الوثيقة | مشاهدة الموضوع - هل يتجرّأ السوداني على مواجهة السلاح المتنفّذ في مشوار مكافحة الفساد؟ مشرق ريسان
تغيير حجم الخط     

هل يتجرّأ السوداني على مواجهة السلاح المتنفّذ في مشوار مكافحة الفساد؟ مشرق ريسان

مشاركة » الأحد نوفمبر 20, 2022 10:18 am

14.jpg
 
بغداد ـ «القدس العربي»: بدأ رئيس الوزراء العراقي الجديد، محمد شياع السوداني، مشواره في إدارة دفّة الحكم في البلاد، خلفاً لرئيس الحكومة السابقة، مصطفى الكاظمي، بالتركيز على محاربة الفساد المنتشر في عموم مفاصل الدولة العراقية، منذ عام 2003 والمرتبط بشكل وثيق بالأحزاب السياسية النافذة.

ورغم إقرار السوداني في مؤتمره الصحافي الأسبوعي الأخير، بعدم وجود «إحصائية رقمية للفساد والسرقات» لدى الجهات المختصّة، غير إن مساعيه في محاربة «الفساد» قد تتبدد أمام ارتباط أغلب القوى السياسية العراقية- الداعمة له- بمجاميع مسلّحة، فضلاً عن اعتماده على النهج التقليدي الذي اتبعه أسلافه ممن توالوا على حكم هذا البلد.
الدكتور علي البياتي، عضو مفوضية حقوق الإنسان السابق، يقول لـ«القدس العربي» إن «ملف الفساد في العراق ارتبط مع العملية السياسية الجديدة. الأموال تم استغلالها لتعزيز نفوذ الطبقة السياسية وبناء دويلاتهم العميقة داخل الدولة العراقية».
وأضاف: «إذا أردنا معرفة حجم الفساد في العراق، فيكفي أن نعرف حجم الميزانيات السنوية والتراجع الملحوظ في كافة الخدمات منذ 2003 وحتى هذا اليوم، مقابل تزايد امكانات وثروات الطبقة السياسية التي أصبحت مثالاً للفساد على المستوى العالمي» مبيناً أن «العراق معروف عالميا بقضايا الفساد الذي يعدّ قضية رأي عام محليا ودوليا دائما».
ووفقاً للبياتي فإن «منظمة الشفافية العالمية وضعت العراق في المرتبة 23 من مجموع 100 دولة معروفه بالشفافية، وهذا يعني ان العراق يتذيل قائمه الدول بالشفافية» لافتاً إلى أن «العراق يأتي في المرتبة 157 من مجموع 180 دولة عالميا بمؤشرات الفساد وانعدام الشفافية».
واستغرب البياتي من «عدم وجود مكتب أو مقر لمنظمة الشفافية العالمية في العراق حتى هذه اللحظة» مؤكداً في الوقت عيّنه أن «الطبقة السياسية العراقية لم تتخذ أي خطوات لمحاربة الفساد أو إشراك المجتمع الدولي في هذا الشأن».
وشدد البياتي على وجوب أن تستعين الحكومة بـ«الجهد الدولي وتدويل موضوع الفساد. إننا لم نر جهوداً حقيقية لتدويل الملف، خشيه من ان تكون هناك مكافحة حقيقية للفساد».
وسبق أن كشف السوداني الأسبوع الماضي، عن مشروع «للتعاقد مع شركة تدقيق عالمية مختصة لكشف حجم المال المنهوب» حسب قوله.
وتعليقاً على ذلك، قال الخبير القانوني العراقي، علي التميمي، إن «التعاقد مع شركة دولية محاسبية للتدقيق في قضايا الفساد المالي والإداري وكشفها- بالتأكيد سيكون معها فريق عراقي أيضا- وهو استثناء من المادة 3 من تعليمات تنفيذ العقود الحكومية 2 لسنة 2014 التي تحدثت عن نوع الدعوة في التعاقد ولجان فتح العطاءات وتحليل العطاءات، وهذا الأمر جاء بتخويل رئيس مجلس الوزراء من مجلس الوزراء بالتعاقد مع هذه الشركة».
وأضاف: «عمل هذه الشركة سيساعد في كشف الملفات ويمكن للحكومة التعاقد مع شركات دولية للمطالبة بالأموال المهربة في الخارج».
غير أن البياتي يوضّح أن «أموال الفساد دائما ما تهرب إلى خارج العراق» معتبراً أن ملف مكافحة الفساد في العراق «يُستغل لتصفيات سياسية».
ومضى يقول: «من دون وجود تعاون دولي متمثلاً بالمؤسسات الدولية المعنية بمحاربة الفساد فإننا لن نتمكن من مكافحه الفساد في العراق بشكل جدي وحقيقي».
وأشار إلى أن «في العراق هناك ما يتجاوز الخمسة آلاف عقد وهمي لشركات وهمية تتعلق بمشاريع بنى تحتية، يوجد فيها هدر بما يقارب 230 مليار دولار، وهو ما يعادل 3 ميزانيات مالية سنوية للعراق».
ورأى أن «جهود محاربة الفساد السابقة خجولة ولا ترقى إلى مستوى الطموح في محاربة الفساد والحد من هذه الآفة» منوهاً بأن «الخطوات الأسوأ في ملف مكافحة الفساد كانت في زمن الحكومة السابقة (برئاسة مصطفى الكاظمي) التي رفعت شعارا كبيرا بمحاربة الفساد غير انها اختصرت هذه الجهود بلجنة (الأمر الديواني) التي تم حلها مؤخرا من قبل المحكمة الاتحادية، والتي حاولت سلب قوة ونفود كل المؤسسات المعنية ومنحها لمقربين من رئيس الوزراء السابق».
وطبقاً للخبير في مجال حقوق الإنسان فإن «هذه اللجنة تم استغلالها بتصفيات سياسية وعمليات ابتزاز» مبيناً أن «التحقيقات الجارية حاليا تثبت تورط هذه اللجنة في تلك الأفعال».
ويرى البياتي أنه «إذا أرادت الحكومة الحالية محاربة الفساد بالفعل، فإن عليها ان تتجنب الآليات التقليدية والوعود والإعلام المكثف الذي لا معنى له، وان تركّز على عمل المؤسسات الرقابية، وتعزز استقلاليتها وتنظم قدرتها وحمايتها من الطبقة السياسية، وعدم فتح المجال الاستغلال النفوذ من أجل حماية الفاسدين والفساد، والابتعاد عن اللجان والهيئات- ليست لديها قوانين تستند إليها- التي تقتصر على مكتب شخص أو هيئة حتى لو كان رئيس الوزراء».
وأضاف: «طريق الفساد طويل ولا يمكن اكماله خلال دورة واحدة» داعياً حكومة السوداني إلى أن «تؤسس لمشروع طويل الأمد، وهو يعتبر نجاحا لها».
ووفقاً للبياتي فإن «الجهات المتهمة بالفساد هي التي تدير مكافحه هذا الملف. من المنطقي أن لا نعتمد على هذه الطبقة في محاربة الفساد» موضّحاً أن «الكثير من الجهات السياسية المتهمة بالفساد تحمل السلاح، وهو عامل ضغط وخطورة ان يكون السلاح بيد الفاسد».
ومن بين إجراءات الحكومة الاتحادية الحالية في مجال مكافحة الفساد، تبنّي هيئة النزاهة تأليف هيئةٍ عليا للتحقيق بقضايا الفساد الكبرى والهامة المُودعة في مُديريَّات ومكاتب تحقيق الهيئة في بغداد والمحافظات، وما يُحالُ إليها من قضايا.
الهيئة أكَّدت أنَّ رئيسها القاضي حيدر حنون أصدر أمراً وزارياً بتأليف «الهيئة العليا لمُكافحة الفساد» للتحقيق بقضايا الفساد الكبرى والهامة، مُشيرةً إلى أنَّ الهيئة المُؤلَّفة التي يرأسها رئيس هيئة النزاهة «تضمُّ في عضويَّتها مُديري دائرتي التحقيقات والاسترداد في الهيئة، بالإضافة إلى مجموعةٍ من مُحقِّقيها يتمُّ اختيارهم من قبل رئيس الهيئة- قابلين للتغيير، وللهيئة الاستعانة بتحريِّين وإداريِّين من مُوظَّفيها».
ويأتي تأليف هذه الهيئة «انطلاقاً من واجب هيئة النزاهة في منع الفساد ومُكافحته بأيسر وأسرع الطرق المُتاحة قانوناً، ومن أهميَّة إنجاز التحقيق في قضايا الفساد المنصوص عليها في قانونها لا سيما قضايا الفساد الكبرى والهامة، وضمن السقف الزمني المُحدَّد» لافتةً إلى أنَّ «ذلك يرمي للحدِّ من الفساد وتقليص مسالكه ومنع استمراره ومعاقبة مرتكبيه، بما ينسجم مع أهميَّة وحجم تلك القضايا».
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى المقالات

cron