الوثيقة | مشاهدة الموضوع - أزمة جفاف جنوب العراق: توقف مشاريع ري وتصحّر أراضٍ زراعية
تغيير حجم الخط     

أزمة جفاف جنوب العراق: توقف مشاريع ري وتصحّر أراضٍ زراعية

مشاركة » الأربعاء أكتوبر 08, 2025 4:21 am

5.jpg
 
بغداد ـ «القدس العربي»: أكد مختصون في مجال البيئة، أمس الثلاثاء، أن مناطق جنوب العراق تعاني من أزمة جفاف حادة، أسهمت في توقف العديد من مشاريع الري، وتعرّض أراضٍ زراعية للتصحر.
وفيما أشاروا إلى أن أسباب الأزمة تعود إلى شحّ الأمطار وقلة الإطلاقات المائية من دول الجوار لنهري دجلة والفرات، شددوا على أهمية تفعيل الجهد الدبلوماسي، وترشيد المياه، بالإضافة إلى تشكيل خلية أزمة لتدارك تداعياتها.
ووفق بيان لمرصد «العراق الأخضر» البيئي، فإن «تأخر موسم الأمطار، كما توقع المرصد في وقت سابق، أسهم في تفاقم هذه الأزمة أكثر، رغم وجود حديث عن أن هذا الموسم سيكون مختلفاً عن المواسم السابقة بزيادة هطول الأمطار وامكانية الاستفادة منها في ملء السدود والخزانات التي انخفضت مستويات الخزين المائي».
وأضاف أن «الحديث عن زيادة تركيا للإطلاقات المائية في العراق عار من الصحة، بدليل الازمة المائية في المحافظات الوسطى والجنوبية والتي لا تزال كما هي منذ حزيران/يونيو الماضي ولغاية الآن، والتي تسببت في جفاف الأهوار ونفوق الأسماك وأعداد كبيرة من الجاموس».
وشدد على وجوب «مصارحة الجهات المعنية بملف المياه في البلد للشعب العراق بصعوبة الوضع المائي في العراق، وإمكانية التعاون بين الحكومة والمواطن من أجل عبور هذه الأزمة التي تتفاقم يوما بعد يوم».
في حين دعت مؤسسة «غداً لإدارة المخاطر»، المجتمع الدولي والمنظمات الأممية المعنية بالبيئة والمياه، إلى الوقوف إلى جانب العراق في الدفاع عن حقوقه المائية المشروعة، والمساهمة في مشاريع دعم البنية التحتية المائية ومواجهة آثار التغير المناخي.
وذكرت في بيان صحافي: «شهد العراق في الآونة الأخيرة أزمة مائية غير مسبوقة، مع تفاقم جفاف نهر دجلة وتراجع منسوب المياه في أغلب محافظات البلاد، ولا سيما في محافظات الجنوب، حيث سجّلت محافظة البصرة مستويات قياسية في صعود اللسان الملحي، ما أدى إلى نقص حاد في مياه الشرب وتضرر مساحات واسعة من الأراضي الزراعية، كما أن انخفاض معدلات هطول الأمطار وتراجع الإطلاقات المائية من دول المنبع، خصوصاً تركيا، قد عمّق الأزمة إلى حدّ هدد الأمن المائي والغذائي للبلاد، فيما أعلنت وزارة الزراعة أن الاحتياطيات المائية وصلت إلى مستويات خطيرة تستوجب تقنين التوزيع لحماية ما تبقى من الموارد».
وأوضحت أن «تدفق نهر دجلة انخفض إلى 200 متر مكعب في الثانية مقارنة بالحاجة الفعلية البالغة 450 متراً مكعباً في الثانية، فيما لا يتجاوز تدفق نهر الفرات 151 متراً مكعباً في الثانية مقابل حاجة العراق إلى 350 متراً مكعباً، وهو ما تسبب بجفاف مساحات زراعية واسعة وتوقف مشاريع الري في مناطق متعددة».

شحّ الأمطار وقلّة الإطلاقات المائية لدجلة والفرات يعمّقان الأزمة

ودعت جميع مؤسسات الدولة ذات العلاقة إلى «التحرك العاجل لمواجهة هذه الأزمة الوطنية»، من خلال «تكثيف الحوار الدبلوماسي مع دول المنبع، لضمان الإطلاقات المائية الكافية، وتشكيل خلية أزمة وطنية تضم وزارات الموارد المائية والزراعة والبيئة والحكومات المحلية في المحافظات الجنوبية المتابعة إجراءات الطوارئ، ووضع خطط مستدامة لترشيد استهلاك المياه وتحسين شبكات الري وتقليل الهدر في الاستخدام الزراعي والصناعي»، فضلاً عن «تأمين مياه الشرب للمواطنين في المحافظات الأكثر تضرراً، خصوصاً البصرة وذي قار والمثنى، عبر حلول عاجلة مثل محطات التحلية المتنقلة».
كما حثّ البيان المجتمع الدولي والمنظمات الأممية المعنية بالبيئة والمياه على «الوقوف إلى جانب العراق في الدفاع عن حقوقه المائية المشروعة، والمساهمة في مشاريع دعم البنية التحتية المائية ومواجهة آثار التغير المناخي».
ورأى أن «تفاقم الجفاف جعل مظاهر الأزمة واضحة في معظم المحافظات الجنوبية، حيث جفّت مجاري الأنهار وتشققت الأراضي الزراعية، وتراجعت أنشطة كانت تمثل العمود الفقري للاقتصاد الريفي مثل زراعة الشلب (الرز) وتربية الجواميس وصيد الأسماك»، معتبراً أن «استمرار الأزمة دون حلول واقعية وسريعة سيقود إلى كارثة بيئية وإنسانية تطال ملايين العراقيين وتؤثر على استقرار البلاد وأمنها الغذائي، وهو ما يتطلب إرادة سياسية جادة ومسؤولية وطنية شاملة قبل فوات الأوان».
أما مكتب «المفوضية العليا لحقوق الإنسان» في البصرة، فطالب بعقد جلسة لمجلس الوزراء في المحافظة، بعد ارتفاع نسب الملوحة والتلوث.
وذكر في بيان صحافي أمس أن دعوته هذه جاءت نتيجة «الواقع المزري لمحافظة البصرة بارتفاع نسب الملوحة والتلوث مع دخول فصل الخريف، وضمن مبدأ الحق في الحياة لـ(محافظة البصرة المنكوبة) بالمياه، ومع اقل حصة مائية تصل الى البصرة منذ 100 عام ويقدر ما يصل الى البصرة ليس بأكثر من 30 متر³/ثا، ومع استمرار سلب حصة البصرة من المناطق الواقعة من ناحية الثغر حتى قضاء العزير ثم ما يذهب لتغذية الجبايش»، مبيناً أن «السلب الآخر لما يقارب لأكثر من 30٪ من الواصل من حصة البصرة إلى الشركات النفطية، والتجاوزات الداخلية المستمرة».
ولفت البيان الى أنه «نظرا لغياب الاهتمام والرقابة لما يعانيه الأهالي في محافظة البصرة والتي تؤشر وللأسف إلى وجود تمييز مع بقية مدن العراق، وتحول شط العرب إلى مكب للمياه الثقيلة والمالحة الملوثة، يطالب المكتب مجلس الوزراء بالانعقاد في البصرة».
كما طالب بـ «عدم تأخير ذلك لقرب الانتخابات واتخاذ قرارات لحماية حصة البصرة المائية»، معتبراً أن «استمرار إهمال هذه المحافظة المنكوبة سيؤدي إلى عواقب وخيمة».
وتشهد مناطق شمال محافظة البصرة منذ أيام، حراكاً احتجاجاً للمطالبة بتحسين الخدمات وتوفير المياه، خصوصاً الصالحة للشرب، وسرعان ما تطور إلى قطع طريق رئيس يربط بغداد بالمحافظة.
وفي آخر تطورات هذه التظاهرات، أعلن قائد «الحراك الشعبي في قضاء الدير» شمالي البصرة، مثنّى الربيعي، أمس الثلاثاء، تعليق التظاهرات السلمية مؤقتًا، بعد حصول توافقات مع الجهات الحكومية المعنية بملف الماء والخدمات، مشيراً إلى أنّ القرار جاء استجابةً لتعهّد رسمي بتنفيذ إجراءات عاجلة لتحسين واقع المياه في القضاء ونواحي الشافي والنشوة والمصطفى.
وقال في تصريحات صحافية إن «قرار تعليق التظاهرات في هذه المرحلة يأتي إفساحًا للمجال أمام الجهات التنفيذية لتباشر بتنفيذ وعودها التي قطعتها أمام الأهالي، وقد لمسنا تجاوبًا إيجابيًا من بعض الدوائر الحكومية التي أبدت استعدادًا فوريًا لمعالجة الأزمة».
وأضاف: «نحن نراقب الوضع عن كثب، وسنواصل المتابعة الميدانية لحين تنفيذ المشاريع المعلنة بالكامل»، موضحاً أنّ «الحراك الشعبي لا يسعى إلى التصعيد بقدر ما يسعى إلى تحقيق المطالب المشروعة بالطرق السلمية والقانونية، ولن نتراجع عن حقّنا في الخدمات الأساسية».
وأفاد أيضاً بأن «الحراك سيحتفظ بحقه الدستوري في العودة إلى التظاهر السلمي في حال تخلّفت الجهات المعنية عن وعودها»، مؤكداً «نأمل أن تكون هذه الوعود صادقة وأن تُترجم على الأرض، فالماء والخدمات ليست مطالب كمالية بل حقوق إنسانية لا يمكن التنازل عنها».
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى تقارير