الوثيقة | مشاهدة الموضوع - حتى إسرائيل صمتت: هل بات ضرب إيران “وشيكاً”.. أم “لعبة ضغط”؟
تغيير حجم الخط     

حتى إسرائيل صمتت: هل بات ضرب إيران “وشيكاً”.. أم “لعبة ضغط”؟

مشاركة » الخميس يونيو 12, 2025 9:31 pm

بغياب موقف مباشر وصريح من الجانب الإسرائيلي، يبقى ترامب مصدر المعلومات الأساس بما يجري حيال إيران. تصريحاته شبه اليومية تتيح مقياساً متواصلاً لاحتمال الوصول إلى اتفاق جديد مع طهران، مقابل الإمكانيات في اجتثاث برنامجها النووي بهجوم عسكري.

أعرب ترامب في الأسابيع الأخيرة عن تفاؤل ما. ويبدو أن أقواله قبعت في أساس منشورات عن اتساع الفجوات بين واشنطن و”القدس”، في ضوء ميل إسرائيل لتفضيل خيار الهجوم. وذلك خوفاً من ألا يعطي الاتفاق الموقع جزئياً جواباً لعموم المسائل التي تقلق إسرائيل – المشروع النووي وإلى جانبه إنتاج ونشر الصواريخ والمُسيرات ودعم الإرهاب في المنطقة.

في الأيام الأخيرة، ازدادت المؤشرات على أن إيران تعارض هذه الاقتراحات الأمريكية أيضاً، والتي أثارت قلقاً في إسرائيل. يخيل أن الإيرانيين مقتنعون بأنه لا يزال لديهم مجال مناورة دبلوماسي مهم، قبل أن تنزلق الأطراف إلى مواجهة عسكرية. كما حرص الإيرانيون على التحذير من تداعيات مثل هذه المواجهة، عندما أوضح وزير الدفاع عزيز نصير زاده، بأن القواعد الأمريكية في الدول المضيفة ستتعرض هي الأخرى للهجوم.

للأمريكيين عدة قواعد في المنطقة – اثنتان بارزتان على نحو خاص: قيادة أسطول المنطقة المركزية الأمريكية في البحرين، وقاعدتهم الجوية المركزية في قطر، وإلى جانبهما وجود عسكري في دول أخرى، بما في ذلك إسرائيل حيث تنصب بطاريات اعتراض الصواريخ من طراز “ثاد” وأجهزة رادار.

مقياس ترامب

ليست هذه المرة الأولى التي تحاول فيها إيران منع هجوم على مصالحها من خلال تهديد مباشر على جنود أمريكيين. كل رئيس أمريكي يخاف من صور توابيت ملفوفة بالعلم القومي، وبينهم جنود سقطوا على أرض أجنبية وفي حروب أجنبية. هذه المشاهد كانت في امتناع الأمريكيين شبه الممنهج عن استخدام القوة في المنطقة في السنوات الأخيرة، ويمكن الافتراض بأنها ستكون في مركز المعضلة في واشنطن، المتمثلة بسؤال: هل يمنع هجوماً إسرائيلياً أم ينضم إليه أو الوقوف جانباً والاكتفاء بمساعدة غير مباشرة في شكل معلومات استخبارية، وإنقاذ ودفاع جوي؟

“مقياس ترامب”، أزاح العقرب باتجاه الهجوم، دون الإشارة من سيقف خلفها. في مقابلة مع “نيويورك تايمز” قال إنه “أقل ثقة” إزاء إمكانية تحقيق اتفاق مثلما كان قبل بضعة أشهر، وكرر قوله المعروف بأنه “سيكون جميلاً الوصول إلى إنجاز منع نووي إيراني بدون قتال، بدون أن يموت الناس”، لكنه أضاف بأنه يلحظ حماسة أقل في طهران للوصول إلى اتفاق.

بعض المحللين يرون في هذه الأقوال محاولة لممارسة الضغط على طهران قبيل جولة المحادثات القريبة التي من المتوقع أن تجرى الأحد في عُمان. قد نضيف إلى ذلك تقارير شبه علنية في إسرائيل عن جاهزية عالية لسلاح الجو للهجوم، أن جولات الهجوم الأخيرة على اليمن كانت تمهيداً “للأمر الحقيقي” في طهران.

فرصة نادرة

تشخص إسرائيل فرصة نادرة، قد لا تتكرر، لهجوم على إيران على خلفية سلسلة ظروف – تسريع سياقات تخصيب اليورانيوم الذي تجريه إيران في الأشهر الأخيرة؛ والضرر الواسع الذي لحق بمنظومات الدفاع الاستراتيجية لديها في هجمات سلاح الجو في السنة الماضية؛ والضرر الذي لحق بحزب الله وبالحلفاء الآخرين، باستثناء الحوثيين؛ وتعهد ترامب بعدم حصول إيران على سلاح نووي بكل حال – “في اتفاق أم بطريق آخر”، على حد قوله.

المسألة الأولى المتعلقة بتخصيب اليورانيوم يفترض أن تمنح إسرائيل تأييداً دولياً واسعاً في حالة اختيارها الهجوم. وحسب التقارير الأخيرة لوكالة الطاقة الذرية، فإن إيران تحوز 408.6 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب بدرجة 60 في المئة، كمية تكفي لإنتاج نحو 10 قنابل.

أمس، بعث مجلس أمناء الوكالة خروقات أخرى ارتكبتها إيران، وإمكانية فرض عقوبات متجددة. رسمياً، إسرائيل ليست طرفاً في هذه المحادثات، وإن كانت لها مصلحة كبيرة في الحفاظ على ائتلاف دولي قوي ضد إيران فيما تكون كل الأوراق على الطاولة.

فضائل ونواقص في نظر المستخدم

من يبحث عن مؤشرات أخرى كتلميح لما سيأتي، سيجدها في تحذيرات نشرتها بريطانيا أمس (حول المخاطر المحدقة بالسفن في الخليج الفارسي) والولايات المتحدة (التي تستعد لإخلاء السفارات في بغداد والبحرين والكويت، وربما أيضاً قواعد في المنطقة)، وكذا في صمت استثنائي لسياسيين إسرائيليين يكثرون من الحديث في كل موضوع وشأن، وهم اليوم يفرضون على أنفسهم الصمت إزاء المسألة الأهم.

في الأيام الأخيرة، وإن كان هناك استخدام هناك زائد لتهديد النووي الإيراني لإقناع الأحزاب الحريدية بألا تؤيد حل الكنيست، فإن جزءاً من هذه المحادثات تضمنت معلومات حساسة لسياسيين ومستشارين عديمي التصنيف وكثيري الثرثرة.

يبدو أن الحسم سيقع في نهاية الأمر في المحور بين ترامب ونتنياهو، الذي يفترض أن يزوج ابنه الإثنين القادم. التقارير التي نشرت في الأيام الأخيرة وإن بشرت بخلاف بين الرجلين، لكن من غير المستبعد أن تكون ستار دخان. فالأمريكيون يرون فرصة إقليمية واسعة لا تتضمن فقط المسألة الإيرانية، بل أيضاً إنهاء الحرب في غزة، وإعادة المخطوفين، وتحقيق خطتهم الكبرى بصفة إقليمية عظمى تتضمن تطبيعاً إسرائيلياً – سعودياً.

تميل إسرائيل لرؤية الفضائل التي يوفرها الهجوم على إيران. وفي الوقت نفسه، إبراز النواقص التي في إنهاء الحرب. وكما هو الأمر دوماً، الحياة أكثر تعقيداً؛ لأن الهجوم على إيران فيه نواقص، ولأن الاتفاق في غزة فيه نقاط إيجابية عديدة وعلى رأسها المخطوفون.

على خلفية ضعف الكابنيت والميل لإقصاء بعض الجهات عن المعلومات، وفي ضوء وزن استثنائي لمسائل على جدول الأعمال، نأمل بأن من بقي في الغرف المغلقة حيث تتخذ القرارات، يتحدث بشكل موضوعي وليس لغرض البروتوكول.

يوآف ليمور

إسرائيل اليوم 12/6/2025
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى المقالات