الوثيقة | مشاهدة الموضوع - قمة الدوحة تكشف هشاشة الدور العراقي.. ثقة الحضور والداخل المأزوم
تغيير حجم الخط     

قمة الدوحة تكشف هشاشة الدور العراقي.. ثقة الحضور والداخل المأزوم

مشاركة » الأربعاء سبتمبر 17, 2025 3:51 am

1.jpg
 
بغداد/المسلة: فتحت القمة الطارئة في الدوحة، ملف الدور العراقي من زاوية جديدة، إذ أظهرت بوضوح أن حضور الرؤساء والملوك يعكس ثقة جزئية بقدرة بغداد على استعادة موقعها كوسيط، لكنه في الوقت نفسه كشف أن هذا الموقع لا يزال رهينًا بمشكلات داخلية متجذرة.

معضلة الداخل وانعكاساتها

وأبرزت المقارنة مع قمة بغداد السابقة، التي اقتصرت على تمثيل منخفض المستوى، أن الفجوة في الثقة لم تردم بعد، وأن ملفات السلاح المنفلت والامتثال المالي وغياب الخط الثابت للسياسة الخارجية ما زالت عوائق جوهرية. وأظهرت تجربة السنوات الماضية أن أي خلل أمني أو مالي يتحول سريعًا إلى نقطة ضعف في الأداء الخارجي، ما يجعل من الوساطة العراقية مشروعًا ناقصًا، أكثر من كونه خيارًا معتمدًا لدى القوى الدولية.

الدبلوماسية تحت اختبار صعب

وأكدت التحليلات أن الوساطة الناجحة تفترض ثلاث ركائز أساسية: حصر السلاح بيد الدولة، الالتزام المالي الصارم، وضبط الفصائل المسلحة عن استهداف أطراف أجنبية. وكشفت الإجراءات التي اتخذتها بغداد – مثل حظر بعض البنوك عن التعامل بالدولار – أن المسار قيد الإنجاز لم يتحول بعد إلى إنجاز. وتدل التجربة على أن صورة “الأرض المحايدة” لا تُبنى بالشعارات بل عبر استقرار ملموس على الأرض.

التقلب السياسي وتداعياته

وكشف خبراء أن طبيعة النظام السياسي العراقي، القائم على برلمانية متقلبة وائتلافات هشة، تجعل السياسة الخارجية متأثرة بشكل مباشر بالداخل المتشظي. وأدى هذا التقلّب إلى صعوبة الالتزام بخط استراتيجي ثابت. لكن التطورات الأخيرة، خصوصًا الصراع الإيراني – الإسرائيلي، دفعت بعض القوى العراقية إلى خفض التصعيد الكلامي، وهو ما ساعد الحكومة على الحفاظ على إيقاع أكثر هدوءًا في إدارة الموقف الخارجي.

خيارات الحياد الذكي

وأظهرت القراءة الاستراتيجية أن العراق عاجز ميدانيًا عن خوض أي صراع متطور نظرًا لافتقاره للبنية العسكرية والتكنولوجية، ما يجعل الاستثمار في الدبلوماسية الخيار الأكثر واقعية. وأكدت الرؤية أن الحياد ليس ترفًا بل ضرورة، لكن لا بد أن يكون حيادًا ذكيًا يقوم على استثمار الموقع الجغرافي كجسر للتواصل بين الخصوم. وتجارب دول مثل إندونيسيا وماليزيا تبرز كيف يمكن أن يتحول الحياد إلى أداة استقرار ونمو اقتصادي، وهو ما يمكن للعراق أن يبني عليه إذا ما تمكن من تثبيت مؤسساته وضبط الداخل.

مستقبل الدور العراقي

وتدل الحصيلة على أن العراق يقف عند مفترق حاسم: فإما أن يعيد بناء مؤسساته الداخلية ويستثمر في سياسة متوازنة تضمن له موقع الوسيط، أو يبقى في دائرة الحياد المتفرج العاجز عن التأثير. والفارق بين حضور القمة الطارئة وتمثيل قمة بغداد السابقة يكشف هذه المعادلة بجلاء: حضور رفيع يمنح فرصة، لكنه لا يلغي هشاشة الواقع الداخلي.
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى المقالات