الوثيقة | مشاهدة الموضوع - الانتخابات العراقية تضع واشنطن وطهران في “اختبار” النفوذ
تغيير حجم الخط     

الانتخابات العراقية تضع واشنطن وطهران في “اختبار” النفوذ

مشاركة » الخميس نوفمبر 20, 2025 11:43 pm

اعتبر “معهد روسي” البريطاني، أن الانتخابات العراقية هي بمثابة “اختبار” للنفوذ الأميركي والإيراني، فبينما تشكل أولوية طهران وجود رئيس للوزراء يعمل على تحييد المطلب الأميركي لتفكيك الحشد الشعبي، فإن أولية واشنطن وجود رئيس وزراء متعاون في سياستها العراقية والاقليمية الى جانب تحقيق هدفين أساسيين، هما إضعاف إيران بتفكيك حلفائها ودفع اجندة السلام الشرق أوسطية، وضمان مصالح الشركات الأميركية في الوصول الى السوق العراقي وخصوصا النفطي.

وبعدما استعرض المعهد البريطاني في تقرير، نتائج الانتخابات التي حل فيها ائتلاف رئيس الوزراء المنتهية ولايته، محمد شياع السوداني في الصدارة، أشار إلى أن النتائج أفضت الى حصول قوى الإطار التنسيقي على المزيد من المقاعد، لافتا الى ان القوى الفاعلة الشيعية داخل الإطار، تحظى بتأثير كبير في الحشد الشعبي، المدعوم من إيران.

وفيما يتعلق باقليم كوردستان، أشار التقرير إلى أن أداء الحزب الديمقراطي الكوردستاني ضد منافسيه كان قويا، بينما نال حزب تقدم أعلى الأصوات في بغداد والمناطق السنية من العراق.

وفي حين قال التقرير ان الاحزاب الشيعية بدأت مداولاتها حول اختيار المرشح القادم لمنصب رئيس الوزراء بعد التقدم الملحوظ الذي حققه القوى المتحالفة مع ايران، إلا انه لفت الى وجود إشارات على انقسامات سياسية عميقة داخل الائتلافات الشيعية، مشيرا في الوقت نفسه الى أن الآفاق المحتملة أمام السوداني لنيل ولاية ثانية، ليست مضمونة.

‎وبينما تناول التقرير الخطوات الدستورية التي ستلي الانتخابات، وتتضمن 8 خطوات زمنية، ذكر بأن رئيس المحكمة الاتحادية العليا فائق زيدان لفت مؤخرا بأن 4 شهور هي الفترة المثالية قبل تولي رئيس وزراء جديد منصبه، إلا أنه من الناحية العملية، فإن العملية قد تطول أكثر من ذلك مثلما جرى بعد انتخابات العام 2021، وهو السيناريو الأسوأ.

وتابع التقرير أن الجدول الزمني الممتد قد يخلق مساحة للمساومات المكثفة بين الأحزاب والائتلافات، لكن الطول الزمني والاحتكاك السياسي بين السوداني وقوى الإطار التنسيقي، يمكن أن يزيد من تعقيد الأمور، خصوصا إذا سعى رئيس الوزراء الاسبق نوري المالكي وشركاؤه على شرذمة ائتلاف السوداني وتحريك دعاوى التنصت ضده، وهو ما قد يؤدي إلى تخريب فرصه في الحفاظ على رئاسة الوزراء.

‎وبحسب التقرير، فإن الانتخابات العراقية جاءت في وقت تواجه فيه إيران ضغوطا دولية كبيرة وتراجعا في “محور المقاومة” والنفوذ الاقليمي الايراني، وهو ما يمثل لحظة صعبة من الناحية الجيوسياسية، موضحا أنه مع ضعف العديد من حلفاء إيران والتخلص منهم في ساحة المعركة، فإن العراق أصبح يشكل الساحة المتبقية الأكثر قيمة للمحور الذي تقوده إيران.

ورأى التقرير ان بغداد هي بمثابة شريان حياة اقتصادي حاسم لإيران، مضيفا أن “الميليشيات المتحالفة معها ظلت بوضع جيد الى حد كبير بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 والصراعات التي اندلعت في المنطقة في العامين الماضيين”.

‎ولفت التقرير إلى أن إيران أمام مشهد سياسي شيعي مجزأ في العراق، يتوزع بشكل رئيسي بين القوى الفاعلة في الإطار التنسيقي وائتلاف السوداني والصدريين، مضيفا أن النتيجة المفضلة لإيران هي حدوث ترتيب شامل يأتي باثنين على الأقل من هذه المعسكرات الثلاثة باتجاه شراكة عمل سوية.

ولفت إلى أنه “المرجح حاليا ان تمنح طهران الأولوية لأطراف بالاطار التنسيقي”، مبينا أن “طهران قد لا تكون قادرة على دمج زعيم التيار الوطني الشيعي، مقتدى الصدر في صيغة حاكمة، لكنها ستسعى لضمان عدم ممارسته حق النقض على رئيس الوزراء المقبل”.

واضاف التقرير ان الصدر في المقابل، وبعد إدراكه بضعف نفوذ ايران، فإنه قد يعمل على تخريب العملية عبر وسائل مختلفة، بما في ذلك التظاهرات الشعبية.

واعتبر التقرير أنه في حال اعتمدت طهران اكثر على ممارسة النفوذ القسري والردعي من خلال جماعاتها بما في ذلك كتائب حزب الله، فان ذلك سيعزز من احتمال أن تتبنى واشنطن نهجا أكثر صرامة فيما يتعلق بالجماعات المسلحة في العراق، وهو ما من شأنه زيادة التكاليف السياسية والامنية لهذا التدخل.

ورأى التقرير أن الأولوية الأولى لإيران الان تتمثل في أن رئيس الوزراء المقبل، أما سيتمكن من تحييد طلب واشنطن بنزع سلاح الفصائل المدعومة من ايران، بما في ذلك تفكيك الحشد الشعبي، أو أنه في حال تعرضه للضغط، سيخفف من وتيرة أي من هذه التدابير.

ولهذا، قال التقرير ان إيران تفضل وجود رئيس وزراء متعاون تكون سلطته متوازنة ومقيدة بشكل فعال، من قبل حلفائها في الإطار التنسيقي.

‎لكن التقرير اشار الى انه في حال استمر اعتراض المالكي على السوداني، وجرى تهميش ائتلافه أو تحطيمه، فقد يظهر العديد من المرشحين لتولى رئاسة الحكومة، لتلبية مطالب كل من الاطار التنسيقي وإيران وربما الولايات المتحدة، ومن بين هؤلاء المرشحين رئيس جهاز المخابرات حميد الشطري.

وتابع أن ايران، بغض النظر عن مرشحها المفضل، فانها تسعى الى تعزيز المسار السياسي للعراق بشروط مواتية لمصالحها، حتى في الوقت الذي تواجه فيها خطر التصعيد الاقليمي مع اسرائيل ووقف اطلاق النار الهش بشكل متزايد في غزة ولبنان.

وبعدما لفت التقرير الى ان حركة أنصار الله اليمنية، بدأت في تقليص مواجهتها مع اسرائيل، اشار الى ان هذه التطورات تشير الى ان طهران تفضل خفض التصعيد على المستوى الإقليمي بينما تركز على تعزيز حلفائها في العراق واليمن ولبنان.

وفي المقابل، قال التقرير إن واشنطن تسعى الى التخلص من التواجد القوي للجماعات المدعومة من إيران، معتبرا أن انخراط الرئيس الأميركي دونالد ترمب في العراق يسعى الى تحقيق هدفين أساسيين، هما إضعاف طهران عن طريق تفكيك حلفائها مع دفع اجندته للسلام الشرق اوسطي، وضمان احتفاظ الشركات الاميركية بإمكانية الوصول بشكل كبير الى الاقتصاد العراقي، وخاصة قطاع النفط.

إلا ان التقرير رأى أنه “من غير الواضح كيف تعتزم واشنطن ترجمة أهدافها هذه إلى نتائج ملموسة، او ما اذا كانت تعطي الأولوية للضغوط الدبلوماسية والاقتصادية، او التحرك ضد الميليشيات، او عبر خليط من الاثنين معا”.

‎ورجح التقرير أن تنظر الولايات المتحدة الى دعم السوداني بشكل مشروط او بدلا من ذلك، الدعوة الى شخصية أكثر انحيازا الى الولايات المتحدة مثل عدنان الزرفي، مضيفا انه من المعتقد ان رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، حليف واشنطن خلال فترة ولايته، يحاول بنشاط القيام بدور سياسي في بغداد.

وختم التقرير بالقول انه “كلما كان رئيس الوزراء اكثر تقبلا للولايات المتحدة، تزايد احتمال ان يؤدي ذلك الى تخفيف توتر العلاقات بين بغداد وأربيل، فيما من المرجح ان يواجه العراق ضغوطا اقتصادية تتطلب مساعدات مالية غربية.
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى المقالات

cron