بغداد/المسلة: عادت أجواء التوتر لتخيّم مجدداً على العلاقة بين الحزبين الكرديين الرئيسيين في إقليم كردستان العراق، بعد فترة من الهدوء النسبي لم تدم طويلاً، وسط تصاعد الجدل حول تقاسم المناصب العليا، وعلى رأسها منصب رئاسة الجمهورية، الذي بات مرآة لصراع النفوذ بين السليمانية وأربيل في موسم انتخابي مثقل بالحسابات القديمة والجديدة.
وقال مراقبون سياسيون إن ما يحدث بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني ليس مجرد خلافٍ سياسي عابر، بل هو امتداد لصراع الهيمنة داخل الإقليم ومحاولة كل طرف تأمين موقعه في بغداد قبل أربيل.
الحزب الديمقراطي يحاول كسر احتكار الاتحاد الوطني لمنصب رئاسة الجمهورية، مستنداً إلى تفوقه العددي في آخر انتخابات برلمانية، فيما يصر الاتحاد على أن المنصب لم يكن منّة من أحد، بل ثمرة تفاهمات إقليمية ودولية أوسع.
وأكدت مصادر قريبة من مفاوضات تشكيل حكومة الإقليم أن الحوار بين الطرفين متوقف فعلياً منذ أسابيع، في ظل تمسك كل طرف بشروطه. وأفادت تلك المصادر بأن رسائل غير مباشرة جرى تبادلها بين قيادتي الحزبين تضمنت تهديدات مبطنة بالذهاب نحو تشكيل حكومة أحادية، ما اعتبرته أوساط كردية “تصعيداً انتخابياً” أكثر من كونه خلافاً استراتيجياً.
ورجّح محللون أن يكون التصعيد جزءاً من تكتيك انتخابي هدفه تعبئة الشارع الكردي، بعد أن كشفت نسب المشاركة المتدنية في الانتخابات الأخيرة عن فتور واسع في القاعدة الشعبية للأحزاب التقليدية.
الصراع الجاري يُستثمر إعلامياً لشدّ الأنصار واستعادة الزخم السياسي المفقود، في ظل تحولات إقليمية تقلّص من نفوذ بعض الأطراف التي كانت تمسك بخيوط اللعبة في أربيل والسليمانية.
واعتبرت آراء أكاديمية أن الصراع الكردي الداخلي بات انعكاساً لتوازنات بغداد أكثر من كونه نتاجاً لخلافات محلية، إذ يسعى كل حزب لتقوية أوراقه عبر التحالف مع القوى الشيعية أو السنية، فيما تراقب واشنطن وطهران المشهد بحذر، مع مؤشرات على إعادة توزيع النفوذ في شمال العراق.