الوثيقة | مشاهدة الموضوع - داعين لنظام عربي موحد.. محللون وكتاب من مصر والأردن: لسنا كعكة تتقاسمها تل أبيب وواشنطن
تغيير حجم الخط     

داعين لنظام عربي موحد.. محللون وكتاب من مصر والأردن: لسنا كعكة تتقاسمها تل أبيب وواشنطن

مشاركة » الأربعاء يوليو 02, 2025 6:22 pm

7.jpg
 
استُقبل وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران بارتياح في مصر والأردن. ثمة سيناريوهان حذرت منهما القاهرة وعمان: الأول حرب شاملة متعددة الجبهات، والثاني تدهور لحرب استنزاف طويلة يرافقها ركود اقتصادي وأزمة طاقة. هذان سيناريوهان تم تجنبها حتى الآن. إضافة إلى ذلك، حتى لو لم تعترفا بذلك علناً، فالدولتان لا تقلقان من المس بالمشروع النووي الإيراني الذي يشكل أيضاً تهديداً استراتيجياً لهما.

مع ذلك، رافق هذا الارتياح قلق متزايد من تغيير ميزان القوة الإقليمي لصالح إسرائيل، ومن السياسة المتوقع أن تنتهجها الحكومة الإسرائيلية عقب الحرب. حسب التنبؤ السائد في مصر والأردن، فإن الإنجازات العسكرية لإسرائيل قد تمنحها الشعور بـ “الانتصار المبالغ فيه” وتؤدي إلى نشوة وثمل بالقوة، وتشجع قيادتها على تبني مقاربة استقوائية تشمل فرض “نظام إقليمي جديد” بدعم الإدارة الأمريكية، المنحازة لها. حسب رأي مصر والأردن، هذه الظروف قد تحث إسرائيل على تصعيد سياستها العنيفة في قطاع غزة وسوريا، وربما محاولة إسقاط النظام في إيران. إن الخوف الرئيسي الملموس إلى جانب النشاطات التي تقوض النظام الإقليمي، هو استغلال زخم الحرب للمضي بخطوات أحادية الجانب في الساحة الفلسطينية، مثل ضم مناطق، ونقل السكان إلى دول جارة، وتدمير الوضع الراهن في القدس. هذه الخطوات تعتبرها مصر والأردن خطراً على الاستقرار الداخلي فيهما، وتهديداً بتصفية القضية الفلسطينية على حسابهما، باعتبار ذلك مناقضاً لمواقفها المبدئية التي تطالب بإيجاد مسار لتسوية النزاع بين إسرائيل والفلسطيني حسب حل الدولتين.

تجدر الإشارة إلى أن خوف العرب من هيمنة إسرائيل الإقليمية غير جديد. أحد الأشخاص الأوائل الذين أشاروا إلى الحاجة لكبح مكانة إسرائيل في المنطقة هو وزير الخارجية المصري والأمين العام السابق للجامعة العربية، عمر موسى، الذي صاغ في منتصف التسعينيات رداً على هذه القضية بالسياسة الخارجية المصرية. المفهوم الذي صكه هو “تحجيم”، أي تقليص وتصغير دور إسرائيل، بحيث لا يتجاوز الوزن المطلوب. في المقابلة التي أجراها عمر موسى بمناسبة مرور سنة على الحرب الحالية، كرر الادعاء بأن إسرائيل تريد فرض سيطرتها على المحيط العربي.

نسبة الخوف في مصر والأردن من سيطرة إسرائيل ارتفعت جداً عقب نتائج الحرب بين إسرائيل وإيران. محللون وكتاب أعمدة في وسائل الإعلام الرسمية في الدولتين بدأوا في إسماع تعبيرات مثل “العصر الإسرائيلي الجديد”، “الحصرية الإسرائيلية”، “تغيير خارطة الشرق الأوسط”، “خطر وجودي على دول المنطقة” و”إخضاع المنظومة العربية”.

الصحافي والعضو في مجلس النواب المصري، مصطفى بكري، قدر بأن “هزيمة إيران ستمهد الطريق إلى سيطرة الصهيونية على العالم العربي كله… ما سيمكن من تجسيد حلم أرض إسرائيل الكاملة”. محرر صحيفة “الشروق” المصرية، عماد الدين حسين، قال رداً على تصريحات نتنياهو بشأن إعادة رسم الشرق الأوسط، بأنه في ظل غياب ردع إيران فهذا السيناريو قد يتحقق. رئيس لجنة الخارجية في البرلمان المصري السابق، مصطفى الفقي، حذر من أن محاولة إسرائيل تشكيل المنطقة وحدها، ستصعب قبولها بين جيرانها العرب.

في الوقت نفسه، محللون وكتاب أعمدة كثيرون في الأردن أشاروا إلى أن مواقف الحكومة الحالية في إسرائيل هي عامل يزيد المخاوف. وعبروا عن قلق من قيامها بأعمال تهدد مصالح الأردن الوطنية مباشرة. مثلاً، كاتب الأعمدة فهد الحيطان، قدر في عموده في صحيفة “الغد” بأن نتائج الحرب ستعطي اليمين المتطرف في إسرائيل الفرصة لتوسيع سياسة الاستيطان والتهويد في الضفة الغربية بهدف إفشال إقامة الدولة الفلسطينية، وهي خطوة ستؤدي إلى المزيد من العنف والتطرف وستمنع المضي بالسلام في المنطقة.

مثقفون في مصر والأردن يعتبرون الولايات المتحدة وإسرائيل شريكتين في “المؤامرة”، ويعتبرون نتنياهو وترامب “زعمين نرجسيين”، معنيين بفرض الهيمنة بقوة السلاح. في مقالات صحيفة “المصري اليوم”، كتب أن واشنطن و”القدس” تريدان توزيع كعكة السيطرة في الشرق الأوسط والعالم بينهما. رئيس رابطة الصحافيين السابق عبد المحسن سلامة، تساءل أي شرق أوسط يطمح ترامب ونتنياهو إلى تشكيله… شرق أوسط يخضع لسيطرة إسرائيل وإملاءاتها وعدوانها وتوسعها أم شرق أوسط يتمتع بالسلام الحقيقي والعادل ويشمل الاعتراف بحق الفلسطينية بالدولة المستقلة؟

مقابل تهديد إسرائيل المتزايد، تظهر في مصر والأردن نداءات لسياسة عربية منسقة، تخلق وزناً مضاداً أمام إسرائيل، وتستغل تأثير دول الخليج في واشنطن والعواصم الأوروبية. عضو مجلس الأعيان في مصر عبد المنعم سعيد، طالب في عموده في صحيفة “المصري اليوم” المضي بالحلم العربي للسلام في الشرق الأوسط، وعبر عن أمله بأنها مبادرة ستوضح لإسرائيل أن تغيير خارطة الشرق الأوسط برئاستها سيخلد الحروب.

شبيهاً بذلك، كتاب أعمدة في الأردن طالبوا الدول العربية بالتعاون لـ “قطع طريق قطار إسرائيل”، وخلق “نظام عربي جديد” يمكنه مواجهة البنية الجديدة للمنطقة، ويوقف “سيطرة إسرائيل”. الوزير الأردني السابق محمد أبو رومان، حذر من أن “هيمنة إسرائيلية إقليمية لن تجلب السلام أو الاستقرار، بل تزيد الأزمات والمواجهات والفوضى”.

التخوفات التي تسمع في القاهرة وعمان بعد انتهاء الحرب، تظهر المعضلة التي تقف أمام إسرائيل. فمن جهة، أن إضعاف إيران والمحور الراديكالي يعطي إسرائيل فرصة حقيقية لزيادة الضغط على حماس للتوصل إلى اتفاق على إنهاء الحرب وتحرير المخطوفين، وتجنيد الدول العربية المعتدلة للمساعدة في استقرار وإعادة إعمار قطاع غزة، وتوسيع دائرة التطبيع الإقليمية. ومن جهة أخرى، أن تجنيد شركاء عرب في هذه الخطوات سيجبر إسرائيل على الاعتراف بموقفهم وإعطائه الأهمية.

في الخطاب الذي ألقاه نتنياهو للجمهور الإسرائيلي بعد انتهاء الحرب، عبر عن أمله في فتح “محور سلام وازدهار مع شعوب المنطقة”. مفتاح تحقيق هذا التطلع لا يكمن فقط في استعراض القوة العسكرية أو فرض الإملاءات، بل في الامتناع عن السياسة التي قد تعتبرها الدول الجارة سياسة متغطرسة أو استقواء. إسرائيل ستحسن صنعاً إذا عملت على استئناف الحوار وتعزيز الثقة مع مصر والأردن، مع أخذ في الحسبان احتياجاتهما وتخوفاتهما، والعمل على صياغة سياسة متفق عليها معهما، بما في ذلك في القضية الفلسطينية.

أوفير فنتر وأميرة أورون

هآرتس 2/7/2025
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى المقالات