الوثيقة | مشاهدة الموضوع - معهد كارنيغي: الأحزاب السياسية تستغل العشائر لتصفية حساباتها.. ويحذر من "سيطرتها" كبديل عن الدولة : متابعات
تغيير حجم الخط     

معهد كارنيغي: الأحزاب السياسية تستغل العشائر لتصفية حساباتها.. ويحذر من "سيطرتها" كبديل عن الدولة : متابعات

مشاركة » السبت مايو 28, 2022 1:13 pm

5.jpg
 
تستمر مرحلة الخلافات السياسية بالالقاء بظلالها على الأوضاع داخل العراق وسط ارتفاع حدة التحذيرات الصادرة من المؤسسات الدولية المعنية من مغبة استمرارها، خصوصا بعد اصدار الأمم المتحدة ومجلس الامن الدولي، مجموعة توصيات للحكومة العراقية في السابع عشر من الشهر الحالي، طالب بها بــ "التشمير عن السواعد" لحل الازمة، تفاديا لعواقب "وخيمة".

الخلافات التي تاتي وسط مجموعة أزمات تعصف بالأوضاع العراقية حاليا، منها ما تسببت به ازمة التغير المناخي وفقدان العراق لجزء كبير من قدرته على انتاج الغذاء وبالتالي تعرض امنه الغذائي للتهديد، الذي يأتي بالتزامن مع الحرب الأوكرانية الروسية التي عطلت من قدرة العراق على استيراد جزء كبير من الغلل الأساسية، بالإضافة الى تنامي التهديد من الجماعات الإرهابية بحسب المجلس، المنطلقة من معسكر الحول في سوريا والمطل على الحدود العراقية، واستمرار الغزو التركي للأراضي العراقية بالتعاون مع حكومة كردستان العراق، باتت تمثل تهديدا "وجوديا" على النظام العراقي، وسط استمرار التعطل.

تعاظم تبعات التعطل السياسي الحالي والذي أدى الى فقدان العراق لقدرته على تمويل البرامج لمواجهة الازمات نتيجة لغياب الموازنة بحسب ما بينت المطلع في وقت سابق، رفعت بحسب معهد كارنيغي للدراسات من نسب البطالة خصوصا في مدن جنوب وغرب العراق، حيث باتت اعداد العاطلين عن العمل فرصة للأحزاب السياسية لاستغلالها في صراعاتها.

استغلال قال المعهد انه يأتي عبر استخدام العشائر في مدن جنوب وغرب العراق من قبل الأحزاب السياسية لــ "تصفية" الخلافات بينها، امر بات يشكل على حد قوله "تهديدا وجوديا" للسلطة وقدرة النظام العراقي على إدارة مدنه، مع استمرار فقدان السيطرة والموارد اللازمة لصالح العشائر التي أصبحت قادرة على مواجهة السلطة عسكريا وسط ارتفاع غير مسبوق للعنف العشائري في تلك المدن.

الأمم المتحدة دعت الأحزاب السياسية العراقية الى العودة لطاولة المفاوضات والتعجيل بحل المشاكل السياسية الحالية بهدف تشكيل الحكومة المقبلة لتفادي وقوع العراق في مازق الاقتتال الداخلي، بالإضافة الى وقوع "ازمة إنسانية" نتيجة لغياب الموارد وتعطل تمرير الموازنة القادمة، حيث ما تزال السلطة العراقية تعمل حتى الان تحت بنود موازنة عام 2021، على حد وصفها.



فقدان الثقة بالدولة.. أحزاب سياسية تستغل "العشائر" لتصفية حساباتها

الاقتتال الداخلي الذي تحدث عنه المعهد، توقع ان يكون بين الجهات السياسية بشكل غير مباشر، من خلال استغلال العشائر لتصفية الخلافات بالسلاح، امر سيقود الى وقوع "حرب أهلية" داخل العراق، نتيجة لاستخدام العشائر لذلك الهدف بدلا من الفصائل المسلحة التابعة لتلك الأحزاب بحسب المعهد، الامر الذي سيقود الى فقدان الحكومة العراقية ما تبقى لها من سيطرة على تلك المدن.

تعطل الخدمات وانتشار البطالة والمشاكل السياسية، أضاف عوامل جديدة قد تشعل الصراع العشائري في مدن جنوب وغرب العراق، حيث قال المعهد، ان محافظات البصرة، الانبار وميسان، كانت من الأكثر تاثرا بالمشاكل القبلية والصراعات المسلحة العشائرية خلال العام الحالي، والتي وصلت الى مستويات "غير مسبوقة"، مبينة، ان ثقة سكان تلك المدن بقدرة السلطات العراقية قد اضمحلت بشكل كبير، امر أكدته منظمة سوشال انكويري الأممية في تقرير نشرته في الثاني والعشرين من أكتوبر العام الماضي.

التقرير الذي حذر من تبعات استمرار الخلافات السياسية حينها، توقع تصاعد اعمال العنف في مدن جنوب وغرب العراق كنتيجة مباشرة لها، مبينا، ان استطلاعاته اكدت بان خمسة وستين بالمئة من سكان تلك المدن يرون في الصراعات العشائرية والاشتباكات القبلية المسلحة، الخطر الأكبر الذي يواجه امن تلك المدن، موضحة بان عشرة بالمئة فقط من السكان الذين تعرضوا للتهجير الداخلي من مساكنهم ومدنهم نتيجة للصراعات العشائرية المسلحة، يثقون بمحاكم وأجهزة الدولة.

المعهد أشار الى مجموعة من الحوادث قامت الأحزاب السياسية خلالها باستخدام العشائر لاستهداف غرمائها السياسيين، ومنها عمليات الاغتيال التي وقعت في محافظة ميسان خلال شهر فبراير الماضي، والاشتباكات القبلية المسلحة التي نتجت عنها، مبينا "ان الأحزاب السياسية العراقية باتت تستخدم العشائر حتى في ممارسة الضغوطات السياسية بعد استخدام تواقيع وطلبات تقدم بها شيوخ عشائر تابعين لها لتمرير اهداف سياسية حزبية".

المعهد أشار أيضا الى ان العديد من العشائر في مدن البصرة والانبار وميسان، باتت تعي خطر استغلالها سياسيا من قبل الأحزاب لتصفية الخصوم والغرماء السياسيين بالسلاح، حيث اعلن الاطار التنسيقي في أغسطس الماضي، تسلمه طلبا رسميا من مجموعة شيوخ عشائر، يطالبون بإيجاد "حلول سياسية عاجلة لمعالجة ازمة الانسداد السياسي قبل خروج الأمور عن السيطرة"، خصوصا بعد ارتفاع حدة التوتر بين الاطار والتيار الصدري، الذي يحاول تمرير حكومة غالبية سياسية تقصي أحزاب الاطار من المشاركة بها.



الأحزاب تملك "مكاتب تنسيقية عشائرية".. الاطار والتيار "يقتتل" عشائريا

المعهد قال ان الخلافات السياسية شهدت استخدام العشائر بشكل واسع من قبل الأحزاب، مشيرة الى الخلافات التي وقعت في محافظة ميسان وادت الى اقتتال داخلي عشائري، والى المشاكل التي وقعت في محافظة الانبار بعد استخدام تحالف السيادة بقيادة الحلبوسي والاطار التنسيقي لما وصفته بــ "لوبيات عشائرية" للتاثير على المواقف السياسية للأحزاب وتمرير أهدافها.

تقرير المعهد اكد أيضا ان الأحزاب السياسية تمتلك ما تصفه بــ "مكاتب عشائرية"، تستخدمها لــ "تسليح افراد العشائر بالمعدات العسكرية والسلاح والذخيرة"، بالإضافة الى استغلالها للتاثير على المواطنين نحو انتهاج سلوك انتخابي معين ترغبه تلك الأحزاب، مبينة، ان سياسة استخدام العشائر في الصراعات السياسية تقدم للأحزاب فرصة لتصفية حساباتها واستهداف غرمائها دون ان تكون هي نفسها في الواجهة، الامر الذي سيؤدي بحسب المعهد، الى نمو سلطة العشائر الى مستويات تهدد معها سلطة الدولة، مبينة، ان العديد من العشائر في تلك المدن لا تستهدف بعضها، انما "استهدفت القوات الرسمية للدولة في اكثر من مرة".

الاشتباكات التي وقعت بين بعض العشائر والقوات الحكومية، أتت نتيجة لمساعي الأحزاب السياسية للسيطرة على "موارد اقتصادية" من خلال استغلال العشائر والشباب العاطلين عن العمل ضمنها، بوعود بالتوظيف، امر تعرضت له قطاعات النفط، الخدمات والمعابر الكمركية، التي باتت العديد منها خاضعا لسيطرة الأحزاب من خلال العشائر، على حد تعبيره.

المشاكل السياسية بين التيار الصدري وأحزاب الاطار التنسيقي، أدت بحسب المعهد الى ارتفاع نسب العنف العشائري، حيث يستغل الجانبان بحسب تقريره العشائر السياسية لاستهداف الطرف الاخر، الامر الذي قاد الى وقوع سلسلة جرائم مستمرة مدفوعة بالثار والحاجة الى التوظيف، مما قاد الى وقوع حرب غير مباشرة مستمرة بين الطرفين، تخطط لها وتمولها الأحزاب، وتنفذها العشائر.

المعهد قال أيضا ان قدرة الحكومة العراقية على اعتقال ومحاسبة المسؤولين عن تلك الجرائم والمطلوبين للعدالة ضمن تهم فساد من التابعين لتلك الأحزاب باتت معطلة بسبب "الحماية العشائرية" التي توفرها القبائل لهم، مبينة، ان فقدان الحكومة للسيطرة على المدن والقرى التي تسيطر عليها تلك العشائر قاد الى خلق ملاذ امن للمطلوبين تستغله الأحزاب السياسية للتاثير على قرارات الحكومة.

الأحزاب السياسية استغلت أيضا الخلافات العشائرية حول الأراضي الزراعية، موارد المياه والتوظيف لتوسعة سيطرتها على تلك العشائر من خلال مدها بالسلاح ودفعها الى الاقتتال ضد عشائر تدعمها أحزاب أخرى، وسط عجز حكومي عن مواجهة الخطر المتنامي لوقوع اقتتال داخلي واسع بين القبائل نيابة عن الأحزاب السياسية، على حد وصف المعهد.



مستويات غير مسبوقة.. ارتفاع نسب العنف العشائري الى "ضعفين" نتيجة للخلافات السياسية

البيانات التي أصدرها المعهد حول واقع العنف العشائري المدفوع سياسيا في العراق، بينت ان اعمال العنف القبلية ارتفعت بنسبة الضعف بين عام 2020 و 2021، وأوضحت وقعت محافظات ذي قار، البصرة وميسان في المركز الأول بنسب العنف العشائري، حيث شكلت نسب العنف في هذه المحافظات ما يقارب الستة وأربعين بالمئة من نسب العنف العشائري الكلية في البلاد.

نسب العنف في هذه المحافظات ارتفعت نتيجة لاستغلال الاحزاب للعشائر ارتفعت بنحو خمسة وخمسين بالمئة خلال العام الحالي، عن العام السابق 2021، حيث حذر المعهد من ان النسب "غير المسبوقة" تشير الى احتمالية كبيرة لوقوع اقتتال داخلي اهلي بين العشائر، خصوصا مع وصول نسب الضحايا الى نحو ثلاثين بالمئة من مجموع ضحايا العنف الكلية في العراق.

توقعات المعهد اشارت الى ارتفاع اعمال العنف وبالأخص في محافظة ميسان نتيجة لتوسع حدة الخلاف بين التيار الصدري والاطار التنسيقي، واستمرار تعطل تشكيلة الحكومة المقبلة، موضحا ان اعمال العنف تصل الى مستويات اعلى بكثير مما يتم تغطيته من قبل وسائل الاعلام والسلطات المعنية محلية دولية، نتيجة لغياب المتابعة الدقيقة للملف، حيث تصل اعمال العنف والضحايا الى اعداد اكبر بكثير وحدة عنف اشد باضعاف مما يتم تداوله بحسب المعهد.
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى المقالات

cron