بغداد ـ «القدس العربي»: في الوقت الذي يواصل فيه المسؤولون في العراق تحركاتهم الداخلية والخارجية بهدف منع مواصلة الاحتلال الإسرائيلي خرق أجواء البلاد لاستهداف إيران، حضّ الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، أمس الأحد، العراق على منع إسرائيل من استخدام مجاله الجوي وأراضيه لشنّ هجمات على الجمهورية الإسلامية.
المزيد من اليقظة
وقال في اتصال هاتفي مع رئيس الحكومة العراقية، محمد شياع السوداني «نؤكد أنّ الحكومة العراقية يجب أن تمارس المزيد من اليقظة وحماية حدودها ومجالها الجوي كي لا تتم إساءة استخدام الأراضي العراقية ضدّ الجمهورية الإسلامية» حسبما أفاد بيان صادر عن الرئاسة الإيرانية.
ويأتي ذلك في خضمّ هجوم بدأته إسرائيل فجر الجمعة على نطاق واسع طال خصوصا مواقع عسكرية ونووية في إيران التي ردت منذ ليل اليوم ذاته، بضربات صاروخية ومسيّرات على الدولة العبرية.
ورغم طلبه من العراق لكن بزشكيان قدم الشكر للعراق بمختلف فعالياته الرسمية والشعبية على «المواقف المعلنة والواضحة في رفض سلوك الكيان الصهيوني واعتداءاته المتكررة على بلدان المنطقة، إلى جانب جرائمه التي يرتكبها بحق الشعب الفلسطيني» مشدداً على أهمية أن «تتخذ الدول الإسلامية موقفاً موحداً إزاء هذه الاعتداءات والتجاوز الصارخ على القانون الدولي، الذي قد يطال بلداناً إسلاميةً أخرى».
في حين أكّد السوداني «حرص العراق على عدم اتساع نطاق الحرب» مشيرا إلى «الحراك الذي تقوده الحكومة العراقية على مختلف المسارات من أجل منع اختراق الأجواء العراقية من قبل الكيان الصهيوني» وفق بيان صدر عن مكتبه.
وأبدى «استعداد العراق لتقديم كل أنواع المساعدات اللازمة لمعالجة آثار العدوان».
كذلك بحث السوداني مع سفير الاتحاد الأوروبي توماس سيلر، تطوّرات الأوضاع في المنطقة.
وأكد، وفق بيان لمكتبه، أن «العدوان الصهيوني الأخير على الجمهورية الإسلامية الإيرانية يمثل تهديداً مباشراً للأمن والاستقرار في العراق والمنطقة، وأن المقصود منه عرقلة كل الجهود الدبلوماسية التي جرى بذلها، في انتهاك صارخ للقواعد والأعراف القانونية والدولية» مشيراً إلى «مسؤولية القوى الكبرى، والاتحاد الأوروبي على وجه الخصوص، في وقف الأعمال العدائية».
وبين أن «العراق يرفض بشدة اختراق أجوائه، وهو كان وما زال يبذل أقصى درجات ضبط النفس والابتعاد عن الصراعات في المنطقة، مع تقديم مصلحة الشعب العراقي أولاً» مبيناً أن «منبع التوتر هو استمرار حرب الإبادة الجماعية التي يواجهها شعبنا الفلسطيني».
وفي موازاة كلام بزشكيان، قال نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون القانونية والدولية كاظم غريب آبادي، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الإيرانية «إرنا» إن «العراق لا يملك حالياً سيطرة كاملة على أراضيه» محملاً بغداد «المسؤولية» عن منع انتهاك مجالها الجوي لـ «العدوان» على إيران.
وأوضح أن «بعض هذه الاعتداءات نُفذت عبر الأراضي العراقية» مشيراً إلى أن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي «أجرى محادثات عاجلة أمس مع نظيره العراقي فؤاد حسين».
وفي معرض حديثه عن موقف طهران من بغداد، قال: «رغم أن العراق لا يملك حالياً سيطرة كاملة على أراضيه، إلا أن إيران، كدولة مستقلة وذات سيادة، ترى أنه مسؤول ويجب عليه منع انتهاك مجاله الجوي للعدوان على إيران».
وأضاف أن «أقل ما طلبته إيران من العراق في هذه المحادثة هو إرسال رسالة إلى مجلس الأمن، يعرب فيها عن احتجاجه على انتهاك مجاله الجوي» مؤكداً أن «العراق وجّه رسالة إلى مجلس الأمن بناءً على ذلك».
في حين أكد قائد الدفاع الجوي الفريق الطيار الركن مهند غالب الأسدي، أن القوات المسلحة ومنظومات الدفاع الجوي تمارس دورها الطبيعي لحماية العراق وأجوائه والأهداف الحيوية.
وقال لوكالة الأنباء العراقية (واع): إن «تحريك منظومات الدفاع الجوي يتم بين فترة وأخرى ضمن الإجراءات الطبيعية والروتينية لحماية جميع الأهداف الحيوية في العراق».
وأضاف أن «القوات العراقية المسلحة بشكل عام ومنظومات الدفاع الجوي تمارس دورها الطبيعي لحماية الأجواء والأهداف الحيوية تحسبا لأي طارئ».
السوداني: نخوض حراكا للحؤول دون اختراق أجوائنا… والبرلمان يتحرك لعقد جلسة طارئة
في السياق، دعا نائب رئيس مجلس النواب، محسن المندلاوي، إلى جلسة نيابية استثنائية عاجلة لمناقشة تداعيات التصعيد الإقليمي. وفيما أكد أن لا صمت بعد اليوم على خرق أجوائنا واستباحة أراضينا، اعتبر أن سيادة العراق «فوق كل اعتبار».
وذكر في بيان صحافي أمس، أنه طالب رئاسة المجلس بالدعوة إلى عقد جلسة استثنائية عاجلة، «تُكرَّس بالكامل لمناقشة تداعيات التصعيد العسكري الخطير في المنطقة، وما رافقه من عدوان صهيوني غادر استهدف أراضي الجمهورية الإسلامية الإيرانية عبر الأجواء العراقية، في انتهاك صارخ للسيادة الوطنية، وتهديد مباشر لأمن البلاد واستقرارها».
وأكد أن «هذا التجاوز الخطير لا يمكن القبول به أو التغاضي عنه، إذ يشكّل خرق الأجواء العراقية واستغلالها في تنفيذ هجمات عدوانية على دول الجوار سابقة بالغة الخطورة، تنذر بجرّ العراق إلى صراعات إقليمية لا تخدم مصالحه العليا، ولا تنسجم مع مواقفه الثابتة في دعم السلم والأمن في المنطقة».
وجدد «رفض مجلس النواب القاطع لتحويل العراق إلى ساحة لتصفية الحسابات أو ممر للعدوان» مؤكدا أن «السيادة العراقية ليست محل مساومة أو تجزئة، وأن أمننا القومي فوق كل اعتبار» معربا في الوقت ذاته عن «تضامن البلاد الكامل مع الجمهورية الإسلامية الايرانية في مواجهة هذا الاعتداء الإجرامي، ونتقدّم بخالص العزاء لأسر الشهداء والضحايا الأبرياء».
ودعا في ختام بيانه، الحكومة العراقية ووزارتي الخارجية والدفاع والجهات ذات الصلة إلى «تكثيف التحركات على المستوى الدبلوماسي والقانوني وبشكل عاجل ازاء نتائج الشكوى الرسمية المقدمة لمجلس الأمن ضد الكيان الصهيوني، صوناً لهيبة الدولة، والدفاع عن حرمة الأجواء والسيادة الوطنية».
يتزامن ذلك مع توجيه رئيس كتلة «حقوق النيابية» النائب سعد الخزعلي، سؤالاً برلمانياً إلى وزير الدفاع العراقي، بشأن ما وصفها بـ»الانتهاكات المتكررة للكيان الصهيوني للأجواء العراقية» وموقف الوزارة من ذلك.
السؤال النيابي تضمن استفسارات رقابية وتشريعية، حول طبيعة الردود والإجراءات التي اتخذتها الوزارة تجاه ما وصفها بـ»خروقات الأجواء العراقية» وما إذا كانت تمت مناقشة هذه المسألة في مجلس الأمن الوطني العراقي، وما تم اتخاذه من قرارات بهذا الشأن.
وطالب الخزعلي بتوضيح مراحل تسلم منظومة الدفاع الجوي العراقية، والجهات المسؤولة عن تأخير استلامها وتشغيلها، متسائلاً عن مدى توفر الإرادة الحكومية في حماية السيادة العراقية من خلال تفعيل تلك المنظومات.
كما تطرق إلى استخدام الأجواء العراقية من قبل إسرائيل لتنفيذ ضربات ضد إيران، متسائلاً عن وجود تنسيق مسبق مع الحكومة العراقية أو إذن باستخدام الأجواء لهذا الغرض.
وحددت الوثيقة مهلة 15 يوماً للإجابة على الأسئلة المقدمة، استناداً إلى النظام الداخلي لمجلس النواب العراقي.
وأُرسلت نسخة من السؤال إلى كل من مكتب رئيس الوزراء، والأمانة العامة للقائد العام للقوات المسلحة، ونواب رئيس المجلس، ورئاسة لجنة الأمن والدفاع، والقيادات الأمنية ذات العلاقة. وكان العراق قدّ حمّل الولايات المتحدة مسؤولية حماية مجاله الجوي من الانتهاكات الصهيونية.
ونقلت الوكالة الحكومية عن مصدر مسؤول قوله إن «العراق طالب الولايات المتحدة الأمريكية، في رسالة رسمية شديدة، باتخاذ دورها بعدم السماح للطائرات الصهيونية بخرق الأجواء العراقية، استناداً إلى الاتفاقية الإطارية المشتركة» مشيراً إلى «أهمية احترام سيادة العراق وسلامة مجاله الجوي».
وشدد على أن «الولايات المتحدة، بصفتها الدولة التي تتولى قيادة التحالف الدولي لمحاربة «داعش» مطالبة بتحمّل مسؤولياتها، ومنع أي انتهاكات تمس سيادة العراق على أجوائه أو تعريضه للخطر».
ومنذ فجر يوم الجمعة الماضي، ينشر مدوّنون ومواقع إخبارية محلية صوراً ومشاهد مصوّرة، يقولون إنها تعود لحطام صواريخ وطائرات مسيرة، سقطت في محافظات عراقية مختلفة من بيها (الأنبار وذي قار وديالى) من دون أن تُدلي الجهات الرسمية بأيّة معلومات حولها.
وفي ساعة متأخرة من مساء أول أمس، جددت الحكومة العراقية رفضها القاطع والتام لانتهاك الأجواء العراقية واستخدامها في الاعتداءات العسكرية ضد إيران أو ضد أي من دول الجوار الإقليمي.
وقال صباح النعمان، الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة، في بيان: «تجدد الحكومة العراقية رفضها القاطع والتام لانتهاك الأجواء العراقية واستخدامها في الاعتداءات العسكرية التي يرتكبها الكيان الصهيوني ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، أو ضد أي من دول الجوار الإقليمي، كون هذا الأمر يمثل التزاماً أساسياً ودستورياً من العراق بسياسة حسن الجوار، ومنع استعمال أراضيه ومياهه وسمائه لتكون منطلقاً لأي اعتداءات تطال دول الجوار، التي تربطنا معها أفضل العلاقات على مختلف المستويات». وأضاف أن «الحكومة العراقية تتابع مع الأطراف الدولية المعنية جميع هذه الأفعال غير القانونية، التي تعد انتهاكا صارخاً للسيادة العراقية ومبادئ القانون الدولي، بما لها من تأثيرات سلبية على الاستقرار والسلم في المنطقة». ولفت إلى أن «الحكومة العراقية تطالب الولايات المتحدة الأمريكية بتحمّل مسؤوليتها وفقاً للاتفاقيات المبرمة بين البلدين، والأعراف والمواثيق الدولية، بما يؤدي إلى منع طائرات الكيان الصهيوني من تكرار اختراق الأجواء العراقية وتنفيذ الاعتداءات».
إجراءات عملية
وتابع: «لقد التزم العراق بأعلى درجات ضبط النفس أملاً في فسح المجال للحلول الدبلوماسية والسياسية لنزع فتيل الأزمة بالطرق السلمية، وإنه لديه الحق وفقاً للقانون الدولي ومواثيق الأمم المتحدة في استخدام إمكانياته بالتصدي لأي خرق للسيادة الوطنية من أية جهة كانت».
وأكد اتخاذ جمهورية العراق، بناءً على توجيه رئيس مجلس الوزراء، القائد العام للقوات المسلحة، ومن خلال وزارة الخارجية وممثلية العراق في الأمم المتحدة «إجراءات عملية ضد انتهاك الكيان الصهيوني للسيادة، باختراقه الأجواء العراقية».