الوثيقة | مشاهدة الموضوع - رئيس الوزراء يتحسس الخطى الدبلوماسية في مكافحة تهريب الدولار إلى إيران
تغيير حجم الخط     

رئيس الوزراء يتحسس الخطى الدبلوماسية في مكافحة تهريب الدولار إلى إيران

مشاركة » الاثنين يناير 23, 2023 8:59 pm

8.jpg
 
بغداد: تحت ضغط من واشنطن لوقف تدفق الدولارات إلى إيران، استعان رئيس الوزراء العراقي بقوات النخبة المعنية بمكافحة الإرهاب، والمعتادة بشكل أكبر على محاربة المتشددين الإسلاميين، للتصدي لتجار يهربون العملة إلى الجمهورية الإسلامية.

وتمثل مداهمات شهدتها بغداد يوم السبت اختبارا مبكرا لرئيس الوزراء محمد السوداني الذي تولى منصبه في أكتوبر تشرين الأول بعد أكثر من عام من الشلل السياسي، ويتعين عليه الآن أن يسلك طريقا دبلوماسيا بالغ الحساسية.

وأقر مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) في نيويورك ضوابط أكثر صرامة على المعاملات الدولية بالدولار للبنوك التجارية العراقية في نوفمبر تشرين الثاني.

وتهدف الخطوة إلى وقف تدفق الدولارات بشكل غير مشروع إلى إيران وممارسة المزيد من الضغط إلى جانب العقوبات الأمريكية المفروضة على برنامج طهران النووي ونزاعات أخرى، مما يصعب على طهران الحصول على الدولارات.

واتهم النائب الشيعي عقيل الفتلاوي واشنطن بتعمد استخدام اللوائح الجديدة كسلاح سياسي.

وقال “الأمريكان يستخدمون التعليمات الصارمة بشأن عمليات تحويل الدولار كرسائل تحذير موجهة لرئيس الوزراء (محمد) السوداني لكي يبقى متوافقا مع المصالح الأمريكية. ’العمل ضدنا قد يؤدي إلى إسقاط حكومتك’ هذه هي الرسالة الأمريكية”.

وقال مسؤول مصرفي كبير إن الولايات المتحدة وجهت رسالة واضحة إلى المسؤولين العراقيين، مفادها هو أنه إما الالتزام باللوائح الجديدة أو سيواجه البنك المركزي العراقي غرامات.

ويعتمد السوداني على النوايا الحسنة المستمرة لواشنطن لضمان عدم تعرض عائدات النفط ومالية بلاده للرقابة الأمريكية، ويحتاج أيضا إلى مساعدة واشنطن في محاربة تنظيم “الدولة”.

لكنه وصل إلى السلطة بدعم من ميليشيات قوية مدعومة من طهران، وبالتالي لا يمكنه تحمل تبعة استعداء إيران.

وقال المحلل السياسي المقيم في بغداد أحمد يونس “رئيس الوزراء (محمد) السوداني يواجه تحديا معقدا يتمثل بكيفية اتباع سياسات متوازنة مع اثنين من أشد الأعداء مع بعضهما واشنطن و طهران، و كلتا الدولتين أصدقاء للعراق بنفس الوقت ، بدون الانحياز إلى أي طرف. إنها مهمة صعبة جدا والسوداني يمشي على حبل مشدود”.

شبكات التهريب

تحتاج الجمهورية الإسلامية إلى الدولارات من أجل استقرار اقتصادها المتدهور، الذي تضرر بشدة من العقوبات الأمريكية المفروضة منذ 2018 بعد أن أعلن الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب الانسحاب من اتفاق طهران النووي مع القوى العالمية الست.

وفقدت العملة الإيرانية المضطربة حوالي 30 بالمئة من قيمتها منذ الاحتجاجات التي عمت البلاد في أعقاب وفاة الإيرانية الكردية مهسا أميني (22 عاما) في 16 سبتمبر أيلول، مما زاد من عزلة البلاد.

وتستخدم المؤسسة الدينية منذ سنوات شركات صورية من العراق إلى تركيا للحصول على الدولارات التي تحتاجها للمعاملات الدولية ولتمويل وكلائها في أنحاء الشرق الأوسط.

وقال مستشاران لبنوك عراقية خاصة يحضران بانتظام اجتماعات مع البنك المركزي، تحدثا شريطة عدم الكشف عن هويتهما، إن إيران تتلقى حوالي 100 مليون دولار شهريا من تجار عراقيين.

وأفاد مسؤولون أمنيون عراقيون تحت إدارة رئيس الوزراء بأن لديهم “أدلة دامغة” على أن هناك مهربين يشترون كميات كبيرة من الدولارات من أسواق العملة في بغداد ويهربونها عبر المعابر الحدودية إلى إيران، لا سيما منذ منتصف يناير كانون الثاني.

وقال عقيد في شرطة الحدود العراقية في معبر الشلامجة قرب مدينة البصرة في الجنوب إن عشرات المهربين يشترون الدولارات من أسواق العملة في بغداد ويستخدمون حقائب مدرسية لنقلها قبل تعبئتها في سيارات رباعية الدفع إلى الحدود، تحت حماية حراس مسلحين.

الثمن الاقتصادي

بموجب القيود الجديدة، يتعين على البنوك العراقية استخدام منصة إلكترونية للإفصاح عن تعاملاتها وعن تفاصيل حول المرسل والمستفيدين. ويمكن للمسؤولين الأمريكيين الاعتراض على طلبات النقل المشبوهة.

وقال نبيل المرسومي، وهو أستاذ للاقتصاد في جامعة البصرة، إن النظام الجديد أبطأ المعاملات الدولارية.

وقال مسؤولون مصرفيون إن إجراءات مكافحة التهريب أحدثت فجوة أيضا في الماليات العامة. ولجأت البنوك التي عزفت عن التسجيل في المنصة الإلكترونية إلى الأسواق الحرة في بغداد لشراء الدولارات، ما أحدث عجزا إذ تجاوز الطلب العرض.

وفي الوقت نفسه، زاد سعر سلع المستهلكين وتضاءلت قيمة العملة العراقية.

وأدى ذلك إلى تعميق المشاعر المناهضة للولايات المتحدة بين السياسيين في العراق الذي لا يزال غير مستقر بعد نحو 20 عاما من الغزو الذي قادته الولايات المتحدة وأطاح بصدام حسين.

وقال المتعامل جمعة الحلفي إن نقل الدولارات إلى إيران وحليفتها سوريا المتأثرة بالعقوبات أثر أيضا على عملة العراق.

وكانت قيمة الدولار عند البيع 1470 دينارا عراقيا قبل تقييدات النقل الجديدة التي وضعها المجلس الاحتياطي الفيدرالي، وهبط الدينار في ديسمبر كانون الأول عند 1620 دينارا أمام الدولار قبل بدء تطبيق القيود في مطلع الأسبوع.

وقالت وكالة الأنباء الرسمية اليوم الاثنين إن رئيس الوزراء العراقي أعفى محافظ البنك المركزي من منصبه بعد تراجع قيمة الدينار. وأضافت الوكالة أن مصطفى غالب مخيف قال لرئيس الوزراء إنه لم يعد يريد البقاء في منصبه.

وحاول رئيس الوزراء طمأنة العراقيين بأن الدينار والاقتصاد سيكونان في مأمن من القيود واللوائح التنظيمية الأمريكية.

وقال السوداني في إحدى الفعاليات يوم السبت “اتخذنا جملة من القرارات الجريئة لدعم الدينار العراقي واستقراره، ونحذر من يحاول استغلال الأزمة”.

وأبدى هادي علي وهو مدير حساب في بنك خاص في بغداد تشككه في ذلك.

وقال “اتباع الشروط الأمريكية الجديدة يعني بأننا سيتوجب علينا الانتظار لفترات طويلة من الزمن لكي يتم السماح لنا بالتحويل. هذا مضر بمصالحنا… تكاد تكون جميع تحويلات الدولار تنتهي بالوصول إلى أطراف مرتبطة بمصالح إيرانية هذا ليس سرا”.

(رويترز)
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى تقارير

cron