الوثيقة | مشاهدة الموضوع - فايننشال تايمز: وسط انشغال العالم بغزة.. المستوطنون يخوضون حربًا “هادئة” لتهجير مجتمعات الضفة الغربية
تغيير حجم الخط     

فايننشال تايمز: وسط انشغال العالم بغزة.. المستوطنون يخوضون حربًا “هادئة” لتهجير مجتمعات الضفة الغربية

مشاركة » الأحد يوليو 06, 2025 10:38 am

3.jpg
 
لندن- “القدس العربي”: نشرت صحيفة “فايننشال تايمز” تقريرًا أعده جيمس شوتر قال فيه إن إسرائيل تخوض حربًا هادئة لتهجير الفلسطينيين في الضفة الغربية. مشيراً إلى البؤرة الاستيطانية في بلدة المعرجات، التي كان يقطنها عرب المليحات قرب مدينة أريحا. وقال إن المستوطنين اليهود قاموا، خلال العامين الماضيين، بحرق مسجد بلدة المعرجات، وهاجموا مدرستها، وسرقوا مواشي أهلها، لكن القشة الأخيرة جاءت ليلة الخميس، عندما دخل المستوطنون البلدة المنعزلة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بعد أيام من التحرش، حيث نهبوا الممتلكات، وأقاموا بؤرة استيطانية قريبة من البلدة، وطلبوا من السكان الرحيل.

سليمان مليحات: إنه شعور رهيب بأنك تخسر المكان الذي وُلدت فيه، حيث كان لديك مجتمع وقيم مشتركة وتحصل على معيشتك، لا أستطيع وصفه

وبحلول ليلة الجمعة، قرر من تبقى من سكان البلدة الـ 200 تفكيك بيوتهم الخشبية والمصنوعة من الصفيح، وحملوا الأثاث، وخزانات المياه، وأطر النوافذ في الشاحنات حيث واجهوا منظور التشرد.

وقال سليمان مليحات، 34 عامًا، أحد سكان القرية: “إنه شعور رهيب بأنك تخسر المكان الذي وُلدت فيه، حيث كان لديك مجتمع وقيم مشتركة وتحصل على معيشتك، لا أستطيع وصفه”. وأضاف: “المشكلة ليست مجتمعنا، اليوم نحن ولكن الكثيرين سيتبعون”.

وتضيف الصحيفة أن الهجوم على المعرجات، وهي بلدة معزولة في وادي الأردن، هو جزء من زيادة عنف المستوطنين منذ هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023.

وفي الوقت الذي ركز فيه العالم انتباهه على الحرب التي شنتها إسرائيل على غزة وحروبها مع “حزب الله” وإيران، عانت الضفة الغربية حالة حرب نفسها، فقد أدى عنف المستوطنين لتهجير عشرات المجتمعات القروية الصغيرة. كما سرعت حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية المتطرفة من وتيرة الحملة الإسرائيلية المستمرة منذ عقود لتشديد قبضتها على الأراضي الفلسطينية. وفي أيار/مايو، وافقت الحكومة الإسرائيلية على أكبر توسع للمستوطنات منذ عقود.

وفي الأسبوع الماضي، دعا أعضاء حزب الليكود، بزعامة نتنياهو، إسرائيل إلى ضم الضفة الغربية هذا الشهر.

في غضون ذلك، كثف الجيش عملياته ضد المسلحين في شمال الضفة بشكل حاد، ما أدى إلى تهجير عشرات الآلاف من الأشخاص، ورفع حصيلة القتلى الفلسطينيين في الضفة الغربية إلى أعلى مستوى لها منذ 20 عامًا.

وقد أثار الوضع المتدهور إدانة واسعة النطاق، حيث فرضت بريطانيا ودول أخرى عقوبات على مستوطنين متطرفين في حكومة نتنياهو، وسعى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى حشد الدعم الدولي للاعتراف بدولة فلسطينية. لكن حكومة نتنياهو لم تتراجع. بعد أن قال ماكرون في أيار/مايو إن الاعتراف بفلسطين “واجب أخلاقي”، تعهد وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، بأن إسرائيل ستشدد قبضتها على الضفة الغربية، التي احتلتها منذ عام 1967. وقال: “سيعترفون بدولة فلسطينية على الورق، وسنبني الدولة اليهودية الإسرائيلية على الأرض”، و”ستُرمى هذه الورقة في سلة المهملات التاريخية، وستزدهر دولة إسرائيل وتزدهر”.

ومن بين أبرز خطوات الحكومة الإسرائيلية الموافقة على بناء 22 مستوطنة جديدة- وهي غير قانونية بموجب القانون الدولي- والتي صادقت عليها في أيار/مايو. يعد هذا التوسع الأكبر منذ التسعينيات، ويشمل مستوطنات في مواقع يقول محللون إنها ستزيد من تقسيم الأراضي الفلسطينية المجزأة أصلًا. ونقلت الصحيفة عن مدير مركز “الأفق” إبراهيم دلالشة قوله إن “[التوسع] مصمم، على ما يبدو، بعناية لتقسيم الضفة الغربية وعزل القدس، والتخلص أساسًا من فكرة حل الدولتين برمتها”. وأضاف: “إنه عمل فعلي على الأرض لغرض محدد. إنه إستراتيجي”.

دلالشة: التوسع مصمم بعناية لتقسيم الضفة وعزل القدس، والتخلص أساسًا من فكرة حل الدولتين برمتها

وقد صاحبت هذه الخطوة دعوات متجددة من أعضاء ائتلاف نتنياهو لإسرائيل لضم الضفة الغربية رسميًا، والتي يسعى الفلسطينيون إلى أن تكون قلب دولة مستقبلية. ففي يوم الأربعاء، دعا 15 وزيرًا من حزب “الليكود”، الذي يتزعمه رئيس الوزراء، إلى القيام بذلك قبل انتهاء الدورة البرلمانية الحالية في وقت لاحق من هذا الشهر. ومع ذلك، يشكك دبلوماسيون في أن إسرائيل ستضم الضفة الغربية بأكملها في وقت قريب، لأسباب ليس أقلها أن ذلك سيعقد طموحات نتنياهو في تطبيع العلاقات مع العديد من الدول العربية والإسلامية.

لكنهم يقولون إنه لا يمكن استبعاد خطوة أصغر، مثل ضم بعض المستوطنات الكبيرة القريبة من إسرائيل رسميًا. وعلّق دبلوماسي عربي قائلًا: “بوجود ترامب في البيت الأبيض، كل شيء ممكن”.

لكن بالنسبة للفلسطينيين في القرى المعزولة، مثل المعرجات، والذين عانوا من هجرات متعددة، وشاهدوا ضم إسرائيل التدريجي الفعلي لأراضي الضفة الغربية الريفية ينهش أراضيهم لسنوات، فإن العنف مشكلة أكثر إلحاحًا. خلال الأشهر الـ 21 الماضية، ووفقًا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، نفذ المستوطنون أكثر من 2,500 هجوم في المنطقة، حيث اعتدوا على القرويين وخربوا الممتلكات وأتلفوا محاصيلهم. وفي حزيران/يونيو وحده، أدت هجمات المستوطنين إلى إصابة 95 فلسطينيًا، وهو عدد يفوق أي شهر آخر منذ عقدين.

وبالنسبة للنازحين، جلبت الهجمات صدمة لهم، وجهدًا كبيرًا للعثور على مكان جديد للعيش. لكنها قلبت أيضًا حياة أولئك الذين لم يفقدوا منازلهم، وفاقمت الضغوط الاقتصادية على المجتمعات الريفية في الضفة الغربية بعزلها عن مساحات شاسعة من الأراضي التي كانت تستخدمها للرعي أو زراعة المحاصيل. وفي الوقت نفسه، حرمت سرقةُ الماشية القرويين من مصدر دخل رئيسي. وحتى قبل نزوح هذا الأسبوع، لم يعد سكان القرية قادرين على الوصول إلى آلاف الدونمات، وهو ما يعادل حوالي 1,000 متر مربع من الأراضي الواقعة بين المعرجات وبلدة العوجا المجاورة، بسبب خطر هجمات المستوطنين، وفقًا لعارف دراغمة، الباحث الميداني في منظمة بتسيلم الإسرائيلية لحقوق الإنسان، حيث قال: “أصبحت منطقة مغلقة بالنسبة لهم”.

ويجري كل هذا وسط مناخ من الحصانة التي يتمتع بها المستوطنون، وهو ما يثير قلق السكان.

وأشارت الصحيفة إلى أن الهجمات، وإنْ تعززت وزادت بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر، إلا أنها كانت تحدث قبل ذلك، كما يقول مليحات: “كنا نتصل بالجيش والشرطة وكانوا يساعدوننا في وقف هذه الهجمات”، و”بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر، بدأت الهجمات تقع بشكل شبه يومي. وأصبح دور الشرطة والجيش ليس حمايتنا من المستوطنين، بل دعمهم وحمايتهم أثناء مهاجمتهم لنا”.

يسرائيل كاتس: سيعترفون بدولة فلسطينية على الورق، وسنبني الدولة اليهودية الإسرائيلية على الأرض. وستُرمى هذه الورقة في سلة المهملات التاريخية

ولا يأمل عرب المليحات من أي ضغوط دولية، بما فيها الجولة الجديدة من العقوبات والتهديدات من الاتحاد الأوروبي بتعليق الشراكة التجارية مع إسرائيل.

ومن بين المستوطنين المعروفين بعنفهم، وفرضت عليهم عقوبات في أيار/مايو، زوهر صباح، الذي يعيش في بؤرة استيطانية على بعد كيلومترين من المعرجات، والذي قالت بريطانيا في تصنيفها إنه متورط “في التهديد بارتكاب أعمال عدوان وعنف ضد أفراد فلسطينيين، وترويجها ودعمها”.

لكن السكان الفلسطينيين يقولون إن العقوبات لم تُحدث أي تغيير في سلوك صباح. وتقول منظمة بتسيلم إن صباح كان من بين مجموعة المستوطنين الذين دخلوا المعرجات هذا الأسبوع.

ويقول مليحات إن العقوبات التي فرضها المجتمع الدولي “مجرد إراحة ضمائرهم، ليتمكنوا من القول إنهم فعلوا شيئًا، لكنها في الواقع لا توقف أي شيء”، و”جزء من سبب خوفنا هو أن [الضغط علينا] ليس مجرد قضية مستوطنين. إنه مشروع، مشروع دولة: يريدون تهجيرنا من هذه المناطق، والمستوطنون هم إحدى أدوات تهجيرنا”.
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى تقارير