حارم (سوريا)- (أ ف ب) – دمشق – الزمان
خاضت قوات الأمن السورية الأربعاء اشتباكات ضد جهاديين فرنسيين يتراوح عددهم بين 120 و150، بعد تطويق مخيمهم في شمال غرب سوريا واتهامها قائدهم برفض تسليم نفسه على خلفية خطف فتاة، في أول مواجهة تعلنها السلطة الانتقالية ضد مقاتلين أجانب منذ وصولها الى دمشق.
وبحسب مصدر دبلوماسي مطلع فإن المعركة الموجلة مع الأجانب الرافضين لسوريا الجديدة قد بدأت ولن تتوقف ، وينضوي الأجانب تحت لواء فرقة «الغرباء» الصغيرة التي لم تنضم مع الفصائل المسلحة للجيش السوري الجديد.
وتتخذ «فرقة الغرباء» التي يقودها الجهادي الفرنسي السنغالي عمر ديابي المعروف بعمر أومسن، من مخيم على أطراف مدينة حارم في شمال غرب سوريا مقرا لها. ويقيم فيه عشرات المقاتلين الفرنسيين الذين يُشتبه بمساهمته في تجنيدهم خلال سنوات النزاع السوري، مع أفراد عائلاتهم. وقال مصدر في دمشق ان التعليمات الرئاسية تقضي بعدم التهاون والتسامح مع أي جناح يبدي تطرفا مهما كان . واندلعت ليل الثلاثاء الأربعاء اشتباكات بين الطرفين، أعقبت وفق المرصد السوري لحقوق الانسان بدء «عملية موسعة» باشرتها قوات الأمن واستهدفت المخيم «بعد تطويقه بهدف تسليم عناصر فرنسيين مطلوبين من حكومتهم».
وتراجعت وتيرة الاشتباكات بعد ظهر الأربعاء، بحسب شهود عيان..
وكانت قوى الأمن الداخلي اتهمت في بيان ديابي (50 عاما) بقيادة «مجموعة مسلحة خارجة عن القانون» أقدمت على «خطف فتاة من والدتها».
وأفاد قائد الأمن الداخلي في محافظة إدلب العميد غسان باكير في بيان، عن حصول مساع للتفاوض مع ديابي من أجل «تسليم نفسه طوعا الى الجهات المختصة»، إلا أنه رفض، وتحصّن داخل المخيم، ومنع المدنيين من الخروج، وشرع بإطلاق النار واستفزاز عناصر الأمن وترويع الأهالي».
وطوقت قوات الأمن إثر ذلك المخيم، إضافة الى تثبيت نقاط مراقبة على أطرافه. وأكد باكير أن قوات الأمن «ستواصل بحزم اتخاذ جميع الإجراءات القانونية والأمنية اللازمة لضمان إنفاذ القانون».
وقال جبريل، وهو ابن ديابي، لوكالة الصحافة الفرنسية عبر تطبيق واتساب إن «الاشتباكات بدأت بعد منتصف الليل» وكانت «لا تزال مستمرة» حتى ظهر الأربعاء، مشيرا الى «قصف قوات الأمن المخيم الذي يضم نساء وأطفالا».
وأضاف لاعب كرة القدم الذائع الصيت في إدلب أن الاشتباكات مرتبطة «برغبة فرنسا تسلم فرنسيين اثنين من المجموعة».
وفي وقت لاحق، تراجعت حدة الاشتباكات.
وأفاد مراسل لوكالة الصحافة الفرنسية عن هدوء في محيط المخيم حيث تجمع مقاتلون فرنسيون وآخرون أجانب، غالبيتهم ملثمون. وقال إن الطرق المؤدية الى المخيم شهدت حركة سير خفيفة جدا.
وأشار مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن الى «هدوء يسود حاليا في منطقة حارم بالتزامن مع وساطات يتولاها جهاديون آسيويون»، يقفون الى جانب الجهاديين الفرنسيين. وأشار الى ان قوات الأمن ما زالت موجودة في المنطقة.
ونفذت قوات الأمن السورية منذ الثلاثاء انتشارا كثيفا في منطقة حارم، وفق ما أفاد شاهد عيان وكالة الصحافة الفرنسية، من دون ذكر اسمه حفاظا على سلامته. وقال إنه شاهد آليات مزودة بأسلحة رشاشة تصل تباعا الى البلدة.
وأوضح أنه لازم منزله مع أطفاله الأربعاء بعد ليلة تخللها «قصف متقطع.. ودوي انفجارات بين الحين والآخر». وتعد هذه أول مواجهة تعلن السلطات الجديدة خوضها ضد جهاديين أجانب، منذ إطاحتها حكم الرئيس المخلوع بشار الأسد، وسعيها الى تبني صورة أكثر اعتدالا امام المجتمع الدولي.
ويشكل ملف المقاتلين الأجانب الذين تدفقوا الى سوريا خلال سنوات النزاع مسألة شائكة مع رفض معظم دولهم عودتهم اليها وعدم قدرة الرئيس الانتقالي أحمد الشرع التخلي عنهم بعد قتالهم لسنوات في جبهة واحدة ضد الأسد.
على غرار الآلاف من المقاتلين الأجانب، استقر الجهاديون الفرنسيون بقيادة ديابي في محافظة إدلب التي شكلت لسنوات معقل هيئة تحرير الشام التي تزعمها الشرع وقادت الهجوم الذي اطاح بالحكم السابق. وقاتلت تلك الفصائل جنبا الى جنب ضد سلطة الأسد. وسبق للهيئة أن اعتقلت ديابي المصنّف من واشنطن «ارهابيا دوليا» والمطلوب من بلاده، لنحو عام ونصف العام، قبل أن تفرج عنه مطلع شباط/فبراير 2022.
ولا تحظى المجموعة التي يقودها بنفوذ كبير على غرار المقاتلين التركستان أو الأوزبك. وقدّرت مصادر أمنية فرنسية لفرانس برس نهاية 2024 عدد أفرادها بقرابة خمسين عنصرا يقيمون مع العشرات من افراد عائلاتهم في مخيم حارم.
وكان ديابي المدان بجنح، يعمل في مطعم في نيس في جنوب شرق فرنسا قبل أن ينتقل إلى سوريا العام 2013، حيث قاد الفصيل الذي يضم شبانا فرنسيين غالبيتهم من منطقة نيس.
وبعيد وصوله الى السلطة، أعلن الشرع حل كافة الفصائل المسلحة بينها هيئة تحرير الشام، قبل أن تنضم تباعا الى صفوف وزارة الدفاع السورية. ويحمل بعض المقاتلين المتشددين على الشرع سعيه الى تبني نهج اكثر اعتدالا منذ تسلمه الحكم.