بغداد ـ «القدس العربي»: قدّم النائب العراقي مصطفى سند إخباراً للقضاء ومفوضية الانتخابات، بشأن استغلال القائمة الانتخابية التي يتزعمها رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني لوحات إعلانية حكومية كلّفت الدولة مبلغ مليوني دولار، لبثّ دعايتها الانتخابية الخاصة، في محاولة عدّها مخالفة قانونية صريحة باستغلال السلطة والنفوذ لأغراض سياسية، وسط تحذيرات سياسية من فقدان العملية الانتخابية مبدأ العدالة وتكافؤ الفرص بين المرشحين.
تخص القمة العربية
وفي إخبار رسمي وجهه النائب سند إلى محكمة تحقيق الكرخ الثانية في بغداد، ومجلس المفوضين في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، أشار إلى إنه «خلال انعقاد القمة العربية في بغداد، قامت الحكومة بالتعاقد مع عدد من الشركات لتنفيذ (180) لوحة إعلانية ترحيبية بالقمة، وبكلفة بلغت (2 مليون دولار أمريكي) وكان من المفترض أن تعاد هذه اللوحات الإعلانية بعد انتهاء أعمال القمة إلى أمانة بغداد، ليتم بيعها أو تأجيرها وتكون عائداتها إلى خزينة الدولة، إلا أننا فوجننا بقيام قائمة (ائتلاف الإعمار والتنمية) التابعة إلى رئيس الوزراء باستغلال تلك اللوحات لأغراض الدعاية الانتخابية الخاصة بها، من خلال نشر صور ودعايات انتخابية في المواقع نفسها».
واعتبر سند ذلك بأنه «يشكل مخالفة قانونية صريحة باستغلال السلطة والنفوذ لأغراض سياسية، وهو أيضا هدر في المال العام نتيجة عدم استيفاء أي موارد مالية عن ايجار تلك اللوحات، بالإضافة إلى استغلال محرمات مطار بغداد الدولي من خلال نصب صور دعائية للقائمة في مداخل المطار».
ودعا إلى «اتخاذ الإجراءات القانونية لردع ظاهرة استغلال موارد الدولة كما هو معمول به في الدول التي تعتمد النظام الديمقراطي بالتبادل السلمي للسلطة، حيث جرت مؤخرا محاكمة للرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي من قبل المحكمة الجنائية في باريس بعدة تهم وأحدها هي مخالفة تخص الدعاية الانتخابية». وتأكيداً لموقف سند، كشف النائب ياسر الحسيني عن عزمه تقديم «بلاغ رسمي» إلى ثلاث جهات مختصة بشأن ما وصفه بـ«استغلال الحكومة لموارد الدولة في دعم قوائم انتخابية ومرشحين» في بغداد وعدد من المحافظات.
وقال في تصريح لمواقع إخبارية محلية، إن «الدعم الحكومي لبعض القوائم والمرشحين بات واضحاً ولا يختلف عليه اثنان، وقد تم رصده ميدانياً في العاصمة بغداد ومحافظات أخرى»، معتبراً أن «ذلك يشكل خرقًا صريحًا للضوابط والتعليمات المعمول بها في العملية الانتخابية».
نائب قال إنها كلّفت مليوني دولار… وقدّم إخباراً للقضاء والمفوضية
وأضاف أن «البلاغ الذي سيُقدَّم إلى الادعاء العام وهيئة النزاهة والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات، سيكون مدعومًا بجميع التفاصيل والأدلة التي يتم جمعها حاليًا»، مشيراً إلى أن «هذه الخطوة تهدف إلى حماية المسار الديمقراطي ومنع استغلال المشاريع والمال العام في الترويج لقوى أو مرشحين على حساب مبدأ المنافسة العادلة وتكافؤ الفرص». يتزامن ذلك مع تأكيد رائد فهمي، سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، أن الحملة الانتخابية الحالية تشهد «إنفاقًا ماليًا غير مسبوق واستخدامًا واضحًا للنفوذ والسلطة»، ما يفقد العملية الانتخابية مبدأ العدالة وتكافؤ الفرص بين المرشحين. وذكر في تصريح لصحيفة حزبه أن «القوى التي لا تمتلك السلطة والمال تخوض الانتخابات في ظروف صعبة وتعتمد على إقناع الناخب بدل المال السياسي».
وأوضح أن «أنشطة متعددة سبقت انطلاق الحملة الانتخابية وتلتها، غير أن السمة البارزة لهذه الانتخابات هي الأموال الضخمة التي صُرفت في سبيلها، ما أوجد حالة من اللاعدالة الواضحة، ليس فقط من حيث الإنفاق المالي، بل أيضًا في استغلال المناصب والنفوذ»، لافتاً إلى أن «العديد من المرشحين يشغلون مناصب عليا في الدولة، تتيح لهم موارد وإمكانات لا تتوفر للمرشحين الآخرين».
وطبقاً لزعيم الحزب فإن «قانون الأحزاب كان من المفترض أن يُطبّق بشكل جدي لضمان حدٍّ أدنى من المنافسة العادلة، إلا أن الواقع يشير إلى غياب ذلك، خصوصًا مع مشاركة جماعات سياسية تمتلك تشكيلات مسلحة تستخدمها في الأطر الانتخابية، وأن بعض الأحزاب التي تمتلك فصائل مسلحة تدخل الحملة ولديها أعداد مضمونة من الناخبين، ما يمنحها تفوقًا مبكرًا، على القوى التي لا تملك المال أو النفوذ أو السلطة وتخوض الانتخابات في ظروف صعبة وتحديات كبيرة».
كما انتقد فهمي «محاولة اختطاف العملية الانتخابية عبر المال السياسي وشراء الذمم بدل العمل على تعزيز الثقة والنزاهة والمصداقية من خلال طرح برامج انتخابية حقيقية».
أموال طائلة
في الأثناء، تحدث الوزير العراقي السابق، زعيم تحالف «مستقبل العراق»، باقر الزبيدي، عن أموال طائلة تُبذخ في الدعايات الانتخابية، مؤكداً أن أصول تلك الأموال يعود للموازنات والوزارات و«الدوائر المنهوبة» من قبل اللجان الاقتصادية للأحزاب. وذكر في بيان صحافي أنه «مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية المقبلة، ورغم تأكيدنا على أهميتها كمدخل لصناعة برلمان قادر على إقرار القوانين وحكومة جديدة قادرة على التخفيف عن كاهل المواطنين، إلا أن ما يحدث الآن هو ترسيخ لأنواع فساد جديدة يدفع المواطن ثمنها».
وأفاد بأن هناك «مظاهر ترف وبذخ كبيرة في حملات بعض المرشحين وولائم ومنح سيارات حديثة وأموال طائلة من قبل بعض الأحزاب لمرشحيها، وهنا لا بد من طرح السؤال الأهم من أين جاءت الأحزاب بهذه الأموال؟».
ورأى الزبيدي أن «هذه الأموال هي أموال الموازنات والوزارات والدوائر المنهوبة من قبل اللجان الاقتصادية سيئة السمعة، وهي أموال العراقيين الذين باتوا يعانون من أبسط عملية مراجعة لدوائر الدولة بسبب الضرائب التي أصبحت تثقل كاهلهم فيما تتباهى بعض الأحزاب بهدر المال في سبيل الانتخابات».
وأضاف: «كما لا بد ألا نغفل عن الدعم الخارجي الذي يدعم بعض المرشحين على أمل أن يمنح هؤلاء ما لا يملكونه»، معتبراً في الوقت عينه أن «هذا الدعم الخارجي هو عار حقيقي سوف يلاحق ضعاف النفوس ممن لا يعرفون أن التاريخ سوف يسجل مواقفهم المخزية».
وأكد الزبيدي ان «أموال العراقيين تصرف اليوم في غير موضوعها، في وقت يعاني المواطن بشكل مجحف من غلاء الدواء وارتفاع أسعار الدولار وتأخر الرواتب وعدم وجود رقابة حقيقية على الأسواق واستمرار دخول المزيد من الشباب العراقي إلى طوابير العاطلين عن العمل».
وذكر أيضاً أن «هذه الأفعال ومن يقفون خلفها هي السبب الحقيقي لعزوف العراقيين عن الانتخابات، ومن يريد أن يدفع الناس نحو الصناديق عليه أن ينصفهم أولا».