إلى «تحديد أولويات لاستكمال دراسات وتصاميم 11 سد حصاد مياه، تشمل: خمسة سدود في محافظة نينوى وهي سد جدالة، سد الداهولي، سد قزالكند، سدي اعالي العجيج، سد الرطبة1 في محافظة الانبار، وثلاثة سدود في محافظة المثنى وهي المهندس وأبو غار والغانمي، وسدي أبو خمسة والملح في محافظة النجف».
وشدد على أن «هذه المشاريع جميعها تهدف إلى الحفاظ على الخزين المائي الوطني وتقليل الفاقد من المياه الذي كان يضيع سابقاً في الأودية»، معرباً عن أمله في «توفير التخصيصات المالية اللازمة لتنفيذ هذه الخطة الطموحة، إلى جانب الإجراءات الأخرى التي تتخذها الوزارة مثل ترشيد استهلاك المياه وتقنينها».
وفي إقليم كردستان العراق، حذر رئيس الحكومة مسرور بارزاني، من مخاطر شح المياه التي يشهدها العراق وما ينجم عنها من هجرة السكان في المناطق التي تتعرض إلى التصحر.
وقال في كلمة ألقاها خلال مراسم افتتاح مشروع مائي في أربيل، إن «الحفاظ على المياه مسؤولية تقع على عاتقنا جميعا، وينبغي أن يكون التعامل مع هذا الموضوع بوعي تام، وأن نحافظ على البيئة في إقليم كردستان».
وأكد أن «الأمطار تساقطت بقلة في السنوات الماضية، والأنهار والجداول قد جفت في الكثير من المناطق، وتأثير قلة هطول الأمطار بات واضحا جدا في العراق»، مردفا بالقول: «نحن لن نكون بمعزل عن هذا الوضع، وللأسف ما يمكننا فعله هو تحجيم الأضرار الناجمة عن شح المياه على بيئتنا».
وأعرب عن أمله بأن «تتساقط الأمطار بغزارة هذا العام، وألّا تكون كالسنوات السابقة، وألّا نتعرض للجفاف»، مستدركا القول: «إننا ومن خلال المشاريع المائية التي نفذتها حكومة الإقليم لن نصل الى مرحلة الهجرة من كردستان».
وأوضح أنه «مما لا شك فيه تأثير شح المياه شديد على الناس، والعراق من تلك البلدان التي تتعرض وبشكل قاس الى الشحة المائية»، معتبراً إن «شح المياه تصاحبه مخاطر أخرى تتمثل بهجرة المواطنين من منطقة إلى أخرى، لأن طبيعة الإنسان تفرض عليه البحث عن الحياة والهجرة من المناطق التي تتعرض إلى التصحر».