الوثيقة | مشاهدة الموضوع - اتفاق بغداد والرياض للربط الكهربائي يكسر “الاحتكار” الإيراني
تغيير حجم الخط     

اتفاق بغداد والرياض للربط الكهربائي يكسر “الاحتكار” الإيراني

مشاركة » الأربعاء يناير 26, 2022 9:31 pm

9.jpg
 
بغداد/ إبراهيم صالح/ الأناضول
يواصل العراق السير في طريق “كسر الاحتكار” الإيراني لملف تزويده بالطاقة، بعدما أبرم مؤخرا اتفاقيات مع دول مجاورة في هذا المجال، آخرها مذكرة التفاهم التي وقعها الثلاثاء، مع السعودية.
وتسعى حكومة بغداد من وراء توقيع هذه الاتفاقيات إلى تجاوز نقص الطاقة الكهربائية الذي تعاني منه البلاد منذ عقود، رغم صرفها عشرات مليارات الدولارات على هذا القطاع، خلال السنوات الماضية.
وبدأ القطاع الكهربائي في التداعي بدءاً من مطلع ثمانينيات القرن الماضي عندما دخل العراق في حرب عنيفة مع إيران امتدت لثماني سنوات وكلفت البلدين خسائر فادحة في الأرواح والأموال.
وواصل هذا القطاع التراجع على غرار القطاعات الخدمية الأخرى مع فرض حصار دولي خانق على العراق مطلع تسعينيات القرن الماضي عقب اجتياح الجيش العراقي للكويت، ما اضطر بغداد للاعتماد على إمكانياتها المحدودة للغاية التي لم تسعفها في إعادة بناء البنى التحتية المتداعية.
وبدا للوهلة الأولى بأن البلد مقبل على ثورة إعمار وإعادة تأهيل، إثر الإطاحة بنظام الرئيس صدام حسين عام 2003، ورفع العقوبات الدولية عن العراق، إلا أن الفساد المستشري على نطاق واسع والتوترات الأمنية وأعمال العنف اليومية ضربت آمال العراقيين في تحقيق الاستقرار بالخدمات العامة التي تقدمها الدولة وعلى رأسها الكهرباء.
ووفق مراقبين، فإن هذا الأمر ينم عن “سوء” تخطيط أو ربما تكون قرارات اتخذت بضغط من قوى شيعية مقربة من طهران، لكي يبقى البلد رهن الحاجة إلى الغاز والكهرباء الإيراني على المدى الطويل.
ولغاية الآن، يعتمد العراق على الغاز الإيراني لتغذية محطات إنتاج الكهرباء، إضافة إلى استيراد 1200 ميجاوات من إيران.
إلا أن بغداد سعت لكسر احتكار إيران لهذا الملف خلال الأشهر الماضية بإبرام عدة اتفاقات مع دول الجوار، فقبل توقيعه مذكرة التفاهم مع الرياض، كان العراق قد أبرم في شهر سبتمبر/ أيلول من العام 2019، اتفاقية مع مجلس التعاون الخليجي لإنشاء خطين لنقل الطاقة الكهربائية إليه.
وتلا ذلك إعلان بغداد مطلع عام 2020 تنفيذ خطة الربط الكهربائي مع تركيا، عبر إقليم كردستان شمالي البلاد، كما وقعت اتفاقا مع مصر أواخر عام 2020 لربط الكهرباء بين البلدين عبر الأردن.
**الاتجاه نحو الخليج
في هذا الصدد، قال المتحدث باسم الأمانة العامة لمجلس الوزراء العراقي حيدر مجيد للأناضول، إن اتفاق الربط الكهربائي الموقع مع الرياض “يشمل أيضاً ربط العراق مع دول مجلس التعاون الخليجي بعد الانتهاء من الربط مع السعودية”.
واعتبر مجيد أن “هذه المذكرة من أهم الخطوات التي اتخذتها الحكومة لتحسين واقع الطاقة في العراق”، مبينا أن “عملية الربط ستكون عبر منفذ عرعر الحدودي (المنفذ البري بين العراق والسعودية)، باتجاه منطقة اليوسفية (منطقة عبور رئيسة بين محافظتي بغداد والأنبار)”.
وأشار إلى أن “وفدا فنيا سعوديا سيأتي إلى العراق خلال الأيام القليلة المقبلة من أجل المباشرة بوضع الخطوات الرئيسية لهذا المشروع المهم”.
والسبت، أعلنت وزارة الكهرباء العراقية، فقدان 7600 ميجاوات من إنتاج الكهرباء جراء نقص إمدادات الغاز الإيراني والمحلي وكذلك قطع طهران إمدادات الكهرباء عن العراق.
ووفق الوزارة، فإن واردات الغاز الإيراني انخفضت إلى 8.5 مليون متر مكعب يومياً من أصل 50 مليوناً.
وتلجأ إيران لخفض الغاز المصدر للعراق من أجل الضغط على بغداد للإيفاء بديونها المتراكمة عن تصدير الكهرباء والغاز والتي تقدرها طهران بأكثر من 5 مليارات دولار.
وتقول بغداد إن عقوبات واشنطن على طهران تحول دون إمكانية سداد الديون بالعملة الأمريكية.
**بوابة لحل الأزمة
من جانبه قال خبير الطاقة العراقي محمد هورامي، إن “إيران تقطع الكهرباء والغاز عن محطات الإنتاج العراقية في وقت الذروة خلال الصيف والشتاء، بسبب ديونها المتراكمة على بغداد”.
واعتبر هورامي في حديثه للأناضول، بأن “الربط الكهربائي مع السعودية يعد خطوة مهمة بالنسبة للعراق، كون السعودية مرتبطة ارتباطاً مباشراً مع شبكات طاقة دول الخليج”.
وأوضح أن “الاتفاق بين بغداد والرياض كان على مد خط ضغط عالٍ، وهذا الأمر سيكون بوابة لحل الأزمة بشكل جزئي للكهرباء في العراق”، مبينا أن “العراق بحاجة إلى أكثر من 30 ألف ميجاوات، وبالتالي ستكون هناك حاجة لشراء كميات طاقة أكبر من دول الخليج”.
وتوقع هورامي، أن “يتوجه العراق إلى تركيا خلال الفترة المقبلة من أجل شراء الطاقة الكهربائية عبر مدّ الخطوط عن طريق إقليم كردستان (شمال).
وينتج العراق ما بين 19 و21 ألف ميجاوات من الطاقة الكهربائية، بينما الاحتياج الفعلي يتجاوز 30 ألفا، ما يؤدي إلى انقطاع متكرر للتيار وسط احتجاج من السكان.
وفي أواخر عام 2020، أعلنت لجنة تحقيقية برلمانية عراقية، إنفاق 81 مليار دولار على قطاع الكهرباء بين عامي 2005 و2019 دون تحسن يذكر على الخدمة.
**خيار “غير مناسب”
من جانبه قال الخبير العراقي في مجال الطاقة بلال الخليفة، إن “الربط الشبكي الكهربائي مع الخليج سيزود العراق بكمية طاقة تقدر بين 500 و600 ميجاوات، ولن تكون كافية لوحدها لتغطية النقص”.
وأشار الخليفة في حديثه للأناضول، إلى أن “تأثير الربط الشبكي سيكون بسيطا وغير محسوس، رغم بعض الإيجابيات منها زيادة الموثوقية في إمداد المواطن بالطاقة الكهربائية، لكن المفروض أن تكون القدرة المجهزة أكبر”.
وأضاف: “العراق سيتحمل تكلفة مالية كبيرة لبناء الخطوط الناقة، إضافة إلى أن الخطوط الناقلة تمر بمساحات كبيرة من الأراضي الجرداء وغير المأهولة مما يعرضها إلى استهدافات مستمرة من قبل الإرهابيين”.
كما أن “طول الخطوط يؤدي إلى فقدان كبير بالطاقة وانخفاض الفولتية، وهذا يعني أن الأموال تتبدد في الطريق قبل وصولها للعراق”، بحسب الخليفة.
ورأى أن “الذهاب إلى السعودية كان خياراً غير مناسب للعراق، لأنها في حالة حرب داخل اليمن، وتتعرض منشآت الطاقة لديها إلى هجمات، وبالتالي فإن مصادر الطاقة السعودية غير موثوقة”.
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى تقارير