بعد الجولة الخامسة من المفاوضات، قالت إيران إنها تلقت "عناصر" من اقتراح أميركي للتوصل إلى اتفاق بشأن الملف النووي، لكنها عدت أنه يحتوي على "كثير من الالتباسات". ولفتت إيران أول من أمس الإثنين إلى أنها ستقدم بدورها مقترح اتفاق إلى الولايات المتحدة خلال الأيام المقبلة.
قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب في مقابلة أذيعت اليوم الأربعاء، إن ثقته تراجعت في أن إيران ستوافق على وقف تخصيب اليورانيوم في إطار اتفاق نووي مع الولايات المتحدة.
ورداً على سؤال في بودكاست "بود فورس وان" يوم الإثنين، عما إذا كان يعتقد أنه يستطيع إقناع إيران بالموافقة على التخلي عن برنامجها النووي، قال ترمب "لا أعرف، كنت أعتقد ذلك بالفعل، تتراجع ثقتي في ذلك شيئاً فشيئاً".
أساليب المماطلة
ويسعى ترمب إلى إبرام اتفاق نووي جديد يضع قيوداً على الأنشطة النووية الإيرانية، وهدد طهران بالقصف إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق.
وقال للصحافيين في البيت الأبيض يوم الإثنين، إنه ناقش الملف الإيراني مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وأضاف أن المحادثات مع الإيرانيين "صعبة".
وخلال المقابلة، قال ترمب إن الإيرانيين يستخدمون أساليب المماطلة على ما يبدو. وأضاف "تراجعت ثقتي الآن عما كانت عليه قبل شهرين. حدث لهم شيء ما. وثقتي في إمكانية التوصل إلى اتفاق تراجعت كثيراً".
وأكد ترمب أن الولايات المتحدة لن تسمح لإيران بامتلاك سلاح نووي، سواء تم التوصل إلى اتفاق أم لا. "لكن سيكون من الأفضل القيام بذلك من دون حرب، من دون سقوط قتلى، سيكون ذلك أفضل كثيراً، لا أعتقد أنني أرى مستوى الحماسة نفسه لديهم للتوصل إلى اتفاق".
وتقول إيران إنها لا تعتزم صنع سلاح نووي، وإنها مهتمة فقط بتوليد الكهرباء ومشروعات سلمية أخرى.
إيران تهدد
وهددت إيران اليوم الأربعاء، باستهداف القواعد الأميركية في الشرق الأوسط في حال اندلاع نزاع في وقت يستعد البلدان الخصمان لجولة محادثات نووية جديدة في ظل الخلاف في شأن تخصيب اليورانيوم.
وقال وزير الدفاع عزيز نصير زاده، رداً على التهديدات الأميركية بالتحرك عسكرياً إذا فشلت المفاوضات "لدينا القدرة على الوصول إلى جميع قواعدها. وسنستهدفها جميعها من دون تردد في البلدان المضيفة لها. إن شاء الله لن تصل الأمور إلى هذا الحد وستنجح المحادثات".
وأعلنت روسيا اليوم الأربعاء، أنها مستعدة لإزالة المواد النووية الزائدة من إيران وتحويلها إلى وقود كوسيلة محتملة للمساعدة في تضييق هوة الخلاف بين الولايات المتحدة وإيران في شأن البرنامج النووي.
وتؤكد إيران أن من حقها استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية، لكن برنامجها لتخصيب اليورانيوم الذي تمضي فيه سريعاً أثار مخاوف في الغرب وفي دول الخليج من أنها تريد تصنيع سلاح نووي.
ويعد مصير تخصيب اليورانيوم في إيران جوهر الخلاف بين واشنطن وطهران، إذ يقول الرئيس الأميركي دونالد ترمب إنه لا يمكن السماح لإيران بتطوير سلاح نووي، ويقول الزعيم الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي إن إيران لن تتنازل عن التخصيب.
روسيا على الخط
وذكر الكرملين الأسبوع الماضي أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أبلغ ترمب في مكالمة هاتفية أنه مستعد للاستفادة من شراكة بلاده الوثيقة مع إيران للمساعدة في المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني.
ونقلت وسائل إعلام روسية عن نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف قوله اليوم الأربعاء، أنه ينبغي مضاعفة الجهود للتوصل إلى حل، وإن موسكو مستعدة للمساعدة بأفكار ووسائل عملية.
وقال ريابكوف "مستعدون لتقديم المساعدة لواشنطن وطهران، ليس فقط على الصعيد السياسي وفي شكل أفكار يمكن الاستفادة منها في عملية التفاوض، بل أيضاً على الصعيد العملي من خلال تصدير المواد النووية الزائدة التي تنتجها إيران، وتعديلها لاحقاً لإنتاج وقود للمفاعلات على سبيل المثال".
وتريد الولايات المتحدة شحن كل اليورانيوم عالي التخصيب إلى خارج إيران التي تقول إنها لن تخرج إلا الكميات الزائدة عن السقف المتفق عليه في اتفاق عام 2015.
ولا تريد روسيا، أكبر قوة نووية في العالم، أن تمتلك إيران سلاحاً نووياً، لكنها تعتقد أن من حقها تطوير برنامجها النووي للأغراض المدنية، وأن أي استخدام للقوة العسكرية ضدها سيكون غير قانوني وغير مقبول.
واشترت روسيا أسلحة من إيران لاستخدامها في الحرب مع أوكرانيا، ووقعت مع طهران في وقت سابق من العام اتفاقية شراكة استراتيجية مدتها 20 عاماً.
وقال وزير الدفاع الإيراني عزيز نصير زاده اليوم الأربعاء إنه إذا فشلت المفاوضات النووية واندلع صراع مع الولايات المتحدة فإن إيران ستضرب القواعد الأميركية في المنطقة، وذلك قبل أيام من الجولة السادسة المقررة من المحادثات النووية بين إيران والولايات المتحدة.
عرض روسي
في الموازاة نقلت وكالة ريا نوفوستي للأنباء عن نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف قوله اليوم الأربعاء إن روسيا مستعدة للمساعدة في إزالة المواد النووية الزائدة من الأراضي الإيرانية لمساعدة الولايات المتحدة وإيران على التوصل إلى اتفاق.
وتعقد إيران والولايات المتحدة جولة جديدة من المفاوضات بشأن الملف النووي هذا الأسبوع، مع استمرار التباين المعلن بينهما في شأن قضية تخصيب اليورانيوم.
وعقدت الدولتان اللتان قطعت العلاقات الدبلوماسية بينهما قبل أكثر من أربعة عقود، خمس جولات من المحادثات منذ أبريل (نيسان)، بوساطة من سلطنة عمان.
ويسعى الطرفان إلى التوصل إلى اتفاق جديد بشأن الملف النووي بدلاً من اتفاق عام 2015 الذي انسحبت الولايات المتحدة منه. وتريد واشنطن والأطراف الغربيون ضمان عدم امتلاك إيران أسلحة نووية، وهو ما تنفي طهران بشدة سعيها إليه، وتطلب في المقابل رفع العقوبات التي تشل اقتصادها.
وتتباين المواقف بشأن قضية احتفاظ طهران بالقدرة على تخصيب اليورانيوم. ففي حين تطالب الولايات المتحدة إيران بالتخلي عن هذه الأنشطة، تعدها إيران "حقاً" لها غير قابل للتفاوض، تكفله معاهدة حظر الانتشار النووي التي وقعت عليها.
وبحسب الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإن إيران هي الدولة الوحيدة غير الحائزة أسلحة نووية التي تخصب اليورانيوم إلى مستوى عالٍ (60 في المئة)، مما يتجاوز بكثير حد 3.67 في المئة الذي حدده اتفاق 2015 بين طهران والقوى الكبرى.
ووفق الوكالة، يتطلب السلاح الذري استخدام يورانيوم مخصب بنسبة 90 في المئة.
وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي في بيان الثلاثاء، إنه "من المقرر عقد الجولة المقبلة من المحادثات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة الأحد المقبل في مسقط".
ولم يصدر تعليق بعد من السلطنة التي استضافت بعض الجولات السابقة، في حين قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أول من أمس الإثنين، إن المحادثات قد تعقد الخميس.
وكانت جولات التفاوض الخمس التي عقدها الطرفان أعلى مستوى من الاتصال بين البلدين منذ سحب ترمب بلاده من اتفاق عام 2015 خلال ولايته الأولى، معيداً فرض عقوبات على إيران.
وتوقع ترمب عقد الاجتماع الخميس المقبل، فيما رجح مصدر مطلع على التحضيرات أن يقام اللقاء الجمعة أو السبت.
وكشفت الخارجية الإيرانية أن الوزير عباس عراقجي، رئيس الوفد المفاوض، "سيسافر إلى النرويج يومي الأربعاء والخميس" لحضور منتدى أوسلو.
المقترح الأميركي
بعد الجولة الخامسة في 31 مايو (أيار) الماضي، قالت إيران إنها تلقت "عناصر" من اقتراح أميركي للتوصل إلى اتفاق بشأن الملف النووي، لكنها عدت أنه يحتوي "كثيراً من الالتباسات".
ولفتت إيران، الإثنين، إلى أنها ستقدم بدورها مقترح اتفاق إلى الولايات المتحدة خلال الأيام المقبلة.
ولم يُشر النص الأميركي الذي لم يكشف نصه بعد، إلى مسألة رفع العقوبات التي جعلتها طهران أولوية، بحسب رئيس مجلس الشورى الإيراني محمد باقر قاليباف.
وكان المرشد الأعلى علي خامنئي عد، الأربعاء، أن الاقتراح الأميركي "يتعارض تماماً" مع مصالح طهران.
طريق مسدود
وعلى رغم التباين المعلن، نفى نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي بلوغ المفاوضات طريقاً مسدوداً.
وقال في مقابلة مع وكالة "إرنا" الرسمية نشرت أمس الثلاثاء، "لا أعتقد أن كلمة طريق مسدود هي المصطلح المناسب"، مؤكداً أن "أي مفاوضات على المستوى الدولي (...) تتطلب كثيراً من الصبر لتحقيق نتيجة".
ويأتي ذلك في وقت سيبحث مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهي الهيئة الرقابية التابعة للأمم المتحدة، ملف إيران هذا الأسبوع.
وبحسب مصادر دبلوماسية، يعتزم الأوروبيون والولايات المتحدة تقديم قرار ضد إيران خلال هذا الاجتماع الفصلي، مع التهديد بإحالة الملف إلى الأمم المتحدة.
من شأن هذا الإجراء أن يمنح هذه الدول إمكان تفعيل "آلية الزناد" التي تسمح بإعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على إيران، وهو بند مُضمن في اتفاق 2015، بذريعة مخالفتها بنوده. وتنتهي صلاحية هذا البند في أكتوبر (تشرين الأول).
هددت إيران، الأحد الماضي، بتقليص تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في حال اعتماد قرار في هذا الاتجاه.
ضربة عسكرية
من جانبها، ترى إسرائيل، العدو اللدود لإيران وحليفة الولايات المتحدة، في البرنامج النووي الإيراني تهديداً بالغاً لها. ولم يستبعد رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو توجيه ضربة عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية.
وتوعدت إيران الإثنين بأنها سترد على أي ضربة كهذه، باستهداف المنشآت النووية في إسرائيل، الدولة التي يعدها الخبراء القوة النووية الوحيدة في الشرق الأوسط.
وأكدت طهران، السبت الماضي، أنها حصلت في عملية استخبارية، على كميات هائلة من المعلومات السرية عن إسرائيل، بما في ذلك برنامجاها الصاروخي والنووي.
واتهم نواب إيرانيون الولايات المتحدة في بيان صدر الثلاثاء بالعمل بالتنسيق مع إسرائيل وتحويل المحادثات إلى "فخ استراتيجي" لإيران، معتبرين أن "هدف واشنطن هو فرض مطالبها بالإكراه، واتخاذ مواقف مهينة تتعارض تماماً مع الحقوق المشروعة للشعب الإيراني".