الوثيقة | مشاهدة الموضوع - النفوذ الأمريكي يعود بثوبٍ دبلوماسي بعد سنوات التحالف العسكري
تغيير حجم الخط     

النفوذ الأمريكي يعود بثوبٍ دبلوماسي بعد سنوات التحالف العسكري

مشاركة » الاثنين نوفمبر 10, 2025 5:11 pm

يفيد تحليل المواقف الأخيرة بين بغداد وواشنطن بأن العلاقة بين الطرفين تمر بمرحلة إعادة تعريف هادئة أكثر مما هي أزمة انسحاب معلنة، إذ يبدو أن الخطاب الأمريكي الجديد لم يعد يتحدث بلغة التحالفات المؤقتة بقدر ما يذهب نحو تثبيت شراكات أمنية مستمرة، ضمن مقاربة أوسع تعيد تموضع الولايات المتحدة في المشهد الإقليمي دون إثارة ضجيج سياسي.

ويبدو أن واشنطن باتت تتعامل مع العراق كجزء من معادلة الردع الإقليمي، لا كساحة منفصلة، حيث تشير قراءات دبلوماسية إلى أن ما يجري ليس انسحاباً بل انتقالاً محسوباً نحو وجود أقل صخباً وأكثر تأثيراً، عبر اتفاقات ثنائية تضمن بقاء النفوذ الأمريكي ضمن أطر قانونية مشابهة لما هو قائم في دول الخليج.

ومن وجهة نظر محايدة، يعكس هذا التوجه رغبة أمريكية في تجنب الاصطدام مع القوى الداخلية العراقية التي تطالب بخروج القوات الأجنبية، مقابل الحفاظ على مصالح استراتيجية في بيئة إقليمية مشتعلة.

وتتحدث مصادر عراقية عن مساعٍ لتنسيق مشترك يوازن بين مطلب السيادة الوطنية والحاجة إلى دعم استخباري وأمني لا يزال ضرورياً في مواجهة التنظيمات المسلحة والتهديدات العابرة للحدود.

ولا يمكن نسيان أن تصريحات المبعوث الأمريكي الأخيرة حول “عراق بلا ميليشيات” جاءت كإشارة رمزية إلى أن معركة واشنطن لم تعد في الميدان العسكري فحسب، بل في بنية الدولة نفسها، حيث تحاول دفع بغداد نحو احتكار السلاح وبناء مؤسسات قادرة على ضبط الفصائل، وهي مهمة لا تخلو من حساسيات سياسية.

ومن الضروري الإشارة إلى أن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني يجد نفسه أمام معادلة دقيقة، إذ لا يريد أن يظهر بمظهر التابع، ولا أن يخسر الدعم الغربي في وقتٍ تشهد فيه المنطقة توترات متزايدة. وتؤكد الأحداث أن العلاقة بين الجانبين ستتخذ شكل “الوجود القابل للتكيّف”، أي حضور متغير في الشكل لكنه ثابت في الجوهر.

وعلى صعيد آخر، تشير المراصد السياسية إلى أن النقاش حول “الانسحاب” تحوّل إلى ورقة تفاوضية أكثر منه خياراً فعلياً، فيما تؤكد المؤشرات أن واشنطن تفضّل إعادة التموضع على الانسحاب، حفاظاً على توازن القوى في الإقليم. ومن زاوية أخرى، يبدو أن بغداد تسعى لاستثمار هذا التوجه الأمريكي لتقوية موقعها التفاوضي داخلياً وخارجياً، في محاولة لكتابة صيغة جديدة لعلاقة طويلة الأمد لا تقتصر على الأمن، بل تمتد إلى التنمية والدبلوماسية والاقتصاد.
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى المقالات