تجددت الدعوات داخل الولايات المتحدة لسحب ما تبقى من الجنود الأمريكيين الذين لا يزالون في العراق، بعد تنفيذ عملية اعادة الانتشار وتقليص القوات، حيث اعتبر موقع “ستارز آند ستريبس” الامريكي المتخصص بالشؤون العسكرية، أن الوقت قد حان لهذه الخطوة، حيث ان التكاليف لا تستحق الحد من النفوذ الايراني، ولم تعد هناك اي اسباب وجيهة لابقاء الجنود في العراق، ويجب الابتعاد عن هذه الحرب اللانهائية.
وبحسب التقرير الاميركي، فإن الولايات المتحدة نجحت في الوصول الى الموعد النهائي المحدد لـ15 ايلول/ سبتمبر لتغيير وضع القوات الامركية في العراق، وذلك في اطار الاتفاق الذي وافقت عليه ادارة جو بايدن في العام الماضي، بحيث انسحبت القوات الامريكية من قاعدة عين الاسد الجوية ومطار بغداد، وغادرت بعض القوات البالغ عددها 2500 العراق بشكل كامل، وانتقلت بقية القوات الى اقليم كوردستان والى سوريا.
لكن التقرير بعدما قال إن، سحب القوات الامريكية من العراق، يعتبر “امرا جيدا”، رأى ان التساؤل الكبير مفاده “لماذا تبقى اي قوات امريكية اساسا”؟، مشيرا الى ان الحديث عن اهمية البقاء تحسبا لظهرو تنظيم داعش مجددا، كان مقبولا قبل 10 سنوات، ولكنه لم يعد كذلك الان، حيث ان ما تبقى من تنظيم داعش بالامكان التعامل معه من جانب اطراف اخرى.
وفي حين لفت إلى أن، الولايات المتحدة دفعت ثمنا باهظا للاحتفاظ بقواتها في العراق وسوريا، حيث انها تعرضت منذ العام 2023 لاطلاق النار 170 مرة على الاقل، خلص الى القول ان الوقت قد حان امام الرئيس دونالد ترامب لاستخدام الفترة الانتقالية الحالية لسحب جميع القوات الامريكية من العراق الى الوطن.
وذكر التقرير بأنه مع انهيار نظام “الخلافة” الذي اقامه داعش في العام 2019، فان السيطرة الاقليمية لداعش على مساحات واسعة من شمال العراق وسوريا، تلاشت، وبالتالي فقد تبدد التبرير الاستراتيجي للوجود العسكري الامريكي سواء في العراق نفسه، او في اوروبا، حيث انتهت هجماتها فيها منذ العام 2017، وايضا في سوريا حيث لم يتم شن هجمات مباشرة على الامركيين من قبل التنظيم، وهو ما يشكل اشارة اضافية على الوهن.
وتابع التقرير ان داعش نفذ او حاول تنفيذ هجمات عالمية في السنوات الاخيرة، ولكنها تمت انطلاقا من افغانستان، وليس من سوريا، وتعمل بشكل مستقل عن داعش في سوريا والعراق، في حين كانت هناك هجمات ذئاب منفردة في الولايات المتحدة مستوحاة من دعاية داعش، لكن لم يكن لدى داعش في سوريا والعراق معرفة مسبقة بها ولا حتى التخطيط لها.
ورأى التقرير، أن داعش في سوريا والعراق بات على درجة من الضعف، بحيث ان الاطراف الاخرى قادرة عل التعامل معه من دون مساعدة القوات الامريكية على الارض، حيث ان هناك العديد من القوى الفاعلة الاخرى القادرة على المساعدة في تحمل هذا العبء، بدءا من العراق نفسه حيث ان الحكومة العراقية صارت اكثر شعبية مما كانت عليه منذ اكثر من عقد من الزمان وخالية بشكل عام من الانقسامات الطائفية التي اعطت داعش المساحة السياسية للظهور.
واضاف ايضا ان الجيش العراقي هو سادس اقوى جيش في الشرق الاوسط، ويحمل بالفعل العبء الكامل تقريبا في التعامل مع الخلايا النائمة لداعش داخل العراق، لافتا إلى أنه “بسبب ذلك، فانه من البديهي ان الرئيس العراقي ورئيس الوزراء يريدان انهاء الوجود العسكري الامريكي، حيث انهما يدركان ان العراق بمقدوره القيام بذلك لوحده”.
وذكر التقرير، انه بالاضافة الى الحكومة وقوات الامن العراقية، فان قوات البيشمركة الكوردية لا تزال قوة قوية ومتحمسة للغاية ضد داعش في شمال العراق.
واعتبر التقرير، انه كان لدى داعش عنصر المفاجأة في العام 2014، لكن ذلك لم يعد قائما الان فيما لو عاد التنظيم الى الظهور مجددا، حيث ان هناك تحالف واسع من القوى الفاعلة المحلية المستعدة للتحرك بسرعة.
وبالاضافة الى ذلك، بين التقرير، أن الضربات الامريكية على المنشآت النووية الايرانية، التي انطلقت من ولاية ميسوري الامريكية في حزيران/يونيو الماضي، مباشرة الى ايران، تظهر ان الولايات المتحدة لا تحتاج الى تواجد قوات في مسرح العمليات لتحقيق معظم مصالحها في الشرق الاوسط، بما في ذلك في العراق.
وختم التقرير بالقول ان الوجود الامريكي في العراق ليس مجانيا، موضحا انه منذ العام 2014، كانت الخسائر في الولايات المتحدة منخفضة نسبيا، ولكن اصابات افراد الخدمة الامريكية لا تزال مرتفعة خاصة من الضربات على القواعد الامريكية حيث تبدو القوات الامريكية كالبط.
ولهذا، رأى التقرير ان هذه التكاليف لا تستحق الحد من النفوذ الايراني في العراق ايضا، والذي يأتي في الغالب من خلال جماعات وكيلة داخل البلد، متابعا “أدى الوضع الاقليمي الضعيف لايران في الفترة الاخيرة، الى تراجع النفوذ الايراني على الوكلاء ودفع الحكومة العراقية الى فرض المزيد من السيطرة عليهم”.
واعتبر التقرير انه ليس من الواضح ان الوحدة الصغيرة من الجنود الامريكيين سيكون بمقدورها القيام بالكثير للحد من نفوذ “الوكلاء” الذين يبلغ عددهم حوالي 230 الف عنصر مسلح. واضاف ان القوات الامريكية تبدو في غالب الاحيان، بمثابة اهداف لهجمات القوات “الوكيلة”، وهو احد الاسباب التي جعلت الرئيس الاسبق جو بايدن يتفاوض على اتفاقية جديدة حول وضع القوات مع العراق خلال العام الماضي.
وخلص التقرير الى القول، أن الحقيقة هي انه لم تعد هناك اي اسباب جيدة لابقاء القوات الامريكية في العراق، وصار لدى ترامب الان فرصة للقيام بتحول حاسم وتاريخي بعيدا عن الحرب اللانهائية، من اجل مصلحة الامن القومي الامريكي.