بيروت (لبنان) (أ ف ب) – شنت إسرائيل في وقت مبكر الاثنين غارة داخل بيروت للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب في غزة العام الماضي، مستهدفة بطائرة مسيرة مبنى سكنيا في قلب العاصمة اللبنانية، ما أدى وفق مصدر أمني إلى مقتل أربعة أشخاص.
ونقلت إسرائيل ثقلها العسكري في الأيام الأخيرة من غزة إلى لبنان الذي شهد هجمات إسرائيلية يومية على أهداف لحزب الله خصوصا، شملت اغتيال الأمين العام للحزب حسن نصرالله.
وأعلنت وزارة الصحة اللبنانية مقتل 105 أشخاص وجرح 359 جراء الهجمات الاسرائيلية الأحد.
واستهدف الهجوم الاسرائيلي الاثنين شقة في منطقة الكولا تعود لعضوين في الجماعية الإسلامية في لبنان، وفق المصدر الأمني.
وهذه هي الضربة الإسرائيلية الأولى في قلب بيروت منذ الهجوم الذي شنته حماس على إسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر العام الماضي.
وقال المصدر الأمني إن “أربعة أشخاص على الأقل قتلوا في غارة إسرائيلية بطائرة مسيّرة استهدفت شقة للجماعة الاسلامية بالكولا داخل بيروت للمرة الأولى منذ تشرين الأول/اكتوبر الماضي”.
من جهتها أعلنت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الاثنين مقتل ثلاثة من أعضائها في الغارة الإسرائيلية على بيروت.
وقالت في بيان “تزف كتائب الشهيد أبو علي مصطفى، الجناح العسكري للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، الرفيق القائد محمد عبد العال، عضو المكتب السياسي للجبهة ومسؤول الدائرة العسكرية الأمنية، والرفيق القائد عماد عودة، عضو اللجنة المركزية العامة للجبهة وقائدها العسكري في لبنان، والرفيق المقاتل عبد الرحمن عبد العال”.
وأظهرت لقطات فيديو عرضتها قنوات تلفزيونية شقة مهدمة جزئيا في منطقة الكولا ذات الغالبية السنية قرب الطريق الذي يربط العاصمة بمطار بيروت.
غداة هجوم حركة حماس غير المسبوق على إسرائيل في السابع من تشرين الأول/اكتوبر والذي أدى إلى مقتل 1205 أشخاص غالبيتهم مدنيون وتسبب في اندلاع الحرب المدمّرة في قطاع غزة، فتح حزب الله من لبنان ما سماه “جبهة إسناد” لغزة.
وبعد عام تقريبا على بدء تبادل القصف عبر الحدود، بدأت إسرائيل غارات جوية مكثفة على أهداف لحزب الله في 23 أيلول/سبتمبر.
وأسفرت الهجمات الإسرائيلية عن مقتل المئات في لبنان منذ الاثنين الماضي، وهو اليوم الذي سقط فيه أكبر عدد من الضحايا منذ الحرب الأهلية اللبنانية بين العامين 1975 و1990.
ووصل وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو إلى لبنان مساء الأحد، وفق ما أعلنت الخارجية، ليكون أول دبلوماسي أجنبي رفيع المستوى يزور هذا البلد منذ تكثيف الغارات الإسرائيلية التي تستهدف حزب الله المدعوم من إيران.
وأبلغ بارو رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي أن باريس تسعى ل”وقف فوري” للهجمات الإسرائيلية.
وأعلنت السعودية مساء الأحد أنها تتابع بـ”قلق بالغ” تطورات الأحداث في لبنان، مؤكدة ضرورة “الحفاظ على سيادته”، في أول رد فعل سعودي رسمي منذ اغتيال الأمين العام لحزب الله الجمعة.
– “ليس هناك مكان بعيد”
وأثار العدوان الإسرائيلي على لبنان مخاوف من اندلاع حرب شاملة في الشرق الأوسط.
ودان البابا فرنسيس الأحد الاستخدام “غير الأخلاقي” للقوة في لبنان وغزة، في دعوة إلى اسرائيل لضبط النفس على ما يبدو.
وقال مسؤول أمني إسرائيلي الجمعة إن العمليات العسكرية الإسرائيلية في لبنان تهدف إلى تقليص قدرة حزب الله على مهاجمة إسرائيل والقضاء على القيادة العسكرية للحزب و”تطهير” المناطق الحدودية من المقاتلين.
وتقول إسرائيل إنها تعمل على وقف استهداف حزب الله لشمال أراضيها، وبالتالي السماح بعودة عشرات الآلاف من السكان الذين أجبروا على النزوح.
وعلى جبهة أخرى، قصفت إسرائيل ميناءين ومحطتي كهرباء في محافظة الحديدة بغرب اليمن، غداة إعلان الحوثيين استهداف مطار بن غوريون في تل أبيب بصاروخ بالستي.
وحذّر وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت بعد الضربات من أنه “ليس هناك مكان بعيد” بالنسبة لإسرائيل.
وأوقعت الغارات الإسرائيلية أربعة قتلى و33 مصابا في اليمن، في حصيلة أولية أوردتها قناة المسيرة التابعة للحوثيين.
من جهة أخرى، أكد الجيش الإسرائيلي أن عملية الجمعة التي قتل فيها نصرالله أدت أيضا إلى مقتل “أكثر من 20 إرهابيا آخرين من مختلف الرتب كانوا موجودين في المقر العام في بيروت تحت مبان مدنية، وكانوا يديرون عمليات حزب الله الإرهابية ضد دولة إسرائيل”.
ومن العناصر الذين ذكر الجيش الإسرائيلي أسماءهم إبراهيم حسين جزيني وسمير توفيق ديب وعبد الأمير محمد سبليني وعلي نايف أيوب.
وقالت إسرائيل أيضا إن الشيخ نبيل قاووق، مسؤول وحدة الأمن الوقائي في حزب الله، قُتل في غارة جوية السبت.
ولم يعلن حزب الله رسميا حتى الآن عن مقتله، لكن مصدرا مقربا من الحزب أفاد أن قاووق قُتل.
– ضربة مزلزلة –
وقالت إسرائيل إنها هاجمت 120 هدفا في معاقل الحزب الأحد، شملت وفقا لها مواقع إطلاق صواريخ ومنشآت عسكرية ومستودعات أسلحة.
كذلك، أعلن الجيش الإسرائيلي أن طائراته المقاتلة شنت غارات على عشرات الأهداف التابعة لحزب الله في منطقة البقاع اللبنانية قبيل فجر الاثنين.
لكن رغم الضربات المتواصلة التي تشنها إسرائيل، أعلن حزب الله عمليات إطلاق صواريخ على شمال إسرائيل، بما في ذلك مدينة صفد.
وأفاد الجيش الإسرائيلي أن حوالى 8 مقذوفات سقطت في مناطق مفتوحة قرب طبريا.
في بلدة روش بينا شمال إسرائيل، كانت مشاعر ماتان صوفر مختلطة. ورغم ترحيب صوفر (24 عاما) ب”الأنباء السارة” عن مقتل نصر الله، إلا أنه تساءل عما إذا “كنا نخاطر بجعل الوضع أسوأ”.
وشدّد الرئيس الأميركي جو بايدن الأحد على “وجوب تجنب” اندلاع نزاع إقليمي في الشرق الأوسط.
وقال محللون لوكالة فرانس برس إن مقتل نصر الله يترك حزب الله تحت الضغط للرد.
واعتبر علي فايز من مجموعة الأزمات الدولية أن مقتله “لا يغير حقيقة أن إيران ما تزال لا تريد الانخراط بشكل مباشر” في النزاع الدائر.
وبحسب طهران، قضى نائب قائد عمليات الحرس الثوري عباس نيلفوروشان إلى جانب الأمين العام لحزب الله، وحذرت السلطات الإيرانية من أن “هذه الجريمة الشنيعة للكيان الصهيوني الغاصب لن تمر بدون رد”.
وقال مصدر مقرب من الحزب إن “جثمان نصرالله انتشل السبت، وجرى غسله وتكفينه الأحد”، مضيفا أنه “لم يُحدد بعد موعد تشييعه ودفنه”.
– “رد فعل غير مسبوق”؟ –
أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي الأحد أنّ عدد النازحين قد يكون وصل إلى “مليون شخص”، معتبرا أنّ هذه قد تكون “أكبر” عملية نزوح في البلاد.
على المستوى ذاته، أعلن برنامج الأغذية العالمي عملية طارئة لتأمين مساعدات غذائية لمليون شخص متضرّر في لبنان.
وقال هيكو ويمن المتخصص في شؤون المنطقة في مجموعة الأزمات الدولية “إذا لم يرد حزب الله في هذه المرحلة بترسانته من الصواريخ الدقيقة البعيدة المدى، فسنستنتج أنّه ببساطة لا يملك القدرة”.
وأضاف “إما أن نشهد رد فعل غير مسبوق من حزب الله… وإما هزيمة كاملة”.
وفي غزة، قال الدفاع المدني في القطاع إن الغارات الإسرائيلية الأحد أسفرت عن مقتل عدة أشخاص.
ويواصل الجيش الإسرائيلي هجومه الدامي على حماس في غزة حيث قتل 41595 شخصا معظمهم من المدنيين وفق بيانات وزارة الصحة التابعة لحكومة حماس والتي تعتبرها الأمم المتحدة موثوقة.