بغداد ـ «القدس العربي»: يقود زعيم «التيار الصدري/ التيار الوطني الشيعي»، مقتدى الصدر، حراكاً شعبياً يحثّ على مقاطعة الانتخابات التشريعية المقررة في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، ويدعو لإصلاح العملية السياسية في العراق عبر «تغيير شامل» للقادة وزعماء الأحزاب النافذة منذ عام 2003، في وقتٍ جدد فيه زعيم ائتلاف «دولة القانون» نوري المالكي، وفصيل شيعي مسلح منضوي في «الحشد الشعبي» ومقرب من رجل الدين الشيعي البارز علي السيستاني، التأكيد على أهمية المشاركة في الانتخابات وحقّ الشعب في تقرير مصيره من خلال صناديق الاقتراع.
وعلى خلفية إيضاح أصدره «وزير القائد» المقرب من الصدر، بشأن أسباب مقاطعة زعيم «التيار الصدري» للانتخابات، خرج المئات من أتباع الصدر في تظاهرات ليلية في محافظة البصرة الجنوبية، لإعلان تأييدهم لموقف زعيمهم.
المتظاهرون الذين تجمّعوا في شارع مستشفى النفط وسط المدينة، حاملين صور الصدر وأعلام العراق، فضلاً عن لافتات تؤكد مقاطعتهم للانتخابات النيابية، اعتبروا أن حراكهم يتوافق مع حقّهم الديمقراطي المكفول دستورياً.
وقال المتظاهرون إنهم يرفضون المشاركة في الانتخابات لاعتبارهم أنها «غير منصفة ولا تحقق فائدة»، فيما اتخذت القوات الأمنية إجراءات لتنظيم حركة السير وتأمين موقع التجمع.
وأوضح القائمون على الوقفة أن «دوافع هذه الخطوة جاءت نتيجة المعاناة التي يعيشها العراقيون بسبب نقص الخدمات الأساسية وانتشار الفساد في مفاصل الدولة»، مؤكدين أن «الانتخابات الحالية لا تمثل طموحات الشعب ولا تعبر عن إرادته الحقيقية».
وفي مدينة العمارة مركز محافظة ميسان المجاورة، رفع أتباع الصدر صورة كبيرة لزعيمهم تحمل عبارات «مقاطِعون بأمر القائد»، واقتباسات من أقوال الصدر منها «مشاركتكم للفاسدين تحزنني ومقاطعتكم للانتخابات أمر يفرحني».
ومنذ أيام، يواصل أتباع زعيم التيار الصدري وضع صور زعيمهم وعبارة «مقاطعون» أمام منازلهم، في إشارة إلى دعم حمّلة الصدر وتأييدهم لها.
وكان الصدر قد حذّر من وجود «بعثيين» في القوائم الانتخابية، متوعدا بعدم السكوت في حال عودتهم إلى البرلمان ومفاصل الدولة.
ونقل «صالح محمد العراقي/ وزير الصدر»، عن الأخير قوله: «إذا قيل لكم لماذا أنتم مقاطعون، يكون جوابكم بالأمس (هم )قاطعوا خمسة وسبعين نائباً شيعياً. واليوم نقاطعهم فإنهم إن قالوا بحرمة مقاطعة سياسي الشيعة، فمقاطعة الـ 75 أيضاً حرام، وإن قالوا: إنكم لستم شيعة، قلنا: فلمِ تريدون أصواتنا!».
ومن بين أسباب المقاطعة يضيف: «جرّبنا الإصلاح من داخل العملية الانتخابية والسياسية، فلم نلقَ أُذناً واعية.. بل التخوين كان عدونا، واليوم نجرب الإصلاح من خارج العملية السياسية، فعطلة عيد الغدير نجحت بلا نواب كما نجح قانون التجـريم مع النواب».
وتابع: «نحن جند للدين والمذهب والوطن أينما حللنا: داخل العملية السياسية أم خارجها.. وكلنا على أُهبة الاستعداد التام أمام المخاطر الداخلية والخارجية على حدّ سواء.. ومن قاوم المحتل لن يألوا جهداً أمام المخاطر الأخرى»، متسائلاً: «كيف نعطي صوتنا لمن يقول إننا أصحاب أجندات خارجية طبعاً مو (ليس باللهجة المحلية) شرقية؟ ولا تحرير رهائن إسرائيلية ولا طلب تحسين علاقات جنوبية، وكيف نعطي أصواتنا لمن تقول تسريباته أنه يريد قتلنا والهجوم علينا في النجف الأشرف؟! أو نعطيه لمن (فصّخ مصفى بيجي)!».
ومضى يقول: «إذا كنتم تقصدون من عدم جدوى المقاطعة، هو مقاطعتها بعدم وجود كتلة ونواب.. فوجود (التيار الشيعي الوطني) يعني تعطيل تشكيل الحكومة واستمرار الخلافات وحرق المستشفيات وصناديق الاقتراع وقصـف أخوتنا في أربيل والأنبار».
ولفت إلى أنه «قيل إن (التيار الشيعي الوطني) أراد العودة الى المشاركة في الانتخابات كما تدعون… فلم عارضتم ذلك؟ فإن كان وجودهم قوة للمذهب فمعارضتكم لرجوعهم تكون حراماً وإضعافاً للمذهب.. أو أن وجودهم لا يؤثر في إضعاف الشيعة فاصمتوا ولا تنعقوا».
المالكي وفصيل في «الحشد» مقرب من السيستاني يحثّون على المشاركة
وأشار إلى أنه «وإن قصدتم مقاطعتهم بالتصويت لكم.. فنحن قلنا: من كان له برنامج وطني بلا تبعية ولا خنوع ولا سلاح منفلت ولا مليشيات فسنعطي له صوتنا… وما من جواب الى يومنا هذا»، مبيناً أنه «بحّ صوت المرجعية.. ولا من مجيب (…) فسارعوا لإرضائها وسنكون معكم… وإرضاؤها قوة للمذهب.. واعتزالكم لها ضعف ووهن للمذهب (…)».
وأوضح أنه «وإذا قيل لكم: ما البديل للمقاطعة؟ ويبينون لكم أن البديل قوة البعثيين ورجوعهم.. قلنا: (راجعوا) مرشحيكم قبل أن تتهموا غيركم.. فبعضهم بعثية.. فأنتم من أعادهم ولسنا نحن.. بل إذا عادوا لن نسكت.. وسيكون صمتنا صرخة حق بوجه الظلم والفساد».
وشدد على أن «البديل الحقيقي للمقاطعة، هو تبديل الوجوه الحالية شلع قلع (مقولة شهيرة للصدر تعني تغيير تام) عسى أن تُفتح أبواب الإصلاح ويُغلق باب التبعية والانبطاح للسفيهة ويأمن الشعب من السلاح المنفلت ومِن قمع الأصوات ويتخلص الشعب من الماء الملوث وارجاع حصة العراق المائية والكهرباء المفقودة ومن الحدود المشرعة أمام الإرهاب والتهريب وفرض الأجندات الخارجية التي أضعفت المذهب والوطن».
وأكد أنه «حينئذ سيكون المذهب بخير لمن يبحث عن (مذهب) وهو مخالف لسيد المذهب، وسيكون الوطن بخير لمن يبحث عن وطن.. والوطن يصارع الموت»، معتبراً أن «بديل المقاطعة: (الإصلاح الشامل) وتغيير الوجوه، بل وتغيير (رؤوس الكتل) لإنقاذ العراق.. بطرق سياسية وقانونية بلا تدخلات خارجية.. وأنّى لهم ذلك!!!».
وفي أواخر شباط/ فبراير الماضي، أطلق الصدر نداءً إلى اتباعه حثّهم فيه على تحديث بياناتهم الانتخابية، رغم إصراره على مقاطعتها.
وخلافاً لموقف الصدر وأتباعه، يرى زعيم ائتلاف «دولة القانون» نوري المالكي، أهمية المشاركة الواسعة في الانتخابات التشريعية، محذّراً من خطورة عدم إجرائها في موعدها المحدد.
المالكي ذكر في كلمة له في تجمّع شبابي، أن «مسيرة البلد تحتاج إلى تجديد وتطوير من أجل عراق قوي مزدهر (…) الانتخابات واحدة من آليات التجديد والتطوير»، مبيناً إنه «لا معنى للديمقراطية والعملية السياسية من دون انتخابات».
ووفق المالكي فإن «التصدي كان قوياً من قِبلنا ومن قِبل القوى والأحزاب السياسية الأخرى بالإصرار على إجراء الانتخابات في موعدها المقرر»، معتبراً إن «الانتخابات هي البوابة التي تتشكل منها الحكومة والبرلمان، وتبدأ عملية تشريع القوانين التي تنظم العملية السياسية والاجتماعية».
وأشار إلى أنه «لا يوجد شيء في الدستور تحت مسمى حكومة طوارئ أو تصريف أعمال»، لافتاً إن «على الجميع أن يدرك الخطر الفادح إذا لم تُجرَ الانتخابات في موعدها المحدد».
وأكد المالكي على «حُسن الاختيار في الانتخابات، واختيار منْ يستحق أن يمثل الشعب»، فضلاً عن وجوب «اختيار القائمة الناجحة والملتزمة والأشخاص الناجحين والصالحين».
ورأى أنه «بالانتخابات نحقق مبدأنا المتمثل بمنع عودة الدكتاتورية بأي شكل وتحت أي عنوان»، منوهاً بأنه «عبر الانتخابات سنغلق المنافذ بوجه الدكتاتورية والعنصرية والطائفية من الوصول إلى السلطة ومفاصل الدولة (…) عبر الانتخابات ستنتهي قضية الإقصاء والتهميش للمكونات، وكلٌ يأخذ حقه بما قدمه في الميدان. بالانتخابات سنلغي المد السيء المتمثل بالقتل والإرهاب».
وأضاف: «متمسكون بإجراء الانتخابات في موعدها الدستوري، وستتميز عن سابقاتها بكثرة عدد المشاركين»، مبيناً أن «بقاء الحكومة أو تغييرها يتم عبر الانتخابات والبرلمان لبناء عملية سياسية ناجحة ودولة متطورة».
ما يراه المالكي بشأن الانتخابات وضرورة إجرائها في موعدها والمشاركة فيها، يتسق مع ما تراه «فرقة العباس القتالية» المنضوية في «الحشد»، والمقربة من رجل الدين الشيعي علي السيستاني، إذ أفادت بأن موقفها مرتبط بخيارات الدولة وبما يخدم مصلحه الشعب، مشيرة إلى أنها تشجع على المشاركة في الانتخابات بوصفها استحقاقا ديمقراطيا ومسارا صحيحا للتعبير عن الإرادة الشعبية.
ونفت الفرقة في بيان صحافي «صحة الادعاءات المتداولة بشأن موقفها من الانتخابات البرلمانية المقررة في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر 2025»، مؤكداً أن «هذه الادعاءات مزورة ولا أساس لها من الصحة».
وتناقلت منصات على مواقع التواصل الاجتماعي أخبارا تفيد بأن الفرقة ترفض وتدعو لعدم المشاركة في الانتخابات.
وأضاف البيان أن «هذا الادعاء مُزوّر ولا أساس له من الصحة، ويأتي ضمن محاولات التشويش على الرأي العام من خلال فبركة أخبار وصور مضللة».
وبيّن أن «الواقع يؤكد أن موقف فرقة العباس القتالية مرتبط دوما بخيارات الدولة وبما يخدم مصلحه الشعب، وأن شأنها شأن باقي المؤسسات الوطنية، فهي تشجع على المشاركة في الانتخابات بوصفها استحقاقا ديمقراطيا ومسارا صحيحا للتعبير عن الإرادة الشعبية».
وشدد على أن «تداول هذه الأخبار المفبركة لا يغير من الحقيقة، بل يكشف عن أجندات مغرضة تسعى لإرباك المشهد العام»، مبينا أن «فرقة العباس القتالية كانت قد أصدرت مؤخراً تحذيراً من محاولات التلاعب بالبطاقات الانتخابية للمقاتلين، حيث حذّرت مقاتليها من بيع بطاقاتهم الانتخابية».
وطبقاً للبيان فان «هذه الادعاءات المزورة تأتي وسط استعدادات المفوضية العليا المستقلة للانتخابات لإجراء الانتخابات البرلمانية المقررة في 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2025، والتي ستختار أعضاء مجلس النواب العراقي البالغ عددهم 329 عضواً».