الوثيقة | مشاهدة الموضوع - السعوديّة تُعلن دمج “ست مواد دينيّة” بمادة التربيّة الإسلاميّة.. ماذا خلف القرار وتوقيته مع عودة تداول اسم المملكة وارتباطه بالإرهاب أمريكيّاً وكيف انقسم الشارع السعودي حوله مُدافعاً ومُهاجماً؟.. هل من مخاوف حول العقيدة وتشجيع التطبيع وما المواد المدموجة؟
تغيير حجم الخط     

السعوديّة تُعلن دمج “ست مواد دينيّة” بمادة التربيّة الإسلاميّة.. ماذا خلف القرار وتوقيته مع عودة تداول اسم المملكة وارتباطه بالإرهاب أمريكيّاً وكيف انقسم الشارع السعودي حوله مُدافعاً ومُهاجماً؟.. هل من مخاوف حول العقيدة وتشجيع التطبيع وما المواد المدموجة؟

مشاركة » الجمعة سبتمبر 17, 2021 12:00 am

“رأي اليوم”- خالد الجيوسي:
انتهى فصل التشدّد والتطرّف في العربيّة السعوديّة نهائيّاً، وإلى غير رجعة، هذا على الأقل يبدو المشهد السعودي اليوم، ويبدو أنّ ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان عاقدٌ العزم على عدم السّماح لرجال المُؤسّسة الدينيّة بالعودة نهائيّاً من أيّ ثغرات، ومع تحفّظ لافت لبلاده حول عدم استقبال اللاجئين الأفغان، الذين وعلى سبيل المثال رفضت روسيا استقبالهم، خشية أن يكون بينهم مُسلّحين مُتطرّفين، والسعوديّة بالتأكيد ليست بعيدةً عن هذه المخاوف، فقد نالها ما نالها من استهداف داخلي من قبل تنظيم القاعدة، وها هي تقارير تتحدّث عن عودته عبر بوّابة طالبان وعودتها للحُكم في أفغانستان، وظُهور زعيمه أيمن الظواهري في مقطع فيديو أثار جدلاً في المملكة.
الجديد القادم من العربيّة السعوديّة، قد يكون الضّربة الختاميّة للتطرّف والتشدّد، قد تكون خطوة أتت تباعاً لخطوات انفتاحيّة يقودها الأمير بن سلمان، لكن التوقيت أيضاً يُشير إلى اختيار إعلان القرار مع تزامن إعادة ربط إدارة الرئيس جو بايدن الإرهاب بالمملكة، وفتح ملف الحادي عشر من سبتمبر، وأحداثه، ورفع السريّة عن وثائق تُلمّح لدَورٍ سعوديّ في دعم المسؤولين عن الواقعة، والقرار أعلنته وزارة التعليم السعوديّة بدمج ست مواد دينيّة في مادّةٍ واحدة، بعد عُقود من موادٍ إسلاميّةٍ صارمة، لم تترك شاردةً أو واردة دينيّة إلا وتناولتها.

ست مواد، جرى اختزالها بمادة التربيّة الإسلاميّة، وكانت كالتالي: القرآن، التجويد، التوحيد، الفقه، الحديث، التفسير، يُدرّسها أستاذٌ واحد (مُعلّم)، ويجري تقييمها كمادّة واحدة فقط.
وكان في المدارس السعوديّة ما قبل القرار، يجري تخصيص أستاذ شريعة إسلاميّة، يُوكَل لكُلّ أستاذ (مُعلّم) منهم تدريس مادة دينيّة وفق تخصّصه الجامعيّ، وهذه المواد الدينيّة المدرسيّة كانت كفيلةً بتخريج جيل مُتشدّد، ومُتطرّف، ينظر لأهل الكتاب نظرة الكُفّار والنّصوص المُوجبة لعدم تهنئتهم بأعيادهم، ومُحاربتهم حدّ وصول استغلال الجماعات المُتطرّفة لاتخاذ هذه المواد نُصوصاً إرشاديّةً لها، وقد جرى رصد كتاب “التوحيد” المدرسي السعودي “الوهّابي” كمرجعيّة لتنظيم الدولة الإسلاميّة “داعش” في معاقله، وباب الولاء والبراء الوارد في هذا الكتاب السعودي الذي اطّلعت عليه “رأي اليوم”، ورصدت على مدار سنوات تخفيف حدّة نُصوصه، وصولاً اليوم إلى إلغائه، هو وباقي المواد الدينيّة.
بطبيعة الحال، هذا القرار الذي جرى توقيت إعلانه بعناية، مع عودة تسليط الأضواء على علاقة المملكة بالإرهاب مُنذ 20 عاماً، أثار جدلاً واسعاً في الداخل السعودي، وتحديدًا بين التيّارين الليبرالي، والإسلامي، وأوّلهم الطالب السعودي الذي يُواكِب تغييرات كبيرة على مناهجه بشَكلٍ عام، وسط انتقادات وتساؤلات حول توجّه سُلطات المملكة، إلى تخفيف حدّة العداء مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، وشطب نُصوص حول مُعاداة الساميّة، وهو ما يخدم أجندات التطبيع التي ذهبت إليها الإمارات، والبحرين من قبل، ومع هذا لا تزال المملكة تُعلِن تمسّكها بحقّ الشعب الفلسطينيّ بدولته، وتشترط إقامة دولته وعاصمتها القدس الشرقيّة مُقابل “السّلام” مع الدولة العبريّة.

صحيفة “الشرق الأوسط” السعوديّة اللندنيّة اهتمّت بالقرار، وهاجمت المناهج التعليميّة القديمة بقولها إنّ التطرّف طغى على المناهج الدراسيّة، وأشارت إلى عصر الصّحوة الإسلامي الذي سيطر وفق قولها على مُعتقدات النشء.
الكاتب الليبرالي تركي الحمد قال مادحاً القرار: “‏قرار حكيم بالفعل، فالمسلم البسيط لا يحتاج إلى التعمق في التوحيد والفقه والتجويد والتفسير، ومن أراد التعمّق، فعليه أن يتخصّص في ذلك”.
بعض النشطاء من جهتهم، طالبوا بعدم احتساب المواد الدينيّة بعد قرار دمجها في كتابٍ واحد، والذهاب إلى مواد العلم والمعرفة والحقيقة، والتفكير الناقد والفلسفة وهي مواد جرى إضافتها بالفعل إلى مواد الطلاب السعوديين المدرسيّة الجديدة.
الطّرف المُقابل والرّافض للقرار، وجد أن القرار يمس عقيدة المُسلم الحقّ، والهدف منه تخريج أجيال انفتاحيّة، والابتعاد عن الإيمان، ومعرفة الله، ودين رسوله، خدمةً للغرب.
طيفٌ ثالث وجد أنّ المناهج السعوديّة بكُلّ حالاتها لم تخدم سوى الحُلفاء في الغرب، فجرى استخدامها ضدّ السوفييت في أفغانستان، فخلقت الجهاديّة والتطرّف “الداعشي” الدموي لمصالحٍ أمريكيّة، واليوم ذهبت للانفتاحيّة هرباً من وصمها بالإرهاب، وإجبارها على تعويض ضحايا أحداث 11 سبتمبر ماليّاً، ليبقى المُواطن السعودي على حدّ قولهم رهينة تقلّبات حُكومته ومصالحها.
تجدر الإشارة إلى أن القوانين الشرعيّة التي كان رجال الدين (رجال المعروف والمنكر) يُطبّقوها على المُخالفين، جرى الاستعاضة عنها بقوانين مدنيّة، ومنها قوانين التحرّش، والذّوق العام، ضمن خطّة المملكة الذهاب نحو العلمنة والانفتاحيّة، ودولة أكثر قوننة ومُؤسّساتيّة، لكن هذه القوانين يراها مُنتقدون لا تُراعي الجانب الغربي الآخر من حُريّة الرأي، وتوجيه النّقد الحادّ للحُكومة.
بكُل الأحوال، نجح الأمير محمد بن سلمان وليّ العهد، رغم ملف حرب اليمن ومقتل الصحفي جمال خاشقجي العالقين، بكسر شوكة رجال الدين، وألقى برموزهم خلف القضبان، فهو كما قال سابقاً لن يسمح لهؤلاء وتطرّفهم، أن يُضيّعوا ثلاثين عاماً أخرى من حياته، وقد طبّق ذلك حرفيّاً، فمن كان يتخيّل أن تكون المرأة سيّدة نفسها (دون محرم)، في بلاد رجال الهيئة، ولها الحق في العمل، والسفر، والزواج، هذا عدا عن مشاريع المُستقبل، واستقطاب الشركات العالميّة إلى مدينة نيوم، المُنافس القويّ لدبيّ الإماراتيّة.
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى المقالات