بغداد ـ «القدس العربي»: أثار قرار المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، القاضي بإلغاء «الحبر الانتخابي» المُستخدم في يوم الاقتراع، انتقاد أهالي محافظة كركوك من العرب والتركمان، وفيما تحدثوا عن شكوك حول إمكانية التلاعب بإرادة الناخبين، طالبوا باستثناء المدينة، المتنازع عليها بين بغداد وأربيل، من القرار.
خيبة أمل
المجلس العربي في كركوك ذكر في بيان صحافي أن «قرار إلغاء الحبر الانتخابي يعد إجراءً غير شفاف، ويثير مخاوف حقيقية من إمكانية التلاعب بإرادة الناخبين، لا سيما في كركوك، التي شهدت خلال الدورات الانتخابية الماضية تكراراً واضحاً للخروقات والشكاوى بشأن التلاعب بنتائج الانتخابات».
وأضاف أن «المجلس العربي، يشعر بخيبة أمل كبيرة من هذا القرار»، داعياً مجلس المفوضين في مفوضية الانتخابات، إلى «العدول عنه حفاظاً على الثقة المتبقية بالعملية الانتخابية، وضمان نزاهتها، وتعزيز الشفافية في يوم الاقتراع، لا سيما في محافظة كركوك».
كما طالب، حسب البيان، المفوضية بـ«الالتزام بتطبيق قرارات المحكمة الاتحادية الخاصة بتدقيق سجلات الناخبين قبل موعد الانتخابات المقبلة»، مبدياً استغرابه مما وصفه بـ«التسويف المتعمد لهذا الملف، الذي يشكل ضرراً بالغاً بالمكون العربي في المحافظة، بسبب استمرار إضافة أعداد كبيرة من الناخبين الكرد إلى سجلات الناخبين، مما ينذر بإحداث تغيير ديموغرافي خطير قد يؤثر على السلم الأهلي والتوازن المجتمعي في كركوك».
وختم بالتأكيد على «رفضه لأي إجراء من شأنه أن يضعف نزاهة الانتخابات أو يزيد من الشكوك المحيطة بها»، مشدداً على أن «العودة لاستخدام الحبر الانتخابي يمثل خطوة ضرورية للحفاظ على مصداقية الانتخابات وثقة الناخبين في نتائجها».
كذلك عبرت جبهة «تركمان العراق الموحد»، عن رفضها إلغاء الحبر المستخدم في يوم الاقتراع بالانتخابات، بسبب ما قالت إنه سيساعد على «التزوير»، مطالبة باستثناء محافظة كركوك من هذا الإجراء.
وقالت في بيان إن «قائمة جبهة تركمان العراق الموحد، تعرب عن استغرابها الشديد من القرار الصادر عن مجلس المفوضين والذي ينص على الغاء استخدام الحبر الانتخابي في العملية الانتخابية المقبلة».
وأضافت: «ففي الوقت الذي كان الشعب العراقي والكتل السياسية تنتظر من المفوضية اتخاذ اي اجراء كفيل بتعزيز الثقة والشفافية في العملية الانتخابية، فوجئنا أن مجلس المفوضين ألغى الحبر المستخدم يوم التصويت، مما يعيد إلى الذاكرة عمليات التزوير والتصويت المتكرر في محافظه كركوك».
وطالبت بـ«استثناء محافظة كركوك من هذا الإجراء لتعزيز الثقة بالعملية الانتخابية، وكذلك ضرورة تطبيق قرار المحكمة الاتحادية القاضي بتدقيق سجل الناخبين في كركوك وعدم التسويف في تطبيق هذه الإجراءات».
ويعد «الحبر الانتخابي» أحد أبرز الأساليب التي اتبعتها المفوضية في عموم الانتخابات التي شهدها العراق بعد عام 2003، للتأكد من إن الناخب قد أدلى بصوته يوم الاقتراع، عقب إتمامه سلسلة الإجراءات المُتبعة يوم التصويت (التأكد من بطاقته الانتخابية، تسلمه ورقة الاقتراع، الادلاء بصوته، وضع الورقة في صندوق التصويت، تغطية اصبعه بالحبر الانتخابي).
أربعة أسباب
في المقابل، حددت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، أربعة أسباب وراء اتخاذ قرار إلغاء استخدام الحبر الانتخابي
وقال رئيس الفريق الإعلامي للمفوضية، عماد جميل، للوكالة الحكومية، إن «رصانة البطاقة البايومترية والأجهزة المستخدمة إضافة إلى عوامل أخرى، أدت إلى انتفاء الحاجة لاستخدام الحبر الانتخابي الذي كان يستخدم سابقاً كدلالة على عدم الذهاب إلى محطة ثانية»، مبينا أن «القرار جاء للحفاظ على سرية الناخب».
فيما أشارت المتحدثة باسم المفوضية، جمانة الغلاي، الى أن «مفوضية الانتخابات مسيطرة على العملية الانتخابية، والعملية الانتخابية مؤمنة وضامنة لحقوق الناخبين وأصواتهم في يوم الاقتراع، من خلال الاعتماد على البطاقة البايومترية التي تتضمن في يوم الاقتراع مطابقة ثلاثية بين بصمة الأصابع العشرة للناخب في البطاقة مع بصمة الأصابع العشرة المخزونة في جهاز التحقق الإلكتروني، فضلاً عن بقية عمل الأجهزة الانتخابية، مع وجود الكاميرات التي ستربط بأجهزة التحقق، فضلاً عن كاميرات المراقبة في يوم الاقتراع»، موضحة أن «هذه العوامل أوجبت من خلالها انتفاء الحاجة للحبر الانتخابي».
وذكرت بأن «العملية الانتخابية بأجهزتها الانتخابية، أثبتت فاعليتها في جميع الانتخابات السابقة، وبالتالي إن حق الناخب محفوظ من خلال بطاقته البايومترية وتصويته يوم الاقتراع».
شكوك بإمكانية التلاعب… ومطالبة باستثناء المدينة من القرار
كذلك، أكدت المفوضية، إشراك مراقبة دولية واسعة لتعزيز شفافية الانتخابات وضمان نزاهتها.
رئيس الفريق الإعلامي للمفوضية، عماد جميل، تحدث لمحطّة محلية عن «إشراك مراقبة دولية واسعة لتعزيز شفافية الانتخابات»، مؤكداً أن «الاستعدادات مستمرة، وهو أهم ما بالاستعدادات للمفوضية هو إنجازها سجل الناخبين واستلام قوائم التحالفات وكذلك قوائم المرشحين، وهذا هو حقيقة الأساس للعملية الانتخابية التي تم إنجازها والحمد لله، والآن مستمرون في عملنا. نهاية تموز/ يوليو سوف ننهي عملية تدقيق المرشحين للتحالفات والأحزاب، وبعد ذلك سترفع القوائم للجهات المعنية لمعرفة الموقف القانوني لكل مرشح».
وأضاف: «أيضًا في الجانب الآخر بالنسبة للموارد البشرية التي تدير العملية الانتخابية وموظفي الاقتراع، نحتاج إلى 250 ألف موظف، والآن عدد المتقدمن ما يقارب الـ 800 ألف، لذلك ستجري عملية قرعة لاختيارهم ضمن معايير تضمن للجميع حقوق متساوية، لأن معظمهم موظفو دولة وطلبة جامعات وخريجون، وسيتم تدريبهم ضمن هرم تدريبي. اليوم المفوضية لديها ورش تدريبية على الأجهزة، لأن هناك إضافات في البرمجيات، أيضًا سنستخدم الكاميرا من ضمن جهاز التحقق للذين لم تظهر لهم بصمات أثناء عملية الاقتراع».
وعن الجانب الأمني، أشار إلى أن «هناك خطة عملياتية وضعتها اللجنة الأمنية العليا. من ضمن هذه الخطة هي تشكيل لجنة إعلامية، هذه اللجنة مهمتها إسناد المفوضية ودعمها في عملية الانتخابات، إضافة إلى ذلك المفوضية منفتحة على شركائها، وعقدنا الكثير من الورش مع منظمات المجتمع المدني، وهذه الورش أشرفت عليها منظمات دولية».
وفيما يتعلق بملف استبعاد المرشحين من السباق الانتخابي، أوضح أن الأسباب تتضمن «عدم توفر الشروط، لأن المرشحين الذين تم تقديم أسمائهم تبين بعد عمليات التدقيق أن هناك نقصاً في الوثائق المطلوبة، وهذا ما ألزم به نظام المرشحين رقم 3 لسنة 2025، وبذلك استبعدنا 46 مرشحًا ولربما هناك استبعادات أخرى، لكن يتم استبدالهم، أما بالنسبة لحملة الشهادات للقوائم التي تقدم 20٪ من الإعدادية أيضًا، وجدنا هناك خللا في عملية التوازن في هذا الجانب، واستبدلنا ما يقارب 11 مرشحًا من حملة الشهادات الإعدادية بحملة بكالوريوس، وكذلك بالنسبة لكوتا النساء ومراعاتها داخل القوائم تم استبدال 3 مرشحين بـ 3 مرشحات والعمل مستمر إلى نهاية تموز/ يوليو».
وتحدث جميل عن آلية تصويت النازحين في الانتخابات التشريعية المقبلة، مبيناً أنهم سيصوتون في «عدة مراكز انتخابية في مراكز النزوح، وأيضًا هناك إجراءات شديدة في هذا الموضوع بعد أن أكملت تحديث بياناتهم، والآن النازحون يمتلكون البطاقة البايومترية، أما النازحون خارج مناطق النزوح فسيصوّتون في محافظتهم التي تهجروا منها. بالنسبة لنازحي سنجار لديهم استثناء من هذا الأمر، فيصوتون داخل مراكز النزوح، وأيضًا في محل سكنهم في مراكز الاقتراع القريبة منهم»، مبيناً إن «المفوضية حريصة على أن تجري عمليات اقتراع النازحين مع التصويت الخاص يوم 9 تشرين الثاني/ نوفمبر».
إخفاقات
وبشأن الإخفاقات التي رافقت العملية الانتخابية السابقة، أفاد جميل بأن «أبرزها كان توقف برمجيات الأجهزة وعدم ظهور بصمة الناخبين، وهذه تمت معالجتها وفي انتخابات الإقليم في 2024. توقفات الأجهزة كانت شبه معدومة»، لافتاً إلى أن «البرمجيات تم تحديثها لجميع الأجهزة التي ستستخدمها في هذه الانتخابات، أيضاً لعدم ظهور البصمة ركبنا كاميرا مع عدة التحقق لسجل الناخبين البايومتري، وأيضاً من لم تظهر بصمته سنستعين بصورة للوجه، وبذلك سنضمن حقه بالتصويت في يوم الاقتراع».