استعرضت بكين أحدث أسلحتها من الصواريخ الباليستية القادرة على حمل رؤوس نووية إلى أنظمة الدفاع الفضائية، وهي تزعم أن "العالم بأسره" أصبح الآن في مرمى نيرانها
أليشا رحمن ساركار
يقف أفراد من جيش التحرير الشعبي الصيني باستعداد فيما تعرض وحدة الضربات الاستراتيجية صواريخ DF-5C النووية خلال عرض عسكري (رويترز)
ملخص
قدمت الصين أكبر عرض عسكري في تاريخها بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية، كاشفة عن صواريخ باليستية عابرة للقارات قادرة على حمل رؤوس نووية، وصواريخ فرط صوتية، ومسيّرات بحرية ضخمة، وأنظمة دفاع فضائي، وأسلحة ليزرية. الاستعراض الذي حضره بوتين وكيم جونغ أون عكس طموح بكين لمنافسة النظام العالمي بقيادة واشنطن، وأثار قلق البحرية الأميركية من القدرات الصينية المتسارعة في مجالات الصواريخ والذكاء الاصطناعي العسكري.
كشفت الصين عن صاروخ باليستي جديد عابر للقارات قادر على حمل رؤوس نووية، وعن طائرات مسيرة تحت الماء، فضلاً عن صواريخ تفوق سرعتها سرعة الصوت، وذلك في عرض عسكري مهيب خلال عرضها العسكري بمناسبة يوم النصر أمس الأربعاء.
هذا الحدث، الذي يعتقد أنه أكبر عرض عسكري في تاريخ الصين، صادف الذكرى الـ80 لهزيمة اليابان ونهاية الحرب العالمية الثانية.
وبينما قاطعت معظم الدول الغربية العرض، كان شي جينبينغ محاطاً بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين وبزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون، إلى جانب نحو 20 زعيماً معظمهم من دول نامية ومن قادة يسعون إلى تحدي النظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة.
الصين، صاحبة ثاني أكبر اقتصاد في العالم، والتي خصصت نحو 186 مليار جنيه استرليني (نحو 250 مليار دولار) لموازنتها الدفاعية لعام 2025، استعرضت صواريخ فرط صوتية وجيلاً جديداً من الثالوث النووي الاستراتيجي وصواريخ بعيدة المدى، وأنظمة مضادة للطائرات المسيرة وقاذفات استراتيجية وطائرات مسيرة شبحية، ومعظم هذه الأسلحة يعرض للمرة الأولى.
بدأ العرض بإطلاق 80 طلقة مدفعية، إحياءً لـ80 عاماً على نهاية الحرب. وحلقت طائرات هليكوبتر تحمل لافتات ضخمة، وتشكيلات من المقاتلات في السماء، ضمن استعراض حافل بالرمزية والدعاية، بلغ ذروته بإطلاق 80 ألف حمامة سلام وبالونات ملونة.
وحذر الرئيس الصيني في خطابه من أن على العالم أن يختار بين "السلام والحرب". وقبل أن تبدأ الوحدات العسكرية مسيرتها، استعرض شي تشكيلاتها على طول شارع تشانغان المركزي في بكين من على متن سيارة ليموزين سوداء كلاسيكية.
وأطل الرئيس الصيني عبر فتحة سقف السيارة وأمامه أربعة ميكروفونات مصطفة، موجهاً التحية إلى صفوف الأفراد أثناء مروره، وبجواره صفوف من الصواريخ والمركبات العسكرية. وشاركت في العرض وحدات تقليدية من جيش التحرير الشعبي من الشرطة والبحرية والجيش، إلى جانب وحدات جديدة، مثل وحدة الحرب السيبرانية، وذلك للمرة الأولى.
وشملت أبرز المعدات العسكرية صواريخ فرط صوتية مصممة لتدمير السفن في البحر، وصاروخاً استراتيجياً عابراً للقارات يعمل بالوقود السائل "يضع العالم برمته تحت مرمى ضرباته"، وأنظمة دفاع فضائي قادرة على تدمير الأقمار الاصطناعية الأجنبية، وذلك بحسب صحيفة "غلوبال تايمز" الرسمية.
وتثير هذه الأسلحة شعوراً خاصاً بالقلق لدى البحرية الأميركية، التي تسير دوريات في غرب المحيط الهادئ انطلاقاً من مقر قيادة أسطولها السابع في اليابان.
صواريخ YJ
صاروخ YJ-15 الصيني (أ ب/ يوتيوب)
عرض الجيش الصيني صاروخ YJ-15 الجديد، إلى جانب صواريخ YJ-17 وYJ-19 وYJ-20 الفرط صوتية الموجودة لديه.
يمكن إطلاق صواريخ YJ، وهي اختصار لـ"ينغ جي" أو "هجوم النسر"، من على متن السفن أو الطائرات، وهي مصممة لإلحاق أضرار بالغة بالسفن الكبيرة. تتقدم الصين بوتيرة سريعة في تكنولوجيا الأسلحة الأسرع من الصوت، وهو مجال لفت انتباه العالم لقدرة أسلحته على التهرب من أنظمة الدفاع التقليدية.
صاروخ YJ-21 المضاد للسفن، والمعروف باسم "قاتل حاملات الطائرات"، مصمم من أجل الاستعمال ضد أهداف بحرية عالية القيمة. ويتمتع YJ-21 بسرعات تفوق سرعة الصوت، ومن المرجح أن يصل مداه إلى أكثر من 600 كيلومتر، وفقاً لتقرير بلومبيرغ.
طائرات بحرية مسيرة
المسيرة البحرية الصينية AJX002 (أ ب/ يوتيوب)
عرضت الصين نوعين من المركبات الكبيرة جداً غير المأهولة التي تعمل تحت الماء (XLUUVs). يقدر طول الطائرة البحرية من دون طيار AJX002 بنحو 60 قدماً، كما ذكرت تقارير. وكشفت هياكلها التي تشبه الطوربيد وأنظمة الدفع بالمضخات النفاثة أن هذه المركبات التي تعمل تحت الماء قد صممت لتكون غير مرئية.
تتميز المسيرة البحرية AJX002 بأنها مزودة بأربعة أجزاء ناتئة للرفع [موزعة] على طول هيكله، مما يشير إلى أنه يعمل بمساعدة رافعة. وتدير الصين أكبر برنامج للمركبات البحرية الكبيرة جداً غير المأهولة (XLUUVs) في العالم، إذ لديها سلفاً ما لا يقل عن خمسة أنواع مميزة منها في الماء، بحسب ما تفيد تقارير.
صواريخ باليستية عابرة للقارات قادرة على حمل رؤوس نووية
الرئيس الصيني في سيارة الليوزين (أ ب)
استعرضت الصين ثلاثة أنواع من الصواريخ الباليستية العابرة للقارات القادرة على حمل رؤوس نووية وهي دونغ فنغ-61، ودونغ فنغ-31BJ، ودونغ فنغ 5C، التي ظهرت للمرة الأولى في إطار عرض يوم النصر.
وكشف الجيش الصيني عن أول صاروخ نووي يطلق من الجو، وهو JL-1، والذي عرض على متن شاحنة عسكرية. ويمثل الصاروخان JL-1 وJL-3، إلى جانب الصاروخين DF-61 وDF-31، "أول عرض مكثف" للقوات النووية الاستراتيجية البرية والبحرية والجوية للجيش الصيني، بحسب قناة CCTV الرسمية.
وطبقاً لصحيفة "غلوبال تايمز"، فإن مدى صاروخ دونغ فنغ 5C يقدر بأكثر من 20000 كيلومتر، مع تحسينات في القدرة على اختراق الدفاعات والدقة.
وأضافت وسائل الإعلام الرسمية أن الصاروخ النووي الاستراتيجي العابر للقارات من طراز DF-5C يضع الكرة الأرضية بأكملها تحت مرمى ضرباته. ويقول الخبراء إن النسخة الجديدة من هذا الصاروخ قادرة على حمل ما يصل إلى 12 رأساً حربياً على صاروخ واحد.
وظهرت في العرض صواريخ أخرى سبق توثيقها، منها صواريخ كروز: تشانغجيان-20A، وينغجي-18C، وتشانغجيان-1000، إضافة إلى صواريخ فرط صوتية مثل دونغ فنغ-17 ودونغ فنغ-26D، والتي ذكرت وسائل الإعلام الرسمية أنها تتمتع "بقدرات قتالية في جميع الأحوال الجوية".
نظام الدفاع الفضائي
نظام HQ-29 الصيني (أ ب/ يوتيوب)
عرض نظام الدفاع الفضائي HQ-29، القادر على إسقاط الأقمار الاصطناعية الأجنبية، وذلك للمرة الأولى في استعراض بارز للقوة الجوية.
وعلى رغم قلة المعلومات حول قدراته الدقيقة، فإن حجمه الكبير يوحي بأنه يتمتع بمدى هائل يشبه مدى صاروخ SM-3 Block IIA التابع للبحرية الأميركية، والذي من الممكن إطلاقه من البر أو البحر.
أسلحة الليزر
استُعرضت أسلحة ليزر للدفاع الجوي خلال عرض عسكري بمناسبة الذكرى الـ80 لنهاية الحرب العالمية الثانية، في بكين، الصين، 3 سبتمبر (أيلول) 2025 (رويترز)
استعرض الجيش الصيني خلال العرض العسكري نسختين من أسلحة الليزر "ذات الطاقة الموجهة" التي تُركب على متن السفن. وصُممت إحداهما بوضوح لأغراض الدفاع الجوي البحري، بينما جرى تصميم الأخرى، التي تنصب على شاحنة، من أجل حماية القوات البرية.
وتطور بكين أسلحة الليزر كوسيلة دفاع ضد هجمات الطائرات المسيرة وغيرها من التهديدات ذات المستوى المنخفض، نظراً إلى أنها تحقق نتائج جيدة من دون أن تكلف كثيراً من المال، وذلك لدى مقارنتها بالصواريخ أو المدفع الموجه بالرادار.
وشملت المجموعة الكاملة من أنظمتها المضادة للطائرات المسيرة المشاركة في العرض العسكري مدفعاً صاروخياً، وأسلحة ليزر عالية الطاقة، وأسلحة ميكروويف عالية الطاقة.
طائرات مقاتلة وقاذفات
طائرة عسكرية تتبعها مقاتلات نفاثة تحلق في تشكيل واحد أثناء العرض (غيتي)
حلقت أسراب من الطائرات المقاتلة والقاذفة في السماء خلال العرض، وقام بعضها برسم معالم شتى في السماء بواسطة صفوف من الدخان ذي الألوان المختلفة. وحلقت طائرات الهليكوبتر في تشكيلات، ورسمت إحدى المجموعات المكونة من 26 طائرة الرقم "80" في السماء في إشارة إلى ذكرى الحرب العالمية الثانية.
كلاب روبوتية
كلب روبوتي خلال العرض العسكري الصيني (إكس روبوهاب/ يوتيوب)
عرضت الصين مجموعة كبيرة من الكلاب الروبوتية، مما يبرز تركيز بكين المتزايد على ما تصفه بـ"الحرب الذكية". ويمكن استخدام الروبوتات، التي عرضت على متن مركبات مدرعة، في ساحة المعركة أو تسليحها واستخدامها في القتال المباشر