ترجمة: حامد أحمد
أعرب مزارعون في قرى عديدة من إقليم كردستان عن ارتياحهم وسعادتهم بالعودة إلى مزاولة أنشطتهم الزراعية، وذلك بعد سنوات طويلة من عدم استقرارٍ أمني ناجمٍ عن المواجهات العسكرية بين مسلحي حزب العمال الكردستاني المتواجدين في مناطق قروية وزراعية في الإقليم، وبين الجيش التركي الذي اعتاد شنَّ ضرباتٍ جوية على مواقع أفراد الحزب، مسبِّباً مغادرة مئات العوائل لقراها، مشيرين إلى أنهم قادرون الآن على حصاد محاصيلهم وعرض منتجاتهم الزراعية دون خوف.
وجاء في تقريرٍ لموقع روداو الإخباري أن سكاناً من أهالي قرى في شمال محافظة دهوك باشروا الجمعة التحضير لمهرجانٍ رمزيٍّ للاحتفال بحالة السلام والاستقرار النادرين بعد عقودٍ من الصراع بين تركيا ومسلحي حزب العمال الكردستاني (الـPKK).
وكانت قرية كاشان في محافظة دهوك على خطوط التماس في الصراع بين عناصر الحزب والجيش التركي على مدى ثلاثة عقود، وغالباً ما كان الوصول إليها صعباً ومقيّداً، لكن مجريات عملية السلام التي أُطلقت قبل عامٍ جلبت ارتياحاً كبيراً للسكان.
واحتفل الأهالي بهذه الأجواء الهادئة من خلال مهرجانٍ محليٍّ يعرضون فيه منتجاتهم الزراعية المختلفة، بما فيها إنتاج عسل النحل الذي يشتهرون به.
أنور محمد، أحد المزارعين في القرية والمهتم بتجارة وتسويق عسل النحل الطبيعي، يقول: «نحن مشهورون في قرية كاشان بإنتاج العسل، الذي نعتبره الأفضل. هذا العام كان الإنتاج جيداً والحمد لله».
أما لالة يوسف فتقول إنّه بسبب الهدوء الذي يعمّ القرية فإن كلَّ شيءٍ جيدٌ الآن، مضيفةً: «في الماضي لم نكن نستطيع البقاء في الخارج بسبب نيران المدفعية وقصف الطائرات».
قرى سارارو، أديني، دشيش، كيستا، وتشوكي، وهي قرى متجاورة في منطقة بارواري بالا، كانت قد خلت من سكانها بعد أن شنت تركيا عملياتها البرية والجوية التي أطلقت عليها «مخلب البرق» و«مخلب الصاعقة» ضد مسلحي حزب العمال الكردستاني في نيسان 2021.
وفي هذا الربيع، أعلن حزب العمال الكردستاني وقفَ إطلاق النار وحلَّ نفسه، فيما يعمل البرلمان التركي الآن على صياغة مسارٍ قانونيٍّ نحو السلام. وقد مكّن وقف الأعمال القتالية القرويين من العودة إلى منازلهم.
وقال عبد الرحمن حسين، زعيم قرية سارارو: «عندما تركنا أراضينا، كنتم قد جئتم وشاهدتم كيف كانت حالتنا. لقد عدنا منذ الربيع، والحمد لله، نحن الآن مع عائلاتنا، والهدوء والاستقرار يعمّان المكان». وكان تقريرٌ لمنظمة السلام الهولندية (باكس – PAX) قد تناول تفاصيل دراسةٍ تحليليةٍ للأضرار البيئية التي لحقت بغابات ومزارع إقليم كردستان على مدى عقدٍ من السنين، تراوحت بين حرائق ناجمةٍ عن التغير المناخي وأخرى بسبب الأعمال العسكرية والقصف بالطائرات الناجم عن الصدامات الجارية بين مسلحي حزب العمال الكردستاني والجيش التركي، مؤكداً أنه خلال شهرٍ واحدٍ في عام 2024 نفذت الطائرات التركية 381 غارةً جوية توزعت بين قرى العمادية وجبال قنديل ومناطق ومزارع أخرى في دهوك وأربيل والسليمانية وسنجار.
وألحقت تلك الغارات أضراراً بمساحاتٍ واسعةٍ من الأراضي الزراعية، تسببت بنزوح المئات من العوائل القروية، وإلحاق دمارٍ بالبنى التحتية فيها.
وأظهرت التحليلات أن المناطق الرئيسية في الإقليم التي تضررت من النشاط العسكري بين الطرفين هي منطقة العمادية في محافظة دهوك، وقرية برادوست وجومان في أربيل، وكذلك في السليمانية. وكانت القوات التركية قد كثفت أنشطتها العسكرية في شهر تموز 2024، حيث تقدمت قواتها في شمالي العراق واشتبكت في صداماتٍ متفرقةٍ مع مسلحي الـPKK.
واستناداً إلى تقريرٍ صادرٍ عن فرق «مجموعة السلام» وهي منظمة محلية غير حكومية، فإن تركيا نفذت خلال الفترة الممتدة ما بين 15 حزيران إلى 15 تموز عام 2024 ما يقارب 381 ضربةً جوية وهجماتٍ بطائراتٍ مسيّرة على مواقع لحزب العمال الكردستاني في الإقليم. ومن مجموع هذه الضربات، فإن 289 ضربة حدثت في دهوك، و48 ضربة جوية في مواقع بمحافظة أربيل، و42 ضربة في مواقع بمحافظة السليمانية، وضربة واحدة في منطقة سنجار. ووفق إحصاءاتٍ غير رسمية، فإن أكثر من 400 قريةٍ في محافظة دهوك وحدها أصبحت شبه خالية بسبب العمليات العسكرية بين تركيا ومسلحي حزب العمال الكردستاني، حيث توقفت فيها الأنشطة الزراعية بشكلٍ كامل، كما تحولت مناطق سياحية طبيعية فيها إلى أماكن غير آمنة بسبب العمليات العسكرية.
عن مواقع إخبارية