الوثيقة | مشاهدة الموضوع - ما هي الخِيارات الثلاثة أمام إيران للرّد على العُدوان الإسرائيلي على أصفهان ومعاملها العسكريّة؟ وهل سيكون هذا الرّد مُباشِرًا على تل أبيب أم في البلدين اللّتين انطلقت منهما المُسيّرات؟ ومتى وكيف سيكون الرّد المُفترض هذه المرّة؟
تغيير حجم الخط     

ما هي الخِيارات الثلاثة أمام إيران للرّد على العُدوان الإسرائيلي على أصفهان ومعاملها العسكريّة؟ وهل سيكون هذا الرّد مُباشِرًا على تل أبيب أم في البلدين اللّتين انطلقت منهما المُسيّرات؟ ومتى وكيف سيكون الرّد المُفترض هذه المرّة؟

مشاركة » الاثنين يناير 30, 2023 5:00 pm

عبد الباري عطوان
يبدو ان الولايات المتحدة الامريكية و”إسرائيل” قد ضاقتا ذرعا بسياسة “الصبر الاستراتيجي طويل النفس” الذي تتبناه القيادة الإيرانية منذ سنوات وعنوانه الأبرز هو امتصاص الهجمات على منشآت نووية والاغتيالات الإسرائيلية للعلماء الإيرانيين، والتحريض على تصعيد الاحتجاجات الشعبية وعدم الرد عليها، او على نظيراتها التي تستهدف “خبراء” إيرانيين في الأراضي السورية، وغير الاستراتيجية وتوسيع قواعد الاشتباك وتصعيدها، وهذا ما يفسر في رأينا اقدام مسيرات إسرائيلية انتحارية على ضرب مصانع، وقواعد عسكرية، ومستودعات للجيش الإيراني ليلة امس الاحد في مدينة أصفهان، وشن هجوم آخر على شاحنات قيل انها محملة بمعدات عسكرية إيرانية في منطقة البوكمال على الحدود العراقية السورية، كذلك قصف سيارة دفع رباعي كانت تقل قائدا في احد المجموعات العراقية المسلحة الموالية لإيران واثنين من مساعديه جاء لتفقد المنطقة المستهدفة.
مسؤولون امريكيون أكدوا لصحيفة الـ “وول ستريت جورنال” المقربة من “البنتاغون”، ان “إسرائيل” هي التي نفذت الهجوم على أصفهان، وبرأوا بلادهم من أي دور فيه، وربما جاء هذا الاعتراف بعد تأكيد بيان رسمي إيراني أسقاط المسيّرات الثلاث، مما يعني انه لن يكون بإستطاعة السلطات الاسرائيلية نكران وقوفها خلف هذا الهجوم.
السؤال الذي يطرح نفسه بقوة يأتي من شقين: الأول: حول استهداف أصفهان هذه المرة، والثاني: حول نوعية وكيفية الرد الإيراني الرسمي على هذا الاستفزاز العدواني الإسرائيلي؟ ويمكن إضافة شق ثالث وهو، من هي الدولة التي انطلقت من أراضيها المسيّرات المعتدية؟
اختيار محافظة أصفهان التي تقع في وسط البلاد جاء بسبب وجود مصانع حربية لإنتاج المسيّرات، والصواريخ الأسرع من الصوت “بمساعدة روسية”، حسب التقارير الغربية، مضافا الى ذلك وجود العديد من المنشآت النووية فيها، وخاصة مفاعل “نظنز” وقد اكد داني ياتوم رئيس “الموساد” السابق هذه المعلومة، وقال “ان الصواريخ الأسرع من الصوت الإيرانية يصعب على منظومات الدفاع الجوي الإسرائيلي ضربها لإنها أسرع من الصوت بتسع مرات وهنا تكمن خطورتها”.
***
اما اذا انتقلنا الى الشق الثاني من السؤال المتعلق بنوعية، واحتمالية وحجم الرد الإيراني على هذا العدوان الإسرائيلي على قواعد ومصانع أسلحة في العمق الإيراني فيمكن القول ان هناك عدة خيارات:

الخيار الأول: الرد الإيراني المباشر وبالمثل على اهداف في العمق الإسرائيلي بصواريخ دقيقة بعيدة المدى تستهدف بنى تحتية عسكرية إسرائيلية، وهذا قد يؤدي الى حرب شاملة.
الخيار الثاني: ارسال طائرات مسيّرة انتحارية لضرب اهداف في الدول التي انطلقت منها هذه الطائرات، وأصابع الاتهام تشير الى إقليم كردستان العراق، او أذربيجان التي تتواجد فيها قواعد عسكرية إسرائيلية.
الخيار الثالث: ان تلقي القيادة الإيرانية مهمة الرد هذه على عاتق الفصائل المسلحة الموالية لها في العراق ولبنان واليمن، وربما في قطاع غزة والضفة الغربية أيضا، سواء متفرقة او مجتمعة.

تزاحم الزيارات التي يقوم بها مسؤولون امريكيون بارزون الى القدس المحتلة هذه الأيام، مثل الجنرال جيك سوليفان مستشار الامن القومي الأمريكي، وليام بيرنز رئيس وكالة المخابرات المركزية الامريكية، وأخيرا انتوني بلينكن وزير الخارجية، لا يوحي بأن الهدف الرئيسي منها هو تهدئة الأوضاع في فلسطين المحتلة بعد الهجوم الدموي الإسرائيلي على مخيم جنين، والرد الرادع، والقوي، والفوري، عليه من قبل المجموعات الفلسطينية المقاومة، وانما التحضير لعدوان امريكي إسرائيلي مشترك على ايران خاصة ان هذه الزيارات المكثفة على ايران بعد مناورات عسكرية إسرائيلية أمريكية مشتركة هي الاضخم من نوعها في السنوات العشر الماضية، وجاءت تحاكي قصف منشآت نووية في دولة معادية ومواجهة تهديدات مختلفة في منطقة الشرق الأوسط، وليس هناك أي دولة تنطبق عليها هذه المواصفات غير ايران.
***
الخبراء العسكريون الإسرائيليون يقرعون نواقيس الخطر، ويحذرون من قرب انتاج ايران أسلحة نووية، وربما يلجأ نتنياهو وجنرالاته الى الحرب لتوحيد الرأي العام الإسرائيلي المنقسم والمتظاهر بشراسة للإطاحة بحكومته الفاشية.
الأمر المؤكد ان سياسة ضبط النفس وعدم الرد المباشر، التي إتبعتها السلطات الإيرانية طوال السنوات السابقة تجاه “العدوانات” و”الاغتيالات” الاسرائيلية سواء التي استهدفت علماءها او “خبراءها” في سورية ربما لن تكون مجدية بعد ان وصلت المسيرّات الإسرائيلية علانية الى أصفهان وقواعدها العسكرية، ولهذا نرجح ان الرد قادم، لان هجمات أخرى مماثلة ومتواصلة ربما ستكون عنوان المرحلة المقبلة وتمهيدا للمواجهة الشاملة، او تسريعا لها.
المنطقة تغلي، والتعاون الإيراني الروسي، وانهيار مفاوضات فيينا النووية، وتزايد الهزائم الامريكية في أوكرانيا، كلها عوامل قوية قد تؤدي الى “حماقة” أمريكية إسرائيلية كبرى، ربما ستؤرخ لنهاية الزعامة الامريكية والغربية للعالم، وتقديم عقارب ساعة يوم القيامة.. والله اعلم.
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى المقالات

cron