الوثيقة | مشاهدة الموضوع - كيف أجهضَ الجناح المُتشدّد في إيران الوساطة الفرنسيّة لترتيب لقاء قمّة بين الرئيسين روحاني وترامب؟ وهل كانت زيارة ظريف لفرنسا أثناء قمّة السبع “خيانة” أم خبطة دبلوماسيّة ناجحة؟ ولماذا نُرجّح بأنّ “لا” المرشد الأعلى هِي الحاسمة؟
تغيير حجم الخط     

كيف أجهضَ الجناح المُتشدّد في إيران الوساطة الفرنسيّة لترتيب لقاء قمّة بين الرئيسين روحاني وترامب؟ وهل كانت زيارة ظريف لفرنسا أثناء قمّة السبع “خيانة” أم خبطة دبلوماسيّة ناجحة؟ ولماذا نُرجّح بأنّ “لا” المرشد الأعلى هِي الحاسمة؟

مشاركة » الثلاثاء أغسطس 27, 2019 5:33 pm

2.jpg
 
يبدو أنّ وِساطة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لتخفيف حدّة التّصعيد في الأزمة الإيرانيّة نجحت في كسرر الجليد ولو جُزئيًّا، وحقّقت اختراقًا دبلوماسيًّا تمثّل في دعوة السيّد محمد جواد ظريف، وزير الخارجيّة الإيراني، إلى بيارتيس الفرنسيّة التي استضافت قمّة الدول السبع لما ترتّب عليها من صُدور تصريحات مُتفائلة من الجانبين الأمريكيّ والإيرانيّ معًا.
واضح جدًّا أنّ هذه الوساطة الفرنسيّة جاءت بمُبادرةٍ من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي اعترف بأنّه وافق عليها مُسبقًا، وتعكِس مأزقًا أمريكيًّا ربّما يقود إلى حربٍ لا تُريدها واشنطن ولا شركاؤها الأوروبيّون، وعزّزت تصريحات للرئيس حسن روحاني موجةً من التّفاؤل قال فيها إنه لا يستثني الحوار بحثًا عن حلٍّ سياسيٍّ ليعود لتصعيد اللّهجة بعد الانتقادات الشّرسة التي تعرّض لها من قبل المُتشدّدين، ويشترط أن تتّخذ الولايات المتحدة الخطوة الأولى، ورفع كُل العُقوبات الاقتصاديّة “الخاطئة”، وغير العادلة، وغير القانونيّة، ضِد الأمّة الإيرانيّة بعدها ستكون الظّروف مُختلفة”.
الانفراج “الطّفيف” الذي حقّقته الوساطة الفرنسيّة أثار قلَق المُتشدّدين في إيران مثلما أثار قلق الإسرائيليين وبعض حُلفائهم العرب الذين يسعون، بَل يستعجلون، مُواجهة عسكريّة إيرانيّة أمريكيّة وشيكة في ظِل التوتّر المُتصاعد في الخليج ومِنطقة الشرق الأوسط برمّتها.
اتّهام 83 نائبًا إيرانيًّا للسيّد روحاني بمُخالفة تعليمات السيّد علي خامئني المُرشد الأعلى، بإيحائه بأنّ بلاده جاهزة للتّفاوض والهُجوم الشّرس الذي شنّه السيّد غلام حسين، كبير المُستشارين لقائد الحرس الثوري الإيراني على السيّد ظريف بسبب زيارته لفرنسا لدرجةِ اتّهامه بطريقةٍ غير مُباشرةٍ بـ”الخيانة” والرّضوخ للضّغوط الأمريكيّة، هذه الهجمات والاتّهامات، تعكِس انقسامًا في أوساط الدائرة الضيّقة للحُكم في إيران تُجاه كيفيّة التّعاطي مع الأزمة النوويّة والطّرف الأمريكي المُتسبّب بها بالتّالي.
الرئيس ترامب لن يتراجع ويرفع العُقوبات كلها بدون أن يتوصّل إلى “صيغةٍ ما” تُنقذ ماء وجهه، ويبدو أنّه أوعز للرئيس الفرنسي لتهيئة الأجواء في هذا الخُصوص، والصّيغة المُقترحة ترتيب لقاء بينه، أيّ الرئيس ترامب، والرئيس روحاني، على هامِش حُضور الاثنين المُتوقّع الدورة المُقبلة للجمعيُة العامّة للأُمم المتحدة أواخِر الشهر المُقبل.
لا نعتقِد أنّ السيّد علي خامنئي، المرشد الأعلى للثورة الإيرانيّة، سيقبل بهذه الصّيغة، وهو الذي عارض الاتّفاق النووي قبل أن يتم توقيعه، لعدم ثقته بالأمريكان، وجاء انسحاب ترامب منه ليُؤكّد صوابيّة وجهة نظره.
الرئيس ترامب يبحث عن صورةٍ مشتركةٍ مع الرئيس روحاني حتى لو أثناء لقاء عابر في أروقة الجمعيّة العامّة للأمم المتحدة لكيّ يقول للرأي العام الأمريكي، وفي ذروة حملته الانتخابيّة الرئاسيّة أنّ الطرف الإيراني هو الذي تنازل، ورضخ للضّغوط الأمريكيّة، وجاء طوعًا إلى مائدة المُفاوضات.
اتّهام السيّد حسين غيب بور كبير مُستشاري قائد الحرس الثوري للسيّد ظريف بالخيانة، وتوقيع 83 عُضوًا في مجلس الشورى الإيراني مُذكّرةً تتّهم الرئيس روحاني بمُخالفة تعليمات المُرشد الأعلى لا يُمكن أن تصدر دون إيعازٍ من المُرشد، ومُباركةٍ منه، وتوجيه رسائل من خلالهما إلى كُل من السيّدين روحاني وظريف المحسوبين على مُعسكر المُعتدلين، بأنّ التّفاوض مع أمريكا لتعديل بنود الاتّفاق، والبرامج الصاروخيّة الباليستيّة خطٌّ أحمر من غير المسموح تجاوزه تحت أيّ ظرفٍ من الظّروف.
روحاني يُدرك هذه الحقيقة، ولهذا رفض كُل الوساطات للقاء الرئيس ترامب، ولو حتى بشكلٍ عابر، أثناء انعقاد دورة الجمعيّة العامّة العام الماضي، مثلما يُدرك أيضًا أنّ مُعسكر الاعتدال الإيراني تلقّى ضربةً قويّةً من الرئيس ترامب سواء عندما انسحب من هذا الاتّفاق وشدّد العُقوبات لإسقاط النظام الإيراني، أو عندما أوعز لحليفه البريطاني باحتجاز ناقلة النفط الإيرانيّة في مضيق جبل طارق، وأرسل حاملات الطائرات إلى الخليج.
كلمة المُرشد الأعلى هي التي ستسود في النّهاية، وهي “لا” كبيرة حتى الآن لأيّ مُفاوضات مع ترامب المَأزوم الذي بات يستجديها بعد خسارته كُل رهاناته بالرّضوخ الإيراني للعُقوبات.
“رأي اليوم”
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى اراء

cron