لندن ـ «القدس العربي»: تمكنت وكالة الفضاء الأمريكية «ناسا» من إنتاج ما يكفي من الأكسجين على سطح المريخ لإطعام رائد فضاء لبضع ساعات، ما يزيد الآمال لدى البشر في بناء مستعمرات مستقبلية على الكوكب الأحمر.
وقال تقرير نشرته جريدة «دايلي ميل» البريطانية واطلعت عليه «القدس العربي» إن رواد الفضاء الأوائل عندما يهبطون على سطح المريخ، قد يضطرون إلى استخدام جهاز بحجم فرن الميكروويف من أجل إنتاج الهواء الذي سيتنفسونه ويساعدهم على البقاء والعيش هناك.
وحسب التقرير فقد نجح «مكعب ذهبي صغير على متن مركبة بيرسيفيرانس التابعة لوكالة ناسا في إنتاج ما يكفي من الأكسجين على الكوكب الأحمر لإبقاء الإنسان على قيد الحياة، على الأقل لفترة من الوقت».
وحسب المعلومات التي كشفتها «ناسا» فقد نجحت أداة تسمى «MOXIE» في إنتاج 122 غراماً من الأكسجين منذ هبوطها على المريخ في عام 2021 وهو ما يكفي لدعم رائد فضاء لمدة ثلاث ساعات و40 دقيقة تقريباً. ويعتقد الخبراء أن الإصدارات المستقبلية من الأداة التي سيتم إرسالها إلى المريخ يمكن أن تخزن الأكسجين للمساعدة في إبقاء رواد الفضاء المستقبليين على قيد الحياة أو صنع الوقود لإعادتهم إلى منازلهم.
وهبطت المركبة وأدواتها العديدة، بما في ذلك «MOXIE» على سطح المريخ في شباط/فبراير 2021 بعد رحلة عبر الفضاء استمرت ما يقرب من سبعة أشهر.
وأنتجت «MOXIE» الأكسجين لأول مرة في نيسان/أبريل 2021 وقد استخرجت الآن الأكسجين من الغلاف الجوي للمريخ ما مجموعه 16 مرة.
وتقوم هذه الأداة بتصنيع الأكسجين الجزيئي من خلال عملية ذكية تفصل ذرة أكسجين واحدة عن كل جزيء من ثاني أكسيد الكربون يتم ضخه من الغلاف الجوي الرقيق للمريخ.
وأثناء تدفق هذه الغازات عبر النظام، يتم تحليلها للتحقق من نقاء وكمية الأكسجين المنتج.
وقالت وكالة «ناسا» إن «موكسي» بأعلى كفاءة تمكن من إنتاج 12 غراماً من الأكسجين في الساعة بنسبة نقاء 98 في المئة أو أفضل. وأثبت المكعب الذهبي المتواضع أنه أكثر نجاحا مما توقعه مبتكروه في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في الولايات المتحدة.
ومع ذلك، فقد أنهت الأداة «موكسي» مهمتها وقامت بواجبها ومن المقرر أن تنتهي عملياتها الآن، على الرغم من أن المركبة الأم (بيرسيفيرانس) ستستمر في العمل وليس لها تاريخ انتهاء محدد حالياً».
وقال بام ميلروي، نائب مدير وكالة ناسا: «يظهر أداء موكسي المثير للإعجاب أنه من الممكن استخراج الأكسجين من الغلاف الجوي للمريخ – الأكسجين الذي يمكن أن يساعد في توفير الهواء القابل للتنفس أو الوقود الصاروخي لرواد الفضاء في المستقبل».
وأضاف «إن تطوير التقنيات التي تتيح لنا استخدام الموارد الموجودة على القمر والمريخ أمر بالغ الأهمية لبناء وجود قمري طويل الأمد، وإنشاء اقتصاد قمري قوي، والسماح لنا بدعم حملة استكشاف بشرية أولية إلى المريخ». وتم بناء «MOXIE» بمواد مقاومة للحرارة مثل سبائك النيكل وتم تصميمها لتحمل درجات الحرارة المرتفعة البالغة 1470 درجة فهرنهايت (800 درجة مئوية) المطلوبة لتشغيلها.
ويضمن الطلاء الذهبي الرقيق عدم إشعاع حرارته وإلحاق الضرر بالمركبة، ويمكن أن تكون الإصدارات المستقبلية أكبر بكثير، وقادرة على تشغيل إطلاق الصواريخ.
وانتهت حالياً مهمة «موكسي» ويريد العلماء بناء نظام يحتوي على مولد أكسجين مستوحى من هذه الأداة، ولكن أيضاً جهاز يمكنه تسييل هذا الأكسجين وتخزينه.
ويقول العلماء إن وجود الأكسجين على المريخ لن يسمح لرواد الفضاء المستقبليين بالتنفس فحسب، بل قد يجعل نقل كميات هائلة من الأكسجين من الأرض لاستخدامها كوقود صاروخي في رحلة العودة غير ضروري.
ويمكن أن تكون مثل هذه المتابعة للأداة «موكسي» جزءاً من برنامج «أرتيميس» التابع لناسا، والذي يقوم بإعداد مهمات مأهولة إلى القمر، ولكنه أيضاً يضع الأساس لمهمات إلى المريخ.
وستقوم وكالة الفضاء الأمريكية بإعادة البشر إلى سطح القمر في عام 2025 على الرغم من أن مهماتها المأهولة إلى الكوكب الأحمر لن تتم حتى ثلاثينيات القرن الحالي.
وفي الوقت نفسه، يعتقد رجل الأعمال الملياردير إيلون ماسك أنه قادر على التفوق على وكالة «ناسا» من خلال إرسال رحلات جوية مأهولة إلى المريخ في النصف الثاني من هذا العقد.
يشار أيضاً الى أنه تم تكليف المركبة المريخية «بيرسيفيرانس» بالبحث عن آثار الحياة الميكروبية المتحجرة من الماضي القديم للمريخ وجمع عينات صخرية لإعادتها إلى الأرض. ومع ذلك، فإنها لن تقوم بإحضار العينات إلى الأرض، حيث تقوم المركبة بتخزينها في مواقع معينة على المريخ ليتم جمعها من خلال مهمة استرجاع مستقبلية، والتي يجري تطويرها حالياً.
وبالإضافة إلى الأداة «موكسي» التي تنتج الأكسجين، حملت المركبة الفضائية مروحية صغيرة تسمى «Ingenuity» إلى المريخ، والتي قامت بأول رحلة تعمل بالطاقة على كوكب آخر، بالإضافة إلى أكثر من 50 رحلة جوية متتالية.