لندن ـ «القدس العربي»: اشتعلت موجة من الغضب والجدل في أوساط المصريين خلال الأيام الماضية بعد أن أطلق أحد الإعلاميين المقربين من النظام دعوة لتناول لحوم الحمير والخيول، زاعماً أنها مفيدة ومباحة من الناحية الدينية، وهو ما أشعل الكثير من الردود والتعليقات على شبكات التواصل الاجتماعي.

وقال الإعلامي تامر أمين في برنامجه على قناة النهار المصرية: «هو إحنا ليه مابناكلش لحم الحصان والحمير؟» وأضاف: «لحم الخيول والحمير يُباع ويؤكل في دول كثيرة من العالم ومنها المتقدمة، ولحم الحصان من الأطباق الغالية جداً في باريس، ويقولون إنه صحي جداً وآمن». وتابع: «مش عاوز أفتي بس متهيألي أنه حلال ومفيش حاجة في شرعنا الديني بتمنع أكل لحم الخيول والحمير».
وجاءت دعوة تامر أمين بالتزامن مع ارتفاع كبير في أسعار المواد الغذائية وازدياد في شكاوى المصريين من ارتفاع الأسعار الذي طال كافة السلع الغذائية والأساسية تقريباً، فيما جاءت الدعوة قبل فترة وجيزة من بداية شهر رمضان المبارك الذي يُعتبر موسماً للتسوق وعادة ما تشهد فيه الأسواق ارتفاعاً كبيراً في النشاط.
وسجل الجنيه المصري هبوطاً حاداً جديداً الأسبوع الماضي، حيث لامس الدولار الأمريكي لأول مرة مستوى الـ40 جنيهاً، بعد أن قفزت العقود الآجلة للجنيه المصري إلى 39.19 مقابل الدولار، لتسجل العملة المصرية بذلك أدنى مستوى تاريخي لها أمام العملة الأمريكية.
واستضافت القناة المصرية ذاتها المقربة من الحكومة من أيدوا الدعوة لأكل لحوم الحمير، حيث قال الدكتور مجدي نزيه، استشاري التثقيف والإعلام الغذائي بالمعهد القومي للتغذية، إن بعض الدول تسمح بتناول لحوم الفصيلة الخيلية (الحمير والأحصنة) إذ تعد آمنة تماماً، مشيراً إلى أن «هذه الدول مسموح فيها استهلاك هذه اللحوم لأنها تخضع للرقابة».
وأضاف استشاري التثقيف والإعلام الغذائي بالمعهد القومي للتغذية، أنه لا توجد موانع علمية للسماح بتناول لحوم الحمير والخيول، ولكن الأمر يحتاج إلى توافق مجتمعي قبل التشريع القانوني، مشيرًا إلى أن هناك مجتمعات تتناول الحشرات وأخرى لا تقبلها، فالأمر خاضع لأذواق الشعوب.
وسرعان ما اندلعت موجة من الجدل بشأن تناول لحوم الحمير، حيث سرعان ما رد أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر الدكتور أحمد كريمة بالتأكيد على تحريم أكل لحوم الحمير، وقال «إن إجماع فقهاء المسلمين انعقد على تحريم تناول لحوم الخيول والبغال والحمير للآدميين». وأشار كريمة إلى أن تناول لحوم الحمير والبغال بها تحريم نهائي، منوها بأن الفقهاء ذهبوا إلى تحريم تناول لحوم كل ناب يفترس به كالكلاب والقطط والأسود والذئاب. وأضاف الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر «من يريد أن يجامل فلا يجب أن يكون على حساب الشريعة الإسلامية».
ورد علاء مبارك، وهو ابن الرئيس المصري المخلوع محمد حسني مبارك، على تصريحات تامر أمين بتغريدة قال فيها: «(وَالخَيلَ وَالبِغالَ وَالحَميرَ لِتَركَبوها وَزينَةً وَيَخلُقُ ما لا تَعلَمونَ) لحم حمير ايه بس ياأستاذ تامر؟ مع كامل احترامي لحضرتك يا ريت نتوخى الدقة والحذر عند تناول هذه المعلومات؛ أكدت دار الإفتاء المصرية أن ذبح الحمير وأكلها حرام شرعاً».
وغردت ناشطة تدعى حبيبة بالقول: «أستاذ تامر اتفضل حضرتك كُل انت لحم الحمير انت والأسرة الكريمة بتاعتك بالهنا والعافية على قلوبكم يا غالي.. لكن احنا كمصريين ولاد عز أوي.. ابقى خد لفه كده على كلامك قبل ماتصرح بيه».
وردت مغردة أخرى بالقول: «والله مش عارفة أبكي والا اضحك. تامر أمين يطالب المصريين بأكل لحم الحمير والأحصنة ويقول انها صحية ومغذية، أتوقع ان الأحصنة غالية جداً وأغلى من الخراف والبقر والضأن يعني على قول المثل (جه يكحلها عماها) أما بالنسبة للحوم الحمير فتفضل كلها أنت يا تامر وبالهنا والشفاء».
وغرد سلطان الخطيب: «كنت متصور انا وملايين المصريين أننا سنفطر معظم أيام رمضان على الفول والفلافل والفراخ البرازيلي.. حتى طمأننا النبيل تامر أمين وبشرنا بمقترح جميل للمصريين هو أكل لحوم الخيل والحمير.. اسوة بدول كثيرة في المنطقة.. تواضعوا يا مصريين».
وكتب معلق يُدعى أمير قائلاً: «لا تعليق.. يعجز العقل عن التعبير ويبكي القلب من مستوى الانحطاط الذي وصل إليه البعض. تامر أمين إعلامي مصري يطالب الناس بأكل لحم الحمير والخيول».
وعلق أبو أحمد رداً على تصريحات تامر أمين: «دا واحد بيتقال عليه مثقف وتنويري وبيشتغل في أخطر مهنة على وجه الأرض حالياً ومش عارف احنا ليه مش بناكل لحم الحمير، وسبحان الله رغم كده لم يستضف أحداً من الشيوخ تلاقيه عمال يتفلسف ويجادل ويقولك انا لية عقل زيك بفكر به ليه نسمع كلامك.. بس لو انت عايز تهبد أحسن من كده خش على لحم الكلاب».
وجاءت دعوة تامر أمين لتناول لحم الحمير والخيول عقب كلام الداعية خالد الجندي في برنامجه المتلفز بأنّ الكلاب غير نجسة وأكلها حلال في بعض المذاهب، لتثير تلك الدعوات حالة من السخط بين المصريين.
واعتبر مغردون هذه الدعوات مجرد تمهيد للرأي العام أو بالونة اختبار لقياس رد فعل الشعب تجاهها، وخاصةً أنها تأتي في ظل أزمة اقتصادية طاحنة لم تمر بمثلها مصر طوال العقود الماضية، وعجز قطاع كبير من الشعب المصري في ظلها عن تلبية احتياجاته الأساسية.
وكتبت رشا العدل: «تامر أمين كان بيمهد بس بموضوع أكل لحوم الحمير. النهارده الشيخ خالد الجندي بيقول أكل لحم الكلاب يجوز شرعاً عند المالكية».
وعلّق المعلم الأزهري عبد الرحيم حامد بالقول إن دعوة تامر أمين لأكل لحوم الحمير وانعدام حرمته الدينية، تنطوي على جهل بالدين، فالحمير الأهلية محرمة، أمّا الوحشية فمباحة، مثل الحصان المجاز أكله، والمسألة تخضع للعرف والذائقة، وفي مصر لا يؤكل.
وقالت نادية عبد اللطيف إنّ الحكومة تريد من الشعب، بهذه الدعوات، تناول لحوم الحمير لسد النقص في البروتين الحيواني، وقريباً سيطالبون بأكل لحم الميتة، قبل أن يأكل الشعب الحكومة، معتبرةً أنّ أمين أعطى شرارة الانطلاق، وأنّها «دعوة ليست بعيدة عن الترويج الذي تكلم به الداعية المؤيد للسلطة خالد الجندي عن بعض النصوص التي تجيز أكل المحرمات في وقت الضرورة».
وغرد مصطفى غالي: «الإعلاميون الذين يطلبون من الناس أكل لحم الحمير، لو الناس استمعت لهم وأكلت لحم الحمير سيكونون أول من سينقرض، فحافظوا على أنفسكم. والشدة المستنصرية عندما أكل الناس الحمير، لكن بإذن الله مصر لن تصل إلى هذه المأساة بل العكس الوضع سيتحسن كثيراً في السنوات القادمة».
وعلق سامح أبو عرايس: «معلش التضخم والغلاء وارتفاع سعر كيلو اللحوم إلى 300 جنيه جنن الناس وخلاهم يفكروا في حلول عجيبة.. مرة يقولوا أرجل فراخ.. ومرة لحم حمير وخيول.. ومين عارف بكرة يقترحوا إيه تاني.. الله يرحم أيام الرئيس مبارك لما كان كيلو اللحمة بثلاثين جنيه ومكانش عاجب».
يشار إلى أن أسعار اللحوم سجلت ارتفاعات جنونية خلال الشهور الماضية في مصر، حيث تضاعفت أسعارها خلال شهور قليلة، وسط توقعات بأن تواصل الارتفاع خلال شهر رمضان المبارك، ووصل كيلو اللحم إلى 300 جنيه مصري، وهو ما جعله في غير متناول الملايين من المصريين الذين أصبحت دخولهم الشهرية لا تتجاوز بضعة كيلوات من اللحوم.
وكانت اللحوم الحمراء قد سجلت مستوى قياسياً مطلع العام الحالي عندما أصبحت تباع بنحو 200 جنيه مصري للكيلو الواحد، فيما ارتفعت خلال الأيام الماضية لتصل إلى 300 جنيه، وهو ما يعني ارتفاعها بنسبة تزيد عن 30 في المئة خلال أقل من شهرين فقط، فيما كان سعر كيلو اللحم خلال فترة حكم الرئيس مبارك دون الـ30 جنيهاً، ما يعني أنه تضاعف عشر مرات خلال عشر سنوات فقط.