دمشق: سلطت أعمال العنف في سوريا، بين الحكومة التي يقودها إسلاميون وأفراد من طائفة الدروز، الضوء على هذه الأقلية صغيرة العدد كبيرة التأثير.
ويحتل الدروز مكانة خاصة في المشهد السياسي المعقد في المنطقة، وينتشرون على امتداد الحدود بين لبنان وسوريا والأردن وإسرائيل وهضبة الجولان المحتلة.
واستخدمت إسرائيل حماية الدروز ذريعة لمهاجمة قوات الحكومة التي يقودها الإسلاميون هذا الأسبوع.
من هم الدروز؟
الدروز عرب يمارسون طقوسا دينية مشتقة من الإسلام، ويُحافظون على درجة من السرية في ممارسة شعائرهم الدينية، التي نشأت في القرن الحادي عشر، وتضم تعاليم من الإسلام وفلسفات أخرى، ويركزون على التوحيد والتناسخ والسعي وراء الحقيقة.
يعدهم متشددون سنة كفارا. ووصفهم الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع، وهو إسلامي كان ينتمي سابقا إلى تنظيم القاعدة، بأنهم جزء من النسيج السوري وتعهد بحماية حقوقهم في خطاب ألقاه اليوم الخميس.
نساء درزيات يسيرن بالقرب من السياج المؤدي إلى المنطقة العازلة في مرتفعات الجولان
أين يعيشون؟
يتركز دروز سوريا في الجنوب الغربي بمحافظة السويداء المحاذية للأردن، وفي مناطق من محافظة القنيطرة، قرب الجولان المحتل. ويقيمون كذلك في ضاحية جرمانا بدمشق. وفي إسرائيل، يتركز الدروز أساسا في الشمال والجولان المحتل. وفي لبنان، يتركزون في المناطق الجبلية، بما في ذلك الشوف وعاليه، وفي مناطق أخرى مثل قضاء حاصبيا في الجنوب اللبناني.
رجال دروز ينتظرون وصول رجال الدين الدروز السوريين إلى قبر النبي شعيب في شمال فلسطين المحتلة-14 مارس 2025
ما دورهم في السياسة الإقليمية؟
رغم كونهم أقلية صغيرة، فإن الدروز لعبوا في كثير من الأحيان دورا كبيرا في سياسات البلدان التي يعيشون فيها.
يبلغ عدد الدروز في إسرائيل 150 ألفا. وعلى عكس المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل، يخدم كثيرون من الدروز في الجيش والشرطة الإسرائيليين، بما في ذلك أثناء حرب غزة. ووصل بعضهم إلى رتب عالية، مما يعني أنه لا يمكن للقيادة السياسية الإسرائيلية تجاهل أصواتهم بسهولة.
في حين أن معظم الدروز في إسرائيل يعدون أنفسهم مواطنين إسرائيليين، فإن أكثر من 20 ألف شخص يعيشون في الجولان المحتل ما زالوا يعتبرون أنفسهم سوريين ولديهم روابط وثيقة مع عائلاتهم على الجانب الآخر من الحدود.
يرحب الدروز بالحافلات التي تقل وفدًا درزيًا من سوريا، أثناء عبورها خط وقف إطلاق النار في مرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل
وفي مواجهة دعوات من الدروز الإسرائيليين لمساعدة بني طائفتهم السوريين، ساق القادة الإسرائيليون حمايتهم سببا لمهاجمة سوريا مرارا هذا العام.
يُقدَّر عدد الدروز في سوريا بنحو مليون نسمة. ونظموا احتجاجات مناهضة لبشار الأسد بعد اندلاع الحرب عام 2011، لكن لم يكن هناك صراع يُذكر بينهم وبين دمشق التي ركّزت جهودها على قمع الانتفاضة في المناطق ذات الأغلبية السنية.
ومنذ الإطاحة بالأسد في ديسمبر كانون الأول، أشعل الاحتكاك مع السلطات التي يقودها الإسلاميون القتال مرات عدة.
وفي حين حث بعض زعماء الدروز على التسوية مع دمشق، جاهر آخرون بمناوأة الشرع، ولا سيما الشيخ حكمت الهجري، الذي حث على مقاومة القوات الحكومية ووجه مناشدات لزعماء العالم، وبينهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، خلال أعمال العنف هذا الأسبوع.
وتنتقد شخصيات درزية هذا النهج.
ورفض وليد جنبلاط، أحد أبرز الساسة الدروز في المنطقة، فكرة أن إسرائيل تحمي دروز سوريا. وحذر من دعوات الحماية الدولية، ودعا إلى الوحدة الوطنية السورية.
ما الدافع وراء التدخل الإسرائيلي؟
قصفت إسرائيل سوريا مرارا عندما كان الأسد في السلطة، سعيا إلى صد نفوذ إيران والجماعات المدعومة من طهران والتي انتشرت هناك لمساعدة الأسد في محاربة المعارضة المسلحة.
وصفت إسرائيل الحكومة السورية الجديدة بأنها تهديد “جهادي”، مؤكدة أنها لن تسمح لها بنشر قوات في جنوب سوريا. وأكدت إسرائيل رغبتها في تجنب أي حشد عسكري معاد على حدودها، مع تعهدها بحماية الأقلية الدرزية.
كما سيطرت القوات الإسرائيلية على أراض سورية مجاورة لهضبة الجولان المحتلة منذ ديسمبر كانون الأول.
وقال الشرع في كلمة بثها التلفزيون اليوم الخميس “الكيان الإسرائيلي الذي عودنا دائما على استهداف استقرارنا وخلق الفتن بيننا منذ إسقاط النظام البائد، يسعى الآن مجددا إلى تحويل أرضنا الطاهرة إلى ساحة فوضى غير منتهية، يسعى من خلالها إلى تفكيك وحدة شعبنا وإضعاف قدراتنا على المضي قدما في مسيرة إعادة البناء والنهوض”.
(رويترز)