عمان- “رأي اليوم”- خالد الجيوسي:
ليس وحده الإعلام التركي يهتم أو يُصدّر مسألة اندلاع حرب بين تركيا وإسرائيل، في سياق تقديم الدولة التركية ككيان عدو للكيان، رغم علامات الاستفهام العديدة الموضوعة على تواصل التجارة بين أنقرة، وتل أبيب رغم إعلان تركيا وقفها مع انطلاق العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
ad
الاستخبارات التركية، هي الأخرى، أصدرت تقريرًا “أوصت” فيه باتخاذ إجراءات ذات أهمية قصوى من بينها بناء ملاجئ تحت الأرض في المدن الكبرى، وذلك عقب تقييم قامت به للحرب التي دارت بين إسرائيل وإيران في يونيو/ حزيران الماضي.
وحث التقرير الذي جاء بعنوان “حرب الـ 12 يومًا دروس لتركيا” على إجراءات يجب عليها اتخاذها في مجالي الدفاع والأمن الداخلي.
ad
وهذه التوصية ضمن دراسة نشرتها الأكاديمية الوطنية للاستخبارات التركية، التابعة لجهاز الاستخبارات “MIT”، بشأن الحرب الإسرائيلية الإيرانية.
وتطرح التساؤلات حول توقيت نشر هذه الدراسة، وما إذا كانت القيادة التركية، في صدد اتخاذ ما هو لازم في سياق الاستعداد لحرب مُفترضة مع تركيا، وما إذا كانت الأخيرة تستطيع خوض حرب على الأقل تمنع فيها الانتصار الإسرائيلي.
التقرير توقّف عند قُدرات إسرائيل وفُرصها في مجال الحرب الإلكترونية، فالعملية العسكرية عكست التطورات الهائلة التي حقّقتها إسرائيل في هذا المضمار.
الصّادم في هذا التقرير الذي صدر عن الاستخبارات التركية أنه كشف أن معظم أفراد الوحدة 8200 هم من شباب في سن المرحلة الثانوية! وهم مسؤولون عن “مراقبة وتحليل الاتصالات التي تتم من خلال أنظمة الاتصالات المختلفة، وعمليات الاستخبارات الإلكترونية والسيبرانية، والهجمات الإلكترونية”، الأمر الذي يطرح تساؤلات إذا كانت أنقرة تملك ما يُمكن أن يُواجه هذه الوحدة “الشبابية” في “الثانوية”.
ولكن هذا التقرير أيضًا ينصح تركيا بالذهاب إلى الدبلوماسية، على عكس إيران التي تمسّكت بالبرنامج النووي، ويُتقن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان التصريحات الكلامية، التي تتصادم مع الغرب كلاميًّا، وإسرائيل، ولكن يتماهى مع سياساتها على أرض الواقع، وغزة أكبر مثال على ذلك.
لافت في هذا التقرير أيضًا، أنه حذّر تركيا من تحالفات غير مُثمرة على المدى الطويل، وضرب بذلك مثالًا، على تحالفات إيران التي لم تعد عليها بالنفع في وقت الحرب، مثل روسيا التي نأت بنفسها، وكانت أكثر حيادًا.
النقطة الأصعب في هذا التقرير، ما نصح به القيادة التركية، تعزيز “وحدتها الوطنية وروح الأخوة (يقود أردوغان حملة شرسة ضد المعارضة تتضمن اعتقالات)، ووضع تدابير لمعالجة المشاكل الاقتصادية المحتملة (اقتصاد مُتراجع)، ودعم المصالحة الاجتماعية الشاملة من خلال مشاريع مثل؛ تركيا بلا إرهاب”.
ويذهب التقرير إلى ضرورة اهتمام تركيا بحماية النخب العسكرية والمدنية المنوط بهم إدارة أي صراع محتمل مع أي قوة خارجية.
ويحرص الرئيس أردوغان على إجراء تغييرات هامّة في قيادة الجيش التركي، كان آخرها من يومين، حيث عيّن قائد القوات البرية سلجوق بيرقدار أوغلو رئيسا جديدا لهيئة الأركان العامة.
كما تم تعيين قائد الجيش الأول الجنرال متين توكل قائدا للقوات البرية، في حين جرى التمديد عاما واحدا لمهام قائدي القوات البحرية أرجومنت تاتلي أوغلو والجوية ضياء جمال قاضي أوغلو.
وفي رسالةٍ بعث بها أردوغان الخميس، إلى أُسر الشهداء والمحاربين القدامى وجميع المواطنين بشأن مسيرة “تركيا بلا إرهاب”، استهلها باستذكار الشهداء بالرحمة، والتعبير عن امتنانه لقدامى المحاربين.
وتابع أردوغان، إذا كان صوت الأذان يتردّد في سمائنا اليوم، وإذا كان علمنا الأحمر الذي تزينه النجمة والهلال يُرفرف بفخر، وإذا كان مواطنونا البالغ عددهم 86 مليون نسمة يعيشون في سلام وأمان، فإنّ النصيب الأكبر من ذلك يعود بلا شك إلى شهدائنا ومحاربينا القدامى. وحماية إرثهم هي أهم واجبات دولتنا”.
يبقى التساؤل هل يُمكن أن تقع حرب فعلية بين أنقرة وتل أبيب في ظل نصائح وتحذيرات الاستخبارات التركية، أم أنّ الأمر لن يتعدّى الصدام السياسي والدبلوماسي، حيث تقول صحيفة “معاريف” في تقرير نشرته، أن الرئيس التركي يضع قضية غزة في صدارة كل لقاءاته الدولية، ويُعيدها إلى جدول الأعمال في مُختلف القمم والمنتديات التي يُشارك بها، إلا أن “هذه التحركات لم تؤدِ بعد إلى تغيير جذري في الموقف الدولي تجاه إسرائيل”.
ورغم التصعيد السياسي والدبلوماسي، أشارت الصحيفة إلى أن “من الناحية النظرية، لا يُوجد ما يمنع المواطنين الإسرائيليين من دخول الأراضي التركية بجوازات سفرهم الرسمية”!