الوثيقة | مشاهدة الموضوع - على هامش موازنة 2023 علي مارد الاسدي
تغيير حجم الخط     

على هامش موازنة 2023 علي مارد الاسدي

مشاركة » الخميس مارس 16, 2023 9:36 am

لا نضيف جديدًا عندما نقول أن الفوضى والتمييز غير العادل في رواتب موظفي ومتقاعدي الدولة العراقية حالة شاذة لا مثيل لها في كل دول العالم. وهي تخالف حتى نصوص الدستور العراقي الذي يشدد على المساواة وتكافؤ الفرص بين المواطنين.

وللأسف تتجاهل الحكومات المتعاقبة معالجة وتصحيح هذا الخلل الجسيم الذي يهدد البنية الإدارية والإقتصادية والإجتماعية للدولة العراقية.

فالمزاجية والارتجالية والنفعية الضيقة هي من تتحكم في القرارات الاقتصادية الاستراتيجية لدولة بحجم العراق!

معيشة أكثر من 40 مليون مواطن عراقي تخضع للمزاج والصفقات السياسية في حمى التنافس الانتخابي ليس إلا وإن قيل بخلاف ذلك!

ولهذا ما زال المواطن يعيش رهينة ثقافة المكارم أو الصدقات أو الهبات حتى فيما يتعلق بالاستحقاق والحقوق الأساسية.

داهمت خاطري هذه الافكار أثناء مشاهدتي عبر أحدى الفضائيات مناشدة أطلقها متقاعد مسن وهو يطالب برفع الحيف والتمييز عن رواتب المتقاعدين القدماء، فمن غرائب نظامنا الحالي ان المتقاعد قبل عام 2003 يهمل ولا يتساوى في الراتب مع المتقاعد بعد هذا التأريخ.

نكتة سوداء.. تمييز على أساس عنصر الزمان!!

والنكتة تكبر عندما نلاحظ في المقابل وجود تمييز من نوع آخر يعتمد المكان أو الجغرافيا، وكأننا لا نتحدث عن جدول بالرواتب وإنما نخوض في مسألة فيزيائية تخص زمكانية أنشتاين النسبية، فالموظف الذي يعمل داخل المنطقة الخضراء المحصنة أمنيًا لديه من الامتيازات المالية ما لا ينالها الموظف الذي يعمل خارج هذه المنطقة..!!

ولأسباب مجهولة، نجد أن الموظف العامل في الامانة العامة لمجلس الوزراء، أو في مكتب رئيس الحكومة، أو في مكتب رئيس الجمهورية، أو في ديوان الرئاسة، أو في مجلس النواب، على سبيل المثال لا الحصر، يتقاضى من الأجور أضعاف ما يتقاضاه نظيره في الشهادة والخدمة ممن يعمل في دوائر أخرى.. لماذا؟ لا أحد يعرف!

وبفضل فساد وفوضوية التخطيط المالي صارت لدينا وزارات توصف بالذهبية مثل وزارة النفط والكهرباء والتعليم العالي والخارجية.. يتكالب عليها الجميع لما فيها من مخصصات وامتيازات لا تتوفر في بقية الوزارات كالتربية والصناعة والصحة والزراعة، رغم أهمية هذه الوزارات، وإرتباطها بحياة الشعب!!

نفس هذه الملاحظات تشمل الدوائر والهيئات المستقلة والجهات غير المرتبطة بوزارة، ونصفها حلقات زائدة ما أنزل الله بها من سلطان، إذ توجد فوضى مالية عارمة تضرب اطنابها في كل مكان، فإذا أضفنا لما سبق الرواتب الضخمة للآلاف المؤلفة من الدرجات الخاصة ومعهم النواب وكبار مسؤولي الدولة بما فيهم رئيس الجمهورية.. لا نستغرب حينها أن تبتلع النفقات التشغيلية ثلثي موازنة الدولة العراقية كل عام، والكارثة الأخلاقية أن يحدث هذا في بلد غني بموارده لكنه يتصدر دول العالم في معدلات الفقر والبطالة وسوء الخدمات.

وبإختصار.. تكمن المشكلة هنا في أن الطبقة السياسية والإدارية والتشريعية التي تتحكم بالبلد والتي تمتلك السلطة و رأس المال والسلاح وتسيطر على الشارع و وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي .

لا تشعر بالخطر من تفاقم الفقر والطبقية والتذمر والسخط الشعبي، ولا مصلحة لديها لتحقيق أهم مبادىء العدالة الاجتماعية وهو توزيع ثروات الشعب بعدالة على الجميع.
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى المقالات

cron