بغداد/المسلة: لم يعد سباق تشكيل الحكومة الجديدة مجرد تنافس بين معسكرين، بل تحوّل إلى اختبار واسع لحدود النفوذ داخل البيت الشيعي نفسه، بعدما اتّسع الشرخ بين رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وقيادات الإطار التنسيقي على نحوٍ غير مسبوق.
ويبدو أن الخلافات لم تعد محصورة في العلن، بل تمتد إلى كواليس تُظهر صراعاً متعدد الطبقات، حيث تشير قراءات المراقبين إلى أن الإطار يعمل بصمت لإعادة لملمة قواه عبر استقطاب شخصيات ثقيلة من داخل ائتلاف الإعمار والتنمية، في مسعى يهدف إلى رسم مشهد سياسي يقصي السوداني أو على الأقل يكبح محاولته لقيادة مرحلة جديدة بثقل مستقل.
و تتحدث مصادر سياسية مطلعة عن حراك مضاد يقوده السوداني لاستمالة قوى فاعلة داخل الإطار، الأمر الذي يفتح الباب أمام إعادة تعريف التحالفات الشيعية بما يتجاوز الحسابات التقليدية، خاصة مع تعزيز اتصالاته بالقوى السنية والكردية التي ترى في استمرار نفوذه ضمانة لتوازن القوى في البرلمان المقبل.
ولا يمكن نسيان أن التحركات المتسارعة تأتي بعد مؤشرات واضحة على تضعضع الثقة بين السوداني وقيادات الإطار، خصوصاً بعد تغيب رئيس الوزراء عن اجتماعات حساسة سبقت يوم الاقتراع، في خطوة رآها كثيرون محاولة لفك الارتباط الاستراتيجي مع مركز القرار داخل الإطار.
وتقول التقديرات السياسية المتداولة إن الخلاف ليس فقط على الاسم الذي سيتولى رئاسة الحكومة، بل على شكل النفوذ السياسي في السنوات المقبلة، وما إذا كان القرار سيظل بيد القوى التقليدية المقرّبة من طهران، أو سينتقل نحو صيغة أكثر استقلالاً.
ومن الضروري الإشارة إلى أن نتائج الانتخابات الأخيرة منحت جميع الأطراف فرصة لإعادة التموضع، لكنها لم تمنح لأي كتلة تفويضاً كاملاً يسهّل تشكيل الحكومة دون صفقات ثقيلة.
وتشير المراصد الانتخابية إلى أن المشاركة الشعبية، رغم محدوديتها، أسهمت في رسم خريطة سياسية معقدة، بينما تؤكد الأحداث على الأرض أن التنافس بات معركة إرادات تتجاوز مقاعد البرلمان لتلامس عمق القرار الإقليمي والدولي في بغداد.
وعلى صعيد آخر، يرى متابعون أن الانقسام الحالي قد يفتح باباً لولادة تفاهمات جديدة تعيد تعريف الثقل الشيعي في العراق، لكنّ احتمالات التصعيد تظل حاضرة بقوة.