الوثيقة | مشاهدة الموضوع - يبولون عليهم ويحرقونهم ويطلقون عليهم الكلاب.. غيض مما يفعله “الجيش الأكثر أخلاقية في العالم”
تغيير حجم الخط     

يبولون عليهم ويحرقونهم ويطلقون عليهم الكلاب.. غيض مما يفعله “الجيش الأكثر أخلاقية في العالم”

مشاركة » الخميس مارس 21, 2024 3:59 pm

5.jpg
 
التقرير الذي نشرته الـ “بي.بي.سي” الأسبوع الماضي، أورد شهادات لأطباء وممرضين في مستشفى ناصر في خان يونس حول عمليات تنكيل لجنود الجيش الإسرائيلي. حسب وصفهم، قام الجنود بضربهم بالعصي والمواسير وأعقاب البنادق واللكمات، وقد تم نقلهم بالملابس الداخلية إلى داخل إسرائيل للتحقيق معهم، وطوال الطريق قام الجنود بإهانتهم وصب المياه الباردة عليهم. قال أحدهم، الدكتور أحمد أبو صبحة، إن أحد الجنود ضربه على يده حتى كسرت، ثم أخذه إلى المراحيض حيث أطلقوا عليه الكلاب. استمرت عمليات التنكيل أيضاً خلال فترة اعتقالهم إلى أن أعيدوا إلى غزة.
ونشرت “وول ستريت جورنال” شهادات أخرى تفيد بأن الفلسطينيين المشبوهين الذين اختطفوا من القطاع إلى إسرائيل تعرضوا للتنكيل الجسدي والنفسي. وقد تم خلع ملابسهم واحتجازهم في العزل وضربهم أثناء التحقيق، ومنعوا بين حين وآخر من النوم (13/3/2024). قبل ذلك، نشرت “هآرتس” بأن 27 معتقلاً غزياً ماتوا منذ بداية الحرب في منشآت عسكرية في إسرائيل، التي تم احتجازهم فيها (“هآرتس”، 7/3). مات المعتقلون وهم محتجزون في قاعدة “سديه تيمان” قرب بئر السبع، وفي قاعدة “عناتوت” قرب القدس، وفي منشآت أخرى داخل إسرائيل.
هذه ليست ظاهرة عابرة، وليست مجموعة من الحالات الاستثنائية. فبعد شهر على اندلاع الحرب، نشر نير حسون وهاجر شيزاف: “لقد بدأ الكثير من الجنود يوثقون أنفسهم وهم يقومون بضرب وإهانة الفلسطينيين المعتقلين، ونشر أفلام فيديو عبر الشبكات الاجتماعية. تم توثيق الفلسطينيون في أفلام تظهرهم وأيديهم مقيدة ووجوههم مغطاة، وفي بعض الحالات تم توثيقهم وهم عراة أو يرتدون بشكل جزئي. برز الجنود في بعض الأفلام وهم يضربون الفلسطينيين ويشتمونهم. وفي أفلام أخرى يجبرون المعتقلين على قول أشياء أو التصرف بشكل مهين” (“هآرتس”، 8/11/2023).
موقع “محادثة محلية” نشر في 3/1 شهادات لأربعة معتقلين فلسطينيين اعتقلوا في غزة وتم إطلاق سراحهم بعد التحقيق معهم، وقد تحدثوا عن استمرار الاهانة والتعذيب وموت أصدقاء في منشآت الاعتقال العسكرية. و”حسب الكثير من الشهادات”، كتب يوفال ابراهام في الموقع: “الأساليب تشمل تقييداً إلى الجدار لساعات، وضرباً في كل أنحاء الجسم، وإطفاء السجائر على الظهر والرقبة، والتكبيل، وعصب العيون في معظم ساعات اليوم. وحسب الشهادات، بال الجنود على المعتقلين واعتدوا عليهم بالضربات الكهربائية وأحرقوا جلودهم بالقداحات، وبصقوا على وجوههم، ومنعوهم من النوم والأكل والذهاب إلى المرحاض حتى قضوا حاجتهم على أنفسهم”.
هذه أعراض حيونة يمارسها الجيش الإسرائيلي، وما دامت مستمرة فستتفشى وتنتقل بالعدوى إلى وحدات أخرى وجنود آخرين. يبدو أنها نتيجة متوقعة ليست مفاجئة: الحرب هي وضع يتحرر فيه الحيوان الكامن داخل الإنسان ولا مناص من التسليم بمظاهر الحرب المروعة، خاصة في الظروف التي وجدت فيها إسرائيل نفسها في صباح 7 تشرين الأول. ما هو الضرب والتعذيب الذي يقوم به الجنود هنا وهناك للمعتقلين أو الأسرى الفلسطينيين أمام المذبحة المنظمة والجهنمية التي نفذتها حماس وملحقاتها بدون تمييز ضد المئات من الإسرائيليين.
الجندي الذي يقوم بالتنكيل يحصل على شرعية على سلوكه ذلك من الفضاء الذي يعمل فيه: هو جزء من فرق كبيرة تزرع الدمار والموت الكبيرين في قطاع غزة. في نهاية المطاف، استدعاه نظام جامح للدفاع عن الوطن، نظام شجع في السنة الماضية على التنكيل بالفلسطينيين وطمس الحدود بين المسموح والممنوع بالنسبة لهم.

ساحة الحرب التي وضع هو فيها مليئة بالعنف وتعرض حياته للخطر؛ هو في نهاية المطاف يحمل معه مشاهد وأصوات الرعب التي أحدثتها حماس في 7 تشرين الأول؛ فهو مملوء بمشاعر الانتقام، والدولة زودته بالسلاح والوسائل القتالية الأخرى لتنفيذ مهمته. في هذه الظروف، لا مكان لمحاسبته على سلوكه الشخصي أمام العدو الذي وقع في يده.
لكن القانون والأخلاق والحكمة تقتضي التصرف بشكل مختلف، وتطبيق القانون على الجنود الذين يقومون بالتنكيل. اللقاء بين المقاتل الإسرائيلي والأسير الفلسطيني هو لحظة الحقيقة التي تطفو فيها شخصية وقيم الجندي (المحسوب على “الجيش الأكثر أخلاقية في العالم”) أمام من اعتبر عدوه (الشكاوى عن التعذيب تأتي غالباً من فلسطينيين ليسوا مقاتلين). المزيد من الجنود لا يجتازون اختبار المعايير المناسبة ويلحقون العار بالدولة والجيش.
المسؤول عن انتزاع الرؤية التي تبرر التنكيل من قلوب الجنود هو رئيس الأركان هرتسي هليفي، وهو (بالمناسبة، أنا أعرفه منذ طفولته) دعا خلال الحرب عدة مرات الجنود للتصرف بشكل مناسب والحفاظ على “قيم الجيش الإسرائيلي” وطهارة السلاح.
للأسف، المواعظ والأقوال الأخلاقية في الظروف الحالية ليست الوسيلة الناجعة للتعامل مع مظاهر الحيونة. والمطلوب لاجتثاث هذه الآفة قبضة حديدية من القيادة العليا، يجب اعتقال الجنود الذين يمارسون التنكيل، والتحقيق معهم ومحاكمتهم ومعاقبتهم بشكل صارم. يجب على كل الجيش الإسرائيلي الشعور بأن قادته غير مستعدين لاستيعاب التنكيل بالفلسطينيين، سواء في غزة أو الضفة، لأن هذه الانتهاكات غير قانونية وغير أخلاقية وتضر بمصالح الدولة.
عوزي بنزيمان
هآرتس 21/3/2024
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى تقارير