الوثيقة | مشاهدة الموضوع - الأمن السعودي مقابل “الشتاء المقبل”.. و”نصف تطبيع”: ماذا في زيارة بايدن لإسرائيل؟ متابعات
تغيير حجم الخط     

الأمن السعودي مقابل “الشتاء المقبل”.. و”نصف تطبيع”: ماذا في زيارة بايدن لإسرائيل؟ متابعات

مشاركة » الثلاثاء مايو 24, 2022 5:08 pm

3.jpg
 
كان يفترض أن تكون زيارة الرئيس بايدن إلى إسرائيل احتفالاً للضيف والمضيفين. وكان يفترض أن يحصل المضيفون – حكومة بينيت لبيد – على عناق رئاسي حميم على تجربة ديمقراطية مشوقة، عناق بين اليمين والوسط واليسار. صنفت واشنطن من حلوا محل نتنياهو كمؤسسي الائتلاف الأكثر تنوعاً في تاريخ دولة إسرائيل، بأنه حكم براغماتي لا مثيل له، ورد أصيل على الشعبوية القومية، وكان التصنيف إلماعياً. أما المشكلة فكانت في الواقع السياسي: ذاك الذي يتحرك بين شيكلي، واورباخ، وسيلمان، وعباس، والزعبي.

قبل بضعة أشهر كنت في واشنطن، واضطررت لأن أروي لمحادثي أنه بينما يبدو المفهوم لامعاً، فإن الواقع غامق ومتعثر: فرص بقاء الائتلاف ليست عالية. شعرت أن بعضهم كانوا يشكون. فالأمريكيون معتادون على أن يتغير الرئيس مرة كل أربع سنوات، دائماً. صعب أن يستوعب بعضهم معنى ساحة سياسية تتحدث عن أشهر أو أسابيع. وأحياناً ساعات.

لواشنطن مصلحة في الزيارة؛ فالرئيس سيتلقى استقبالاً محباً معجباً. وهذا سيقول إن المفاوضات مع إيران ليست خيانة لحليف قريب، وإن بايدن ظل قريباً من قيم مصوتي الوسط في الولايات المتحدة، أولئك الذين سيحسمون الانتخابات النصفية.

مفهوم الزيارة خطط ليكون عاطفياً، ومليئاً بالرموز التي تجسد الالتزام الشخصي من الرئيس نحو إسرائيل، والحلف بين الدولتين بشكل عام. إضافة إلى ذلك، وبالتوازي، فإن زيارة إلى القدس ستساعد الكونغرس في واشنطن لابتلاع علاج مرير: لقاء محتمل بين الرئيس وولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، الرجل الذي يعد منبوذاً في الخارطة السياسية الغربية بسبب منشورات عن دوره في قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي. يأخذ الغرب انطباعاً بأن MBS “متوازن، ويفكر استراتيجياً”، إذا ما اقتبسنا مصدراً إسرائيلياً ما “وهو مستعد عند الحاجة لأخذ الدفة في دولة رسمية”. ولكن منذ أن بدأت واشنطن الحديث عن زيارة بايدن، تدفقت مياه كثيرة في الفوتوماك. الوضع الأمني في إسرائيل تدهور مؤخراً. يبدي الائتلاف ميول تفكك، والإدارة لا تحب عدم اليقين. مقتل الصحافية شيرين أبو عاقلة في جنين وخصوصاً السلوك الشرطي الوحشي في جنازتها، ألحق ضرراً جسيماً في صورة الحكومة بين الديمقراطيين. حتى أمس لا تزال زيارة بايدن سارية المفعول، ولكن لن يتفاجأ أحد إذا ما “تأجلت”.

من جهة أخرى، نشأ للأمريكيين في هذه الأثناء حافز قوي للوصول إلى المنطقة. فإذا كانت القدس بؤرة الوصول إلى الشرق الأوسط، حين بدأوا يفكرون بزيارة إلى المنطقة، فقد انتقل الوزن إلى الرياض. فاستمرار الحرب في أوكرانيا والمعركة الروسية التي رفعت أسعار النفط والغاز تجبي أثماناً جسيمة في الغرب، وكذا من المستهلك الأمريكي. الصيف في بدايته، لكن إدارة بايدن يجب أن تفكر بالشتاء؛ وهي ملزمة بمحاولة زيادة إنتاج النفط من الخليج، وأساساً من السعودية كي تؤدي إلى اعتدال الأسعار في الولايات المتحدة ووقف التضخم المالي.

السعوديون، من جهتهم، بحاجة إلى دعم أمريكي عسكري، وبخاصة إذا ما نفذ الاتفاق مع إيران، وإعطاء شرعية متجددة لولي العهد وللحكم بشكل عام. وعلم أمس أن ولي العهد السعودي يخطط في غضون بضعة أسابيع لرحلة إلى عدة دول، كلها حول إسرائيل: اليونان، تركيا، قبرص، الأردن، مصر. وستعنى محادثاته بـ “التجارة والطاقة”. في الشرق الأوسط أحاديث عن أن السعوديين كفيلون برغبة في انتظار الإدارة التالية التي قد يعود إليها دونالد ترامب. لأنهم معه يتدبرون أمورهم جيداً. من جهة أخرى لماذا سيرغبون في عمل ذلك؟ فتلقي شهادة حسن سلوك من رئيس ديمقراطي لن يمنع الإمكانية بعلاقات فضلى مع رئيس جمهوري. العكس هو الصحيح “يمكنهم الاستفادة من الطرفين”، على حد تعبير موظف في الغرب.

بالتوازي، ثمة تقارير عن التحسن في العلاقات غير الرسمية بين السعوديين والإسرائيليين. فمحافل إسرائيلية وأمريكية توضح بأن المملكة غير مستعدة للتطبيع الكامل ولاتفاقات سلام على شاكلة الإمارات، لكن ثمة ما يمكن الحديث فيه عن “إنجازات أكثر تواضعاً من التطبيع”. غني عن القول إن كل خطوة تطبيع كهذه، مهما كانت متواضعة، هي ذات معنى إقليمي، ومهمة سياسياً لحكومة بينيت لبيد.

إذن ما هو السيناريو المتفائل بالنسبة للقدس ولواشنطن أيضاً؟ زيارة عاطفية ورمزية لبايدن في إسرائيل بعدها يتفق مع السعوديين على زيادة إنتاج الطاقة ويحصلون هم على التزام متجدد بأمنهم، وبالتوازي يبدأون في التقدم علناً – وان كان بشكل متواضع جداً – نحو التطبيع مع إسرائيل. المشكلة بالطبع هي أننا نتعاطى مع الشرق الأوسط: المفاجأة ألا تحدث مفاجأة. حتى قبل كل تطور إيجابي، ثمة أزمة سياسية، وموجة إرهاب، وعلى سبيل التنوع- مسيرة أعلام أيضاً.

بقلم: نداف شرغاي

يديعوت أحرونوت 24/5/2022
العناوين الاكثر قراءة

 

العودة إلى المقالات

cron