بغداد/ تميم الحسن
قرّر 9 نواب فقط من أصل 60 مستقلاً في البرلمان عدم خوض الانتخابات المقبلة المقرّرة بعد 20 يوماً.
وتُظهر قوائم المرشّحين انضمام 13 مستقلاً إلى قائمة رئيس الحكومة، ونصف العدد الأخير إلى قائمة نائب رئيس البرلمان محسن المندلاوي.
كما توزّع آخرون على قوائم تابعة لـ«نوري المالكي» و«عمار الحكيم» و«محمد الحلبوسي» و«العصائب» وقوائم كردية.
وفي المقابل، لجأ عدد من المستقلّين الذين لم يترشّحوا هذه المرّة إلى الدفع بأبنائهم للمشاركة في الانتخابات القادمة.
في انتخابات 2021، نال المستقلّون – ومن بينهم وكلاء أو مدعومون من أحزاب السلطة – نحو 60 مقعداً شملت مقاعد كوتا المكوّنات، وكان أغلبهم من الشيعة.
في ذلك الحين، ذاب 16 مستقلاً داخل تحالفات القوى السنية والكردية، فيما تظاهر أغلب المستقلّين الشيعة بالحياد، قبل أن يتبدّد موقفهم بعد فترة وجيزة وينتقل معظمهم إلى صفّ «الإطار التنسيقي».
ووجّه مقتدى الصدر، زعيم التيار الصدري، دعوتين آنذاك إلى المستقلّين لدعمه في البرلمان من أجل تشكيل حكومة الأغلبية، غير أنّ محاولتيه انتهتا بالفشل.
تكتيك الانسحاب
تُظهر قوائم المرشّحين لانتخابات 2025 البرلمانية انسحاب 6 نواب مستقلّين فقط من السباق، في مؤشّر على استمرار ذوبان المستقلّين داخل التحالفات الكبرى.
من بين المنسحبين: أسماء العاني عن الأنبار، وأمير المعموري عن بابل، المعروف بكشفه ملفات فساد ساخنة.
وفي صلاح الدين، انسحب خالد الدراجي وقدّم بدلاً منه ابنه وليد ضمن تحالف «الحسم» بقيادة وزير الدفاع ثابت العباسي.
وبالمثل، رشّح هادي السلامي عن النجف ابنه حسن ضمن قائمة نائب رئيس البرلمان محسن المندلاوي «تحالف الأساس»، وهو نموذج لاستمرار تأثير القوى التقليدية على المستقلّين حتى بعد انسحابهم الظاهري.
كما قرّر محمد عنوز عن النجف الانسحاب، فيما لم يرشّح النائب فاروق حنّا عن كوتا المسيحيين.
بالمقابل، ابتعد ثلاثة نواب عن الانتخابات من أصل 15 نائباً كانوا ينتمون إلى «حركة امتداد»، التي تشكّلت بعد تظاهرات تشرين 2019 وتفكّكت خلال العامين الأخيرين.
وكانت الحركة تُعدّ ضمن مجموعة المستقلّين في البرلمان، ما يعكس استمرار ضعف قدرة القوى الجديدة على الصمود أمام تحالفات الأحزاب التقليدية.
وأبرز المنسحبين هم رئيس «كتلة امتداد» والقيادي البارز في «تشرين» علاء الركابي عن محافظة ذي قار، وفاطمة العيساوي عن النجف، وكفاح السوداني عن بغداد.
في انتخابات 2021، كان المستقلّون بمثابة العربة التي نقلت أحزاب السلطة إلى البرلمان ثم إلى الوزارات والحكومة، بينما ظلّ المستقلّ نفسه متفرّجاً على المشهد.
وسمح قانون الدوائر المتعدّدة، الذي شُرّع في خريف 2020 قبل استبداله قبل سنتين، ولأول مرة منذ 2005، بصعود مستقلّين إلى البرلمان.
بلغ عدد المرشّحين المنفردين (المستقلّين) في انتخابات 2021، 789 من أصل 3240 مرشّحاً.
ولا يُعرف على وجه الدقّة ما إذا كانت الأحزاب التقليدية قد تورّطت عن قصد في النظام الانتخابي الجديد، أم أنّها اضطرّت إليه تحت ضغط التغيير، غير أنّ المؤكّد أنّها سرعان ما وجدت طريقاً للالتفاف عليه.
قامت آنذاك «منظمة بدر» بزعامة هادي العامري بترشيح ثلاثة نواب تحت لافتة «المستقلّين»، لكن لم يحصل أيّ منهم على مقاعد. كما رشّحت دولة القانون خمسة نواب بالصفة نفسها، ولم ينجح سوى مرشّح واحد فقط.
وبدت هذه الترشيحات كخطة بديلة قبل الانتخابات للالتفاف على القانون: يتمكّن «المستقلّون» من حصد الأصوات أولاً، ثم يندمجون لاحقاً مع القوى الأصلية، كما حدث بالفعل بعد ذلك.
كذلك قدّمت الفصائل عدداً من أنصارها كمستقلّين، وضمّت كوتا المكوّنات مرشّحين منفردين عن الفصائل، بينهم قائد لواء في الحشد الشعبي، في خطوة تؤكّد استغلال لقب «المستقلّ» كأداة لتعزيز نفوذ القوى التقليدية داخل البرلمان.
وبعد ظهور نتائج الانتخابات سرعان ما تماهت تلك الأحزاب، ومعها شخصيات مستقلة، داخل تحالفات سياسية، بعضها أُعلن عنه وبعضها الآخر جرى في الخفاء. وبعد شهرين فقط من انتخابات 2021، كان نصف المستقلّين قد التحقوا بالتحالفات الكبرى.
لاحقاً، وجد المستقلّون أنفسهم في قلب صراع القوى الكبرى حين استُخدموا كأداة في المواجهة بين التيار الصدري و«الإطار التنسيقي» خلال مفاوضات تشكيل الحكومة بعد الانتخابات الأخيرة.
موسم الانتقالات
وبدأ سبعة نواب مستقلّين بالانتقال إلى ائتلاف رئيس الحكومة محمد شياع السوداني (الإعمار والبناء)، من بينهم باسم خشان، الذي كان نائباً مستقلاً عن المثنى في 2021 ونائباً «صدرياً» في 2018.
كما يرشّح النواب المستقلّون حسنين الخفاجي عن بغداد، وحسين السعيدي عن بابل، وحيدر الشمخي عن النجف، وعدنان الجحيشي عن واسط ضمن تحالف السوداني.
وفي خطوة مماثلة، انضمّ ستة نواب من «امتداد» إلى كتلة «الإعمار والبناء»، من بينهم ضياء هندي عن كربلاء، وفلاح الهلالي عن ذي قار، المعروف بأنه أحد أكثر النواب نشاطاً في أزمة تشكيل الحكومة عام 2022، والذي رفض تسلّم «الإطار» للسلطة.
كما انضمّت النائبة نور نافع عن القادسية، وصائب خلف، وفاتن القره غولي عن بغداد إلى التحالف ذاته.
بالمقابل، يرشّح ستة نواب مستقلّين مع «تحالف المندلاوي»، اثنان منهم من «حركة امتداد»، وستة آخرون مع قوائم محمد الحلبوسي، رئيس البرلمان السابق.
ومن ضمن الانتقالات اللافتة ترشّح نيسان زاير، النائبة عن «امتداد» في ذي قار، وإحدى أبرز المشاركات في تظاهرات تشرين، في قائمة نوري المالكي في بغداد.
كما غادر عادل الركابي، وزير العمل السابق، تحالف الحكمة (عمار الحكيم)، ويرشّح مع «العصائب».
ويرشّح مستقلّون أيضاً مع حزب الاتحاد الوطني الكردستاني والاتحاد الإسلامي، فيما لم يظهر أي نائب مستقلّ مرشّح مع «منظمة بدر» أو الحزب الديمقراطي الكردستاني.